كتاب يهتم بالصلات الحضارية لسجلماسة
تتجدد العودة إلى تاريخ “قاعدة بلاد المغرب” و”دار الملك بها، قبل فاس”، سجلماسة، حيث يهتم كتاب جماعي جديد بالصّلات العلمية والحضارية لهذه الحاضرة البائدة بالحواضر العالمية.
هذا الكتاب الصادر عن “المركز المغربي للعناية بالتراث العلمي والحضاري السجلماسي”، نسّقه الباحثون أبو بكر الهلالي وحسن امحارزي وعبد العزيز ديدي، ويقول إن سجلماسة قد تميزت بـ”صبغة حضارية خصبة، جعلتها محورا للتواصل الحضاري، العلمي والثقافي والعمراني والسياسي… ومصدرا للاستقطاب البشري والإثني”.
هذه “الخصوبة” تأتت، وفق الكتاب، من “اختلاف مشارب المتوالين على حكم سجلماسة، خوارج وشيعة وسنة، ومن تعدد الأصول الإثنية لسكانها عربا وأفارقة وأندلسيين، ومن كونها مركزا له أهميته الكبرى في التجارة الدولية، ومحطة من المحطات الكبرى في طريق الحرير والذهب، وطريقا لرحلات الحج، وروضة غنّاء تجذب العلم والعلماء”.
وتحضر في هذا الكتاب دراسات كل من الباحثين: أحمد الصديقي، أحمد الشرقاوي، لحسن تاوشيخت، سعيد عبيدي، لخلافة بوعلي، عثمان لمراني علوي، محمد امراني علوي، محمد المرتضي، عبد العزيز ديدي، أبوبكر الهلالي، أبو زكرياء محمد صغيري الفيلالي، عبد الواحد الهاروني علوي، حسن امحرزي، عبد العزيز بلبكري، عبد العالي المتليني، مولاي الزهيد علوي، محمد اصبيحي، ومحمد علوي بن الشاد.
ويهتم الكتاب الجماعي بجدلية المركز والهامش بين سجلماسة الحاضرة وتافيلالت الحاضنة، وعلم الآثار في سجلماسة، والتساكن الاجتماعي والمشترك العمراني ومقاومة المعتدي بها، والصلات الدينية والعلمية بين علماء سجلماسة وعلماء سوس والأندلس وعواصم وحواضر أخرى.
كما يتطرق الكتاب إلى الرحلة بين تافيلالت وإليها، وأثرها في التنمية وتعزيز التفاعل والتواصل الثقافي والحضاري، من خلال مجموعة من الكتابات الرِّحلية.
ومن بين ما ورد في الكتاب، ما ذكره لحسن تاوشيخت، الأستاذ بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، من كون منطقة تافيلالت قد عرفت “بناء إحدى المدن الإسلامية الأولى بالمغرب (سجلماسة)، وأول دولة مغربية مستقلة عن الخلافة المشرقية (إمارة بني مدرار الخارجية الصفرية)، توفرت على كل المقومات التي جعلتها قبلة استقطبت أجناسا متنوعة، وملتقى لمختلف المعتقدات (…) فضلا عن محور أساسي في تجارة القوافل الصحراوية”.
وأضاف: “شهادة المؤرخين والرحالة الذين زاروا المنطقة أو سمعوا عنها، تعبر عن المستوى الفكري والعلمي الرفيع الذي وصلت إليه تافيلالت خلال عهود سجلماسة بالخصوص”.
وتابع: “تعتبر سجلماسة ثاني مدينة إسلامية تشيد بالغرب الإسلامي بعد القيروان (…) وقد أهلها موقعها الاستراتيجي كصلة وصل أساسية بين مختلف مناطق شمال إفريقيا وبلاد السودان الغربي من جهة، والمشرق الإسلامي من جهة ثانية”.
المصدر: هسبريس