كسكس “داري” .. زوبعة في “قصعية”
الشركة المنتجة لكسكس “داري” عبرت عن التزامها الاجتماعي وحسها الوطني والإنساني، وكذلك المستهلك المغربي الذي عبر عن حس بالمسؤولية وبنبل الأهداف، وبفضلهما معا تم تجاوز عثرة وأصبحت المشكلة مجرد زوبعة في “قصعية”.
تفاعلت الشركة المنتجة لكسكس “داري” مع الدعوات للمقاطعة التي أطلقها عدد من المواطنين في إطار التضامن الإنساني مع الشعب الفلسطيني وسكان غزة وهم تحت نيران الحرب والتجويع. وقد كان تفاعل الشركة سريعا وحضاريا وذا حمولة إنسانية.
الشركة نفت تماما أن تكون قد عقدت أي اتفاق مع أي جهة إسرائيلية لتوريد كسكس “داري”، وأكدت أنها لم تعقد لا مؤخرا ولا سابقا مع أي جهة إسرائيلية أي اتفاق في هذا الإطار.
وأعلنت شركة “داري” أنها أوقفت تصدير منتجاتها نحو إسرائيل، وأرجعت ذلك إلى “الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بالقيم الأساسية للأخلاق والمسؤولية الاجتماعية وفي مواجهة المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني”.
الشركة تدرك تماما أن المستهلك المغربي من أهم أسباب نجاحها وتفوقها وانتشارها عالميا، وأن رصيدها هو المواطن المغربي واجتهادها. لكنها أشارت كذلك إلى ما هو أبعد من الحسابات المالية، وهو ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية التي تميز المقاولات ذات الالتزام الاجتماعي عن غيرها.
المقاطعة من جانبها هي فعل حضاري يعبر عن الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية من طرف الأفراد والمجتمعات كلما كانت دوافعها غايات إنسانية نبيلة، وليس الإيذاء والتدمير المجاني أو الحروب بالوكالة بين العلامات التجارية عن طريق الافتراء والكذب.
كلما كانت دوافع المقاطعة إنسانية واجتماعية، صبت في خانة تطوير الأمم. القوانين والدول نفسها تتطور بفضل هذا الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية. رفض شراء منتجات تعتمد في تصنيعها على تدمير البيئة أو قتل وتعذيب الحيوانات مجانا، رفض التعامل مع “ماركات” لا تقوم بتشغيل الناس في ظروف العبودية واللا إنسانية وتشغيل الأطفال …
المقاطعة بهذا المعنى سلوك حضاري يعطي للإنسان فرصة صنع التغيير ورفض العبودية والظلم والقهر وتدمير البيئة والمساس بحقوق الإنسان والحيوان، وفرض قوة المستهلك واختياراته التي يمارسها بكل حرية ومسؤولية.
على الشركات مسؤوليات اجتماعية يجب أن تتحملها، وليس استحضار فقط منطق البورصة، وهذا توجه عالمي اليوم لجعل السوق مكانا يحقق كل أهدافه في احترام تام للضوابط المجتمعية. وعلى المستهلك كذلك مسؤولية التمحيص في الأسباب والحقائق قبل اتخاذ القرارات، والالتزام بالغايات الإنسانية النبيلة.
المقاطعة فعل حضاري مسؤول وواع للرقي بالمعاملات التجارية نحو الأسنة، وليست فعلا لتصفية الحسابات بين الشركات أو الإضرار بالمجهود الاستثماري الذي يفتح بيوتا وعائلات عدة ويساهم في تطور الاقتصاد الوطني. وقد أظهرت الواقعة الأخيرة أنه حين تحضر المسؤولية المجتمعية عند المقاولة والحس الوطني لدى المستهلك، فإن المشاكل يتم تجاوزها بسرعة.
شركة كسكس “داري” قامت بتوضيح الحقائق وعبرت عن التزامها الاجتماعي وحسها الوطني والإنساني، وكذلك كان مع المستهلك المغربي. قلب المغاربة مع القضايا الإنسانية العادلة وضد الظلم والتقتيل والحروب والتجويع، وفي مقدمتها قضية فلسطين وغزة التي يتألم لحالها العالم الحر أجمع.
المصدر: هسبريس