كرامتنا تُدهس في الحافلات”.. مستخدمو “إيصال المدينة” بتطوان يطلقون “صرخة استغاثة

قالوا: نشتغل في ظروف تقنية خطيرة تهدد سلامتنا وسلامة الركاب
عاد ملف النقل الحضري بعمالتي تطوان والمضيقالفنيدق إلى الواجهة مجددا، بعدما وجه أزيد من 320 من سائقي ومستخدمي شركة “إيصال المدينة المفوض لها تدبير قطاع النقل العمومي بالمنطقة مراسلتين إلى عامل إقليم تطوان ورئيس المجلس الجماعي، يكشفون فيهما عن أوضاعهم المزرية وظروفهم الخطيرة في الحافلات، وفق المراسلة.
وأطلق مستخدمو الشركة ما يشبه “صرخة استغاثة” بشأن ظروف عملهم، مشيرين إلى أنهم يشتغلون برواتب هزيلة ومتأخر، وعقود عمل مؤقتة، وغياب نظام التغطية الصحفية “َAMO”، محذرين من “ظروف تقنية خطيرة تهدد سلامتنا وسلامة الركاب، بسبب أعطاب متكررة وانعدام الإصلاح” بحسب تعبيرهم في المراسلتين اللتين تتوفر “العمق” على نسخة منهما.
وشركة “إيصال المدينة” المكونة من الشركة المغربية للنقل “ساتيام” وشركة “Transdev Maroc”، تدبر منذ نونبر 2023، قطاع النقل الحضري بمدن تطوان، مرتيل، المضيق، الفنيدق، وادلاو، والجماعات القروية التابعة لها، ضمن مرحلة انتقالية عقب انتهاء عقد الشركة السابقة “فيثاليس”.
وسجل المستخدمون “جملة من الاختلالات والتجاوزات التي نعيشها بشكل يومي، والتي أثرت بشكل بالغ على أوضاعنا المهنية والاجتماعية، كما تهدد جودة الخدمة العمومية المقدمة للمواطنين”، وذلك “رغم التزامنا المهني الكامل، وتحملنا المسؤولية بكل تفان، خاصة خلال هذه المرحلة الانتقالية التي ساهمنا في إنجاحها، إلا أننا نصطدم بواقع مهني مزر تميزه غياب ابسط شروط الكرامة والعدالة”.
ويطالب المستخدمون بإقرار راتب قار ومعقول يتماشى مع تكاليف المعيشة اليومية، مشيرين إلى أن “الأجور الحالية لا تكفي لتغطية الحد الأدنى من متطلبات الحياة، بل إنها لا تحترم حتى الحد الأدنى القانوني للأجور، وقد تفاقم الوضع مؤخرا بعد أن لم نتوصل بأجورنا إلا بعد عيد الفطر، وهو ما حرمنا من فرحة العيد مع أسرنا، لنتفاجأ بعد ذلك برواتب ضعيفة جدا”.
وفي هذا الصدد، طالب المستخدمون بإلغاء نظام العقود السنوية المؤقتة ونظام شركة المناولة، والعمل على تمكين المستخدمين من عقود عمل مباشرة ودائمة مع الشركة المفوض لها تدبير القطاع، تحقيقا للأمن الوظيفي والاستقرار الاجتماعي.
وشددوا على ضرورة إعادة تفعيل نظام التغطية الصحية الأساسية (AMO) ، رافضين تأمين “أكسا” الذي “لم يقدم أي فائدة تذكر لزملائنا المرضى، إذ لم يستفيدوا منه في شيء، مما تسبب في معاناة حقيقية للبعض، بل إن أحد زملائنا وافته المنية مؤخرا نتيجة عدم قدرته على العلاج بسبب غياب التغطية الصحية وتردي وضعه المالي”.
وحذروا من أنهم يشتغلون في ظروف تقنية خطيرة تهدد سلامتهم وسلامة الركاب، بسبب أعطاب متكررة وانعدام الإصلاح، دون أن يتلقوا أي مكافات أو دعم، مطالين في هذا الإطار بالقيام بالصيانة الدورية للحافلات، بحسب المراسلتين.
وبخصوص العمل الليلي، كشفوا أن عددا من العمال يشتغلون من الساعة العاشرة ليلا إلى السادسة صباحا دون الاستفادة من التعويضات الخاصة بالعمل الليلي، كما تنص على ذلك مدونة الشغل، وهو ما يؤثر سلبا على صحتهم الجسدية والنفسية في ظل غياب أي مقابل مادي إضافي.
والأدهى من ذلك، يضيف البلاغ، “أن الشركة تقوم بتهديدنا بالطرد المباشر في حالة مخاطبتنا للسلطات أو كشف هذه الحقائق، وتلقي باللوم على السلطات المحلية والوزارة الوصية، مدعية أن الوضع الحالي ناتج عن أوامر من فوق، وأنه لا يمكنها تغيير أي شيء دون توجيهات من الجهات المفوضة”.
وناشد المستخدوم عامل إقليم تطوان ورئيس المجلس الجماعي، التدخل العاجل لضمان كرامة المواطن وتحسين ظروف الشغيلة، عبر “رفع الحيف عنا، ووضع حد لهذا الاستهتار بحقوقنا وكرامتنا، واتخاذ ما ترونه مناسبا من الإجراءات لإنصافنا وتحقيق مطالبنا العادلة والمشروعة” وفق تعبيرهم.
واعتبروا أنهم كعمال لا يسعون إلى خلق الفتنة أو الإضراب أو توقيف العمل، “فنحن فقط نسعى لأن نشتغل داخل بيئة حسنة، تراعي المصالح الشخصية والعامة”، ملتمسين العمل على تفعيل مسطرة انتخاب مندوب العمال، من أجل تسهيل التواصل بين المستخدمين من جهة، والشركة والسلطة المفوضة من جهة أخرى.
يُشار إلى أن مؤسسة التعاون بين جماعات الشمال الغربي التي يرأسها رئيس جماعة تطوان، كانت قد منحت شركة “إيصال المدينة” عقد تدبير قطاع النقل الحضري بالمنطقة، منذ نونبر 2023، وذلك ضمن عقد مؤقت يمتد إلى سنة، مع قابلية تجديده لمدة أخرى لا تتجاوز سنة.
إضراب جزئي
وشهر يناير المنصرم، خاض مجموعة من عمال شركة “إيصال المدينة” إضرابا جزئيا عن العمل، احتجاجا على تقليص رواتب المستخدمين وعمليات الطرد التي يتعرض لها بعض السائقين.
وأفاد مصدر من عمال الشركة، بأن حوالي 20 حافلة توقفت عن العمل، ظهر الخميس، فيما توجه سائقوها صوب إدارة الشركة من أجل طلب إجراء حوار مع مديرها، لمناقشة مطالبهم المتمثلة في وقف تقليص رواتب المستخدمين وإنهاء عمليات طرد السائقين بسبب “أخطاء بسيطة”.
وكشف مصدر “العمق” أن السائقين المحتجين أجروا حوارا مع مدير الشركة ونائبه، حيث أبرزوا أن المشكل الرئيسي يكمن في نظام “البوانتاج” الذي لا يحتسب بداية ساعات العمل مع التحاق العمال إلى مستودع الشركة، بل مع خروج الحافلات من المستودع، وهو ما يتسبب في تقليص رواتبهم بشكل ملحوظ.
وأشار المصدر إلى أن الشركة تفرض على السائقين الالتحاق بمستودعها على الساعة الخامسة صباحا، في حين أن خروج الحافلات يبدأ ما بين 5:35 و7:20 حسب كل خط، وهو ما يعني عدم احتساب مدد زمنية تصل أحيانا إلى حوالي ساعتين، يوميا، ضمن ساعات العمل، ونفس الأمر بالنسبة لبداية فترة العمل المسائي، وبالتالي ضياع عشرات الساعات شهريا.
وبحسب مصدر ، فإن نفس الأمر ينطبق على نظام “البوانتاج” في نهاية العمل، حيث تنتهي ساعات العمل مع تقديم السائقين لمداخيل اليوم، رغم أنهم يظلون بالمقر في انتظار حافلات نقلهم إلى منازلهم، والتي تتأخر أحيانا إلى ساعة ونصف”.
وأوضح المصدر ذاته، أن السائقين يعتبرون أن هذا النظام المعتمد من طرف الشركة، من المفروض أنه لا يلزمهم بالالتحاق بمستودع الشركة إلا قبيل انطلاق الحافلات، وليس قبل ذلك بساعة أو أكثر، مشيرا إلى أن هذا النظام لم يكن معتمدا من طرف الشركة السابقة.
وبخصوص النقطة الثانية التي دفعت السائقين للإضراب الجزئري، فتتجلى في وقف عمليات طرد السائقين بسبب أخطاء ومخالفات بسيطة لا ترقى إلى مستوى اتخاذ عقوبات قاسية تصل إلى التوقيف المؤقت عن العمل، وأحيانا الفصل النهائي، وفق تعبير المصدر ذاته.
وتابع المتحدث أن “تلك المخالفات البسيطة تقع بالخطأ وتحت الضغط الذي يعيشوه السائقون، خاصة ضمن الخطوط المكتظة، على رأسها اكتشاف بعض التذاكر غير المؤدى عنها، أو استعمال الهاتف، أو حوادث سير بسيطة”، مشيرا إلى عدم وجوب إثباتات صريحة على تلك الأخطاء.
ووفق المصدر ذاته، فإن رواتب العمال شهدت انخفاضا لافتا مقارنة بالشركة السابقة، لافتا إلى أن حوالي 260 سائقا يعملون بالشركة، أبدوا استعدادتهم لخوض أشكال تصعيدية في حال لم تتفاعل الإدارة إيجابًا مع مطالبهم، إلى جانب التقنيين والمراقبين.
المصدر: العمق المغربي