“كاينة ظروف” قصة توعوية .. والمنافسة تخدم الساحة الفنية
تعتبر السيناريست المغربية بشرى ملاك من أبرز كتاب السيناريو الذين لمع اسمهم في السنوات الأخيرة على مستوى الساحة الفنية المغربية، من خلال تقديم أعمال ناجحة، سواء في عالم السينما أو الأعمال الدرامية المعروضة عبر القنوات الوطنية.
وتطل بشرى ملاك على الجمهور المغربي ضمن الموسم الرمضاني الجاري من خلال مسلسل درامي اجتماعي يحمل عنوان “كاينة ظروف”، أشرفت على كتابة السيناريو الخاص به، حيث اختارت تسليط الضوء على جوانب من معاناة النساء السجينات والظروف التي تعصف بهن، وهو العمل الذي يحظى بمتابعة مهمة من الجمهور المغربي، ويحقق نسب مشاهدة عالية.
وفي هذا السياق خصت كاتبة السيناريو بشرى ملاك جريدة هسبريس الإلكترونية بهذا الحوار الذي تطرقت فيه للعديد من المواضيع.
حدثينا عن مسلسل “كاينة ظروف” الذي يعرض ضمن البرمجة الرمضانية.
“كاينة ظروف” هو مسلسل درامي مكون من ثلاثين حلقة، مدة كل واحدة منها 52 دقيقة، وكنت قد اقترحته ضمن طلبات عروض القناة الأولى مع شركة “ديسكونيكتد”، وتم انتقاؤه من طرف اللجنة مع إدريس الروخ كمخرج، وهو عبارة عن قصة اجتماعية توعوية، لأن هذا هو واجب كل فنان والقنوات كذلك.
كيف جاءت فكرة تسليط الضوء على معاناة السجينات في قصة درامية؟
الفكرة جاءت خلال عرض فيلم تلفزي كتبته ضمن فعاليات مهرجان مكناس للدراما التلفزية. هذا الفيلم يحمل عنوان “لبس قدك يواتيك”، وهو من بطولة مريم باكوش، وعمر لطفي، وإخراج أمين مونة؛ وكان فيه أمر جميل هو أنه خرج عن المألوف ولم يعرض في القاعات السينمائية بل عرض في سجن “تولال” للنساء، وشاهده المشاركون في المهرجان والفنانون إلى جانب السجينات. وخلال مشاهدة هؤلاء الأخيرات كنت أتأملهن وأحاول قراءة عيونهن لأعرف الظروف التي جعلتهن بين أسوار السجن.
ولأنهن نساء مثلنا، قلت إنه لا أحد محمي من الوقوع في هذا المشكل، وعندما خرجت قررت أنني سأكتب عنهن عملا ما لتسليط الضوء عليهن.
كم من الوقت استغرقت في كتابة سيناريو “كاينة ظروف”؟
استغرقت في كتابة المسلسل وقتا طويلا لأن فيه مراحل، ووضعت كل المحاور والتيمات ثم اشتغلت على الشخصيات لإعطائها طابعا سيكولوجيا وحوارا ولغة. والعمل مكون من ثلاثين حلقة، لذلك تطلب وقتا طويلا زاد عن ستة أشهر.
هل تطمحين إلى أن ينافس العمل الأعمال الدرامية الأخرى المعروضة في الفترة نفسها؟
المنافسة أمر جميل، وهي التي تخلق دينامية في الحقل الفني المغربي، لكن يجب أن تكون شريفة وليس فيها حقد أو حط من قدر المنافس. هدفي عدم النزول من مستوى الأعمال التي قدمتها، وليس الأعمال الأخرى المعروضة أمامي، وأريد أن تكون أعمالي دائما متطورة وناجحة.
وأقولها وأكررها، الحقل الفني المغربي مازالت فيه مساحة، ومازلنا نحتاج الكثير لكي نتحدث عن المنافسة وعن الصراعات. نحن نحتاج إلى أي شخص يريد أن يخدم هذا الوطن وأن يقدم عملا يرضى عنه الجمهور وبموضوع هادف؛ فهناك مساحة للجميع، وسيفرحني كثيرا أن تكون العديد من الأعمال المغربية ليشاهدها المغاربة ويتحدث عنها النقاد، ويكون لها مكان عبر منصات التواصل، فهذه الدينامية تفرح.
ما رأيك في واقع كتابة السيناريو بالمغرب؟ وهل نعيش بالفعل أزمة في هذا المجال؟
أظن أن الجواب حاضر بشكل كبير سواء في التلفزيون أو السينما، حيث نجد على طول السنة أعمالًا غزيرة تحظى بنجاح وتفاعل من طرف الجمهور المغربي، ومبنية على سيناريوهات جميلة ومشوقة. لا أظن أننا نعيش أزمة سيناريو، وكفانا من الحديث دوما عن كاتب السيناريو بهذا الشكل، حيث يكون السيناريست مثل شماعة تعلق عليها أخطاؤنا عندما يكون العمل غير ناجح ولا يرضى عنه الشارع المغربي.
المواطن المغربي متمكن ويعرف ما هو المنتج التلفزي، وبات يفهم في الصورة والإنتاج، وعلى دراية بالسلسلة والمكونات التي تدخل في العمل، فيقوم بتقييم ذلك بنفسه. ومن هذا المنبر أناشد الإعلام زيادة مواكبته للأعمال المغربية.
هل باتت نسب المشاهدة معيارا لتقييم الأعمال المطروحة؟
سأقولها دائما.. لا أومن بنسب المشاهدة، فالأرقام لا تعني لي شيئا، بل ما يعنيني هو المشاهد ورأيه وردة فعله؛ فمن الممكن أن يشاهدني شخص ولا أعجبه لكنه يدخل في حساب المشاهدات، لذلك ما يهمني هو نبض الشارع، وعندما أخرج أجد الناس يتحدثون عن المسلسل وشخصياته.
ما السر وراء تألق أعمالك في السنوات الأخيرة، خاصة الدرامية منها؟
أنا راضية كل الرضا عن أعمالي، لأنني أشتغل عليها من قلبي وأبذل مجهودا وأراعي أي شخص في هذا المجتمع، الأمي والمثقف والنساء والرجال بمختلف الفئات، ولا أقدم أعمالًا خادشة للحياء لأنني أعرف أنها تدخل البيوت، وأعرف أن هذا مال الشعب ويجب أن يعود له ويكون راضيا عنه؛ لذلك فإن السر هو الوعي بهذه المسؤولية أولًا وثانيا (تامغرابيت)، لأنني أريد أن أكتب للمغاربة ولا أطمح إلى أن أكتب لغيرهم ولمواضيع وشخصيات لا تشبههم.
هل السيناريو مهم لنجاح عمل؟
السيناريو هو الأساس، لأنه يمكن لعمل أن يصور بأحدث ما يوجد من الكاميرات، ويشرف عليه أعظم المخرجين عالميا، وينتج بمبالغ تقدر بالملايير، لكن في غياب السيناريو و”الحدوثة” والقصة فهذا العمل غير صالح لشيء، ويكون مملا؛ بينما بالعكس، يمكن أن تكون قصة رائعة مصورة بهاتف نقال فقط لكن سيتابعها الناس مثلما يحدث أحيانا في بعض ما يعرض على “يوتيوب”، والمصور بإمكانيات متواضعة.
ما الفرق بين كتابة سيناريو مسلسل وكتابة سيناريو فيلم سينمائي؟
الحمد لله مررت بالتجربتين، لكن تبقى كتابة مسلسل درامي صعبة نوعا ما، وتتطلب صبرا كبيرا ووقتا طويلا وتركيزا أكبر، فبقلمك فقط تقوم بتسيير عدة شخصيات. وبالنسبة للسينما لا تتطلب منك وقتا طويلا لكن تتطلب جهدا كبيرا بدورها، لأنك يجب أن تلخص قصة لا تحتوي على شخصيات كثيرة في عدد من المشاهد، وإذا خيرت بين التجربتين فقلبي يميل دائما للدراما التلفزية.
ما هي أعمالك القادمة؟
انتهيت من كتابة مسلسل درامي جديد لقناة عربية بعنوان “رحمة”، وهو مسلسل يتطرق لموضوع شائك في المجتمع المغربي ووازن. لا أريد حرق تفاصيله حاليا، لكن أقول إنه مسلسل كبير ووضعت له جميع الآليات من أجل نجاحه، وهو من بطولة الفنانة الكبيرة منى فتو وعبد الله ديدان، وأتمنى أن يكون في مستوى “كاينة ظروف” أو أحسن.
كلمة أخيرة.
أشكر الجمهور على تفاعله ورسائله الكثيرة التي تصلني وأقرؤها، وسعيدة بأن الناس أصبح لديهم وعي بقيمة السيناريو، وأقول لهم إن مسلسل “كاينة ظروف” يحمل رسائل هادفة مغزاها أنه لا يجب الحكم على الناس لأننا لا نعرف ظروفهم.
المصدر: هسبريس