اخبار المغرب

“كلنا إسرائليون” تصدم عدنان.. بنيس يتبنى “صبر المقاومة” وبلقزيز يتمسك بعروبة فلسطين

قال الإعلامي والكاتب المغربي ياسين عدنان إن المغاربة كانوا، بفطرتهم وبداهتهم، يعتبرون أنفسهم فلسطينيين، مضيفا أن ما يثير الصدمة اليوم هو سماع شعارات من قبيل “كلنا إسرائيليون” أو “تازة قبل غزة”، متسائلا: “من قال إن علينا أن نختار؟”.

وأكد عدنان، أن الموقف الوطني لا يضع تازة في مواجهة غزة، بل يشمل الاثنين معا. وأوضح أن من قال أن علينا أن نختار بين تازة وغزة يمكن أن نكون مع غزة ومع تازة ومراكش ومع أحفير ومع رام الله، اين المشكل”، لافتا إلى أن اللحظة الراهنة لم تعد لحظة خطاب منسجم أو وعي جماعي موحد”.

وسجل أن الحديث عن الغرب لم يكن يوما حديثا أحادي النظرة، حيث كان يُميز بين غرب صهيوني إمبريالي، وآخر ثقافي، يضم تيارات يسارية ومؤسسات فكرية بدت، في فترات سابقة، أكثر انفتاحا على القضية الفلسطينية. غير أنه بعد السابع من أكتوبر، تفاجأ الجميع، حسب تعبيره، بتوحد هذا الغرب، بمختلف أطيافه، على موقف واحد يسعى إلى إقصاء سؤال فلسطين، واختزال قضيتها، والمساهمة في تعتيم ممنهج على روايتها وحقوق شعبها.

جاء ذلك في كلمة لياسين عدنان خلال تسييره، ندوة بعنوان “الإبداع الفلسطيني في مواجهة سياسات المحو”، التي أطرها المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز والشاعر محمد بنيس،  ضمن فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، المنعقد بالرباط خلال الفترة الممتدة من 17 إلى 27 أبريل الجاري.

الإبداع وسياسات المحو

وتساءل مسير اللقاء عن مدى قدرة الإبداع على التأثير في ظل الهجوم الواسع الذي لا يقتصر على الآلة العسكرية الإسرائيلية، بل يشمل السردية الصهيونية المدعومة بإعلام غربي وصفه بـ”المتوحش”، وبرمجة دولية دقيقة تحرص على حجب الصوت الفلسطيني، حتى وإن كان خافتا. واستدل في هذا السياق بحادثة معرض فرانكفورت للكتاب، حيث رُفض تسليم جائزة مستحقة لكاتبة فلسطينية، وبما وقع مع الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي في باريس.

من جانبه، أكد الشاعر والأكاديمي محمد بنيس، أن حضور فلسطين في الوعي العالمي ازداد بعد أحداث السابع من أكتوبر، نتيجة للاختراق الذي حققته المقاومة الفلسطينية، رغم محاولات شطب اسم فلسطين من الخريطة الرمزية، سواء عبر سياسات إسرائيل أو عبر شركاء متواطئين، مضيفا ” لإسرائيل سيطرة كبيرة في العالم، إعلاميا وأكاديميا وسياسيا. ولا أتكلم الآن عن الجانب الاقتصادي.

وأوضح أن المرحلة الراهنة تتطلب ما سماه بـ”صبر كبير، لكنه صبر مقاوم”، معتبرا أن السياق العربي والعالمي تغيّر جذريا، سياسيا وفكريا وإبداعيا، ولم يعد شبيها بزمن غيفارا أو البندقية، مستحضرا موقف محمود درويش الذي رفض اختزال الشعر الفلسطيني في البندقية، مؤكدا أن هذا الأدب متجذر في الإنسان الفلسطيني وقضاياه، وهو ما يجب الحفاظ عليه وتطويره، متسائلا  بنبرة تأملية: “كيف يمكن للشعلة التي كانت استثنائية في تاريخنا الحديث أن تستمر؟ وبأية شروط؟”.

ورأى بنيس أن الإبداع الفلسطيني حقق منذ نشأته مكسبا استراتيجيا يتمثل في تثبيت الهوية الفلسطينية، التي لم تكن تلقائية في ظل خضوع فلسطين للحكم العثماني، واعتماد النخبة على هذه الدولة لمواجهة الخطر الصهيوني، مذكرا بالنماذج البارزة آنذاك روحي الخالدي، الذي مثّل قامة ثقافية كبيرة بحكم تكوينه المزدوج في اللغة والأدب الفرنسي ومكانته في مؤسسات الإمبراطورية العثمانية.

وأكد بنيس أن الأدب، وفي مقدمته الرواية، لعب دورا مركزيا في التعبير عن الهوية الفلسطينية، قبل أن تلتحق به باقي الفنون من تشكيل وسينما. منوه بالدور المحوري للجيل الإبداعي الذي برز قبل نكسة 1967، مستعرضا أسماء بارزة مثل محمود درويش، فدوى طوقان، سميح القاسم، إميل حبيبي، غسان كنفاني، وجبرا إبراهيم جبرا، مشددا على أن أعمالهم “حية بيننا إلى اليوم، ولا تُعد إرثا فحسب”.

واعتبر بنيس أن المرحلة التالية شهدت دفعا إضافيا من خلال صوتين كبيرين في الفكر والشعر، هما إدوارد سعيد ومحمود درويش، حيث ارتقى اسم فلسطين إلى مستوى الحضور العالمي، ليس فقط سياسيا بل أيضا عبر المسارات الإبداعية، في سياق مقاومة ثقافية رافقت المشروع الفلسطيني التحرري، لاسيما في مرحلة المقاومة المسلحة واليسار العربي.

عروبة فلسطين

من جانبه أكد المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز، أن عروبة فلسطين هي الأساس الصلب لوجودها،  مشددا على أن عروبة فلسطين هي “الرد القوي على المشروع الصهيوني الذي يتساءل عن وجود كيان اسمه فلسطين”، موضحا أن هذه العروبة هي التي تحدد هوية فلسطين، وقد حظيت بالتقديس في العالم العربي لقرون، قبل ظهور “المتطاولينّ الذين وصفهم بـ “الحشرات الخارجة من شقوق تداعي عمراننا السياسيّ.

وأضاف بلقزيز، “إذا كانت السياسات العربية  قد خانت عروبة فلسطين فإن الثقافة العربية  لا تزال متمسكة بعروبة فلسطين لذلك فلسطين حاضرة في الانتاج الثقافي العربي بجميع مكوناته، وحضورها تعبير عن انتمائها الأصيل إلى هذه المنظومة المرجعية التي هي الثقافة العربية”.

وأشار بلقزيز إلى أنه رغم مرور أكثر من سبعة عقود على “الجرائم الصهيونية” التي وصفها بأنها “تتناسل كالفطريات”، ورغم “العمليات الوحشية والإبادة الجماعية”، فإن المشروع الصهيوني لم يستطع أن ينعم بالاستقرار في مواجهة الشعب الفلسطيني، مشيدا بصمود “ثلاثة أجيال من المقاومة المتلاحقة” التي واجهت هذا المشروع “الاقتلاعي الهمجي”، وتمكنت من إرساء “خط دفاعي” قوي تمثل في “الشخصية الوطنية الفلسطينية” المستقلة والثابتة في وجه كل السياسات الهادفة إلى طمسها.

 

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *