الثلاثاء 12 غشت 2025 01:19
بعنوان “سجلماسة: الذاكرة ورهان التنمية”، صدر عن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة كتاب هو ثمرة تفكير جماعي لعلماء آثار ومتخصصين بارزين في التاريخ الإسلامي للمغرب، وتاريخ حاضرة سجلماسة المغربية البائدة، التي يستمر اهتمام الأبحاث الأركيولوجية بها، بعدما كانت لقرون مركزا تجاريا وحضاريا صاغ المغرب وجنوب الصحراء الإفريقية ثقافيا ودينيا واقتصاديا، وحطّ به الرحال أعلام كبار من المغرب والمغارب والمنطقة ذات الأغلبية المسلمة، قبل أن يصير مجالا مهجورا بسبب تقلبات السياسة والحدود وطرق التجارة.
هذا الكتاب الجماعي نسقه كل من أحمد صالح الطاهري، لحسن تاوشيخت، محمد بلعتيق، عبد الله فلي، وهشام الركيك، ويضم 19 دراسة، جلها باللغة العربية، ودراستان بالفرنسية، ودراسة بالإنجليزية، حول مواضيع من بينها ديموغرافيا سجلماسة، وحياتها الاجتماعية والأسرية البائدة، وعوائدها وأعرافها، وإسهامها في الربط بين جنوب الصحراء والمغرب الأقصى، وإشعاعها الثقافي، وعلماؤها، وموقعها، ومعمارها، وانهيارها واندثارها، وصولا إلى البحث الأثري فيها وحصيلته، ومخططات حماية موقعها الأثري ورد الاعتبار إليه.
هذا التفكير الجماعي الذي جمع متخصصين من داخل المغرب وخارجه في سجلماسة، الذي يورد نتائجه المنشور العلمي الجديد، يروم، وفق لجنته العلمية، “تدارس إمكانية تبني مقاربة شاملة ومندمجة، تربط البحث الأثري بالموقع، بالجهود الرامية من جهة إلى المحافظة على موقع سجلماسة وحمايته وتثمينه، ومن جهة ثانية بالمخططات التنموية بجهة درعة تافيلالت”.
ويوثق المنشور ذاته، الذي يجمع بين التاريخ وعلم الآثار وعلوم إنسانية أخرى، أنه “خلال العقود الأربعة الأخيرة، حققت الأبحاث التاريخية والأثرية التي جعلت من سجلماسة مجال اشتغالها، تراكما وافيا أتاح الكشف عن جوانب ظلت مغيبة من إرث حاضرة لا تخفى على أحد مكانتها بين الحواضر المغربية؛ حاضرة ذاع صيتها منذ تشييدها سنة 140 للهجرة، الموافق لسنة 757 للميلاد، وشكلت إلى القرن الرابع عشر الميلادي قطب الرحى الذي لا محيد عنه، والذي منه تتوزع، وإليه تصب، مسارات طرق قوافل التجار والحجاج والعلماء، وهي أيضا مرقد مولاي علي الشريف الحسني الذي منه ينحدر ملوك الدولة العلوية”.
وذكر المؤلف العلمي أن الموقع الأثري لسجلماسة “لم يكشف بعد جميع أسراره، ولم ينل حظه الكامل من العناية مقارنة مع بقية المواقع الأثرية التي من شاكلته”، ولهذا جمعت دراسات هذا الكتاب بعد تنظيم المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث مؤتمرا دوليا من أجل “التعريف بموقع سجلماسة، وتحفيز الاهتمام به، وبالذاكرة التاريخية التي يختزنها، ورفع منسوب الوعي بضرورة تثمينه وحمايته من عوادي الطبيعة وتعديات الإنسان، وعرض وتقاسم الملعومات والنظر في إمكانية قراءة تاريخ سجلماسة قراءة شاملة على ضوء ما أنجز من أبحاث ودراسات”.
ومن أهم ما يحمله الكتاب إلى جانب مساءلة نتائج الأبحاث الميدانية في سجلماسة عبر العقود، أفكار وآراء وتقييمات من أجل “تبني مقاربة شاملة ومندمجة، تربط البحث الأثري بالموقع بالجهود الرامية إلى المحافظة على موقع سجلماسة وحمايته وتثمينه، وبالمخططات التنموية بجهة درعة تافيلالت الرامية إلى تحقيق العدالة المجالية ورفع التهميش عن أقاليمها”.
المصدر: هسبريس