كارثة الزلزال تسائل حصيلة هدم المباني الآيلة للسقوط في مدن المغرب
أعادت كارثة الزلزال بالحوز جدل هدم المباني الآيلة للسقوط في الحواضر الكبرى إلى واجهة النقاش العمومي، بالنظر إلى الخطر الذي شكلته على الساكنة المجاورة بعد الفاجعة؛ الأمر الذي دفع جمعيات المجتمع المدني إلى المطالبة بتسريع برنامج الهدم، الذي تأخر لاعتبارات تتعلق بإعداد شقق بديلة للأسر.
وسقطت عشرات المباني المتهالكة في مدينة مراكش بسبب ارتدادات الهزة الأرضية التي انطلقت من الحوز. كما خلفت وفيات وإصابات جسيمة عديدة في صفوف السكان، خاصة أن بعض الأسر ما زالت تقطن بهذه المنازل القديمة على الرغم من الخطر المحدق بها نتيجة الخلاف مع السلطات المحلية حول الترحيل.
ويزداد خطر المنازل الآيلة للسقوط بمدينة الدار البيضاء التي تحتضن عددا ضخما من البيوت المتهالكة التي يسكنها الناس، دون أن تفلح سلطات المدينة في إقناع الأسر بمغادرتها؛ الأمر الذي أدى إلى انهيار أجزاء منها بعد كارثة الزلزال، وسط مطالب مدنية بإعادة فتح النقاش حول التعويضات التي يجب منحها للسكان قصد تشجيعها على مغادرة هذه المنازل.
في هذا السياق، قال الحسين نصر الله، نائب عمدة الدار البيضاء المكلف بالممتلكات، إن “الجماعة ناقشت هذا الموضوع على عجل بعد الفاجعة، وقررت تسريع مخطط الهدم في الفترة المقبلة بسبب تداعيات الزلزال”، مبرزا أن “الجماعة سترفع من الميزانية المخصصة لهدم المباني الآيلة للسقوط، على الرغم من أن الموضوع ليس من اختصاصها”.
وأضاف نصر الله، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تعدد المتدخلين يحول دون هدم المباني الآيلة للسقوط؛ ما يفرض ضرورة تفعيل مهام الوكالة الوطنية للتجديد الحضري لأنها صاحبة الاختصاص، فضلا عن تخصيص ميزانية مهمة من طرف الحكومة لتسريع هذا الورش على الصعيد الوطني”.
ولم تنجح جماعة الدار البيضاء في إنهاء أزمة السكن التي عمرت طويلا، على الرغم أنها تتوفر على إحصاء عام بخصوص عدد المباني الآيلة للسقوط بالعاصمة الاقتصادية؛ لكن قرارات الهدم قوبلت بالرفض من لدن العديد من الأسر التي طالبت بالحصول على أكثر من شقة لإخلاء المنازل.
وكشفت معطيات رسمية لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أنها أحصت ما يناهز 6 آلاف بناية آيلة للسقوط بجهة الرباطسلا القنيطرة، و10 آلاف بجهة طنجةتطوانالحسيمة، و4 آلاف في الدار البيضاء سطات.
المهدي ليمينة، فاعل مدني متتبع لحيثيات الملف، قال إن “قرارات الإفراغ الصادرة عن الجماعة ليست لها الصفة الإلزامية التي تجبر الأسر على مغادرة المباني المهددة بالسقوط”، مبرزا أن “السلطات المحلية يجب أن تتجه نحو إصدار أحكام قضائية تلزم العائلات بمغادرة المباني بعد توصلها بالتقارير التقنية التي تثبت الضرر”.
وأضاف ليمينة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “السلطات تتفاجأ بظهور أكثر من أسرة داخل مبنى كان يضم أسرة واحدة فقط بعد زواج الأبناء؛ وهو ما يخالف الإحصاء الأولي الذي تتوفر عليه الجماعة. وبالتالي، يصعب على السلطات العمومية منح ثلاث شقق لأسرة واحدة تتكون من أبناء متزوجين”.
وأوضح المتحدث أن “السلطة بمدينة الدار البيضاء أنذرت المواطنين لمغادرة هذه المساكن القديمة، فلم تتجاوب الأغلبية من المعنيين مع هذه الإنذارات؛ ما يتطلب ضرورة البحث عن بدائل أخرى لتسريع هذا الورش المتعثر، خاصة أن الظرفية الحالية تستدعي التنظيم العمراني الجيد لمواجهة التحديات الطبيعية المرتقبة، بما يشمل الأمطار القوية التي ستهدد المباني الآيلة للسقوط”.
المصدر: هسبريس