كلفة العلاجات في المصحات تتضاعف 5 مرات مقارنة بالمستشفيات

قال أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إن “متوسط كلفة تحمل ملف صحي واحد في القطاع الخاص قد يفوق أحيانا نظيره في القطاع العام بـ5 مرات”، مرجعا ذلك إلى “غياب بروتوكولات علاجية ملزمة (Protocoles thérapeutiques opposables)، مما يؤثر سلبا على الاستدامة المالية لمنظومة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض”، وزاد: “أما بالنسبة للدعم الاجتماعي المباشر، فلا يزال الاستهداف الدقيق للمستفيدين والتحقق من صحة المعطيات المدلى بها يشكل تحديا ينبغي رفعه لإنجاح هذا البرنامج وتعزيز نجاعته”.
وأورد الشامي، خلال فعاليات المنتدى البرلماني الدولي التاسع للعدالة الاجتماعية المنظم اليوم الاثنين من لدن المجلس الذي يرأسه ومجلس المستشارين، أن “أنظمة التقاعد، وإن بدرجات متفاوتة، تواجه تحديات مرتبطة بالتوازنات المالية والاستدامة، إضافة إلى ضرورة ضمان الإنصاف بين مختلف الفئات، بما يتيح لها القدرة على الصمود أمام التقلبات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية، مع الحفاظ على المكتسبات وحقوق الأجيال المقبلة”.
وشدد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على “ضرورة الأخذ في الاعتبار التحولات الديموغرافية المتسارعة التي كشف عنها الإحصاء الأخير للسكان والسكنى، خاصة تنامي ظاهرة شيخوخة السكان”، وتابع: “فمع تراجع معدلات الولادة وارتفاع متوسط العمر، يزداد الضغط على أنظمة التقاعد؛ مما يستدعي تبني إصلاحات تأخذ بعين الاعتبار هذه التحولات لضمان توازنها المالي واستدامتها على المدى البعيد”.
وبخصوص التعويض عن فقدان الشغل، أشار المسؤول المغربي إلى وجود “تحديات أساسية عديدة تواجه هذه المنظومة، لاسيما من حيث تيسير شروط الأهلية للاستفادة من التعويض، وملاءمة نسب التعويض لمستوى المعيشة، وتمويل آلية التعويض عن فقدان الشغل بشكل مستدام ومنصف”، وزاد: “إصلاح الحماية الاجتماعية ليس إصلاحا قصير الأمد، وإنما يتطلب إنجاز توقعات ودراسات اكتوارية (études actuarielles )على المديين المتوسط والطويل”.
ومن أجل استكمال “التنزيل الأمثل لهذا الورش المجتمعي وتحقيق غاياته الإنسانية الطموحة”، ذكر الشامي أن المجلس الذي يرأسه يقترح عددا من التوصيات تهم الركائز الأساسية لمنظومة الحماية الاجتماعية؛ أولاها بخصوص تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، إذ يوصي المجلس بإرساء نظام إجباري موحد قائم على التضامن والتكامل والالتقائية بين مختلف أنظمة التأمين التي يتألف منها”.
كما شدد المتحدث على الحاجة إلى تعزيز هذا الورش “بنظام تغطية إضافي تكميلي complémentaire واختياري facultatif تابع للقطاع التعاضدي و/أو التأمين الخاص، مع العمل بشكل مواز على تسريع وتيرة تأهيل العرض الصحي الوطني، بما يرفع جودة وجاذبية القطاع العام، ويحافظ على مكانته المركزية ضمن عرض العلاجات”. وأكد أنه “لضمان نجاح هذا البرنامج وتعزيز استدامة توازنه المالي، يتعين التركيز بشكل خاص على إيلاء أهمية قصوى للاستهداف الدقيق للمواطنات والمواطنين الذين يستحقون الدعم فعلا”. هذا بالإضافة إلى “التحقق من صحة المعطيات المدلى بها، لتفادي أن يتحول هذا الدعم إلى نوع من الاتكالية الاقتصادية الدائمة assistanat، بدل البحث عن فرص لتحقيق الاستقلالية الاقتصادية للمستفيدين”.
وتابع: “بخصوص توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد نوصي بتوحيد أنظمة التقاعد، من خلال إحداث نظام معاشات وطني إجباري أساسي، معزّز بدعامتين؛ أولها تكميلي إجباري موجه إلى المداخيل التي تفوق السقف المحدد في النظام الأساسي، ونظام فردي اختياري”.
كما تداول رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في كلمته مجددا مسألة التعويض عن فقدان الشغل، وأوصى بـ”العمل على وضع نظام للتأمين عن فقدان الشغل خاص بالعاملين الأجراء، مع تحسين شروط الولوج والاستفادة من هذه الآلية”، مبرزا الحاجة إلى “نظام للتأمين عن فقدان الشغل لفائدة العاملين غير الأجراء، يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف المهن”، وزاد: “نرى أن هذه الإصلاحات كفيلة بالمساهمة في ضمان إنجاح ورش تعميم الحماية الاجتماعية ببلادنا”.
وأورد المتحدث: “إذا كانت حصيلة الورش إيجابية بشكل عام إلى حد الآن، بالنظر إلى التقدم الملموس الذي تحقق على أرض الواقع، فإن التحديات تقتضي الانكباب عليها لضمان تجاح هذا الورش على النحو الأمثل”، مذكرا بأنه “لا يزال أكثر من 8 ملايين من المواطنات والمواطنين خارج دائرة الاستفادة من التأمين الاجباري الأساسي عن المرض، إما لعدم تسجيلهم في منظومة التأمين، أو لوجودهم، حتى وإن كانوا مسجلين، في وضعية “الحقوق المغلقة” (droits fermés)”.
المصدر: هسبريس