قيمة روح المبادرة
إن العمل التطوعي ضرورة منهجية واجتماعية وحضارية، ويعتمد غالبا على الجانبين المالي والنفسي؛ مما يقتضي التعاون والتعاطف وتحمل المسؤولية والمثابرة والابتكار والشورى والإخلاص والتنظيم والتواصل وروح المبادرة. فماذا تعني روح المبادرة؟
إن روح المبادرة تعني فعل الشيء دون أمر، بدل ردود أفعال، وسلوك ذاتي واستباقي، ومرتبط بالفعل والتفكير في اتخاذ الإجراءات، والمثابرة رغم الصعوبات والنكسات، والإصرار، وإصلاح وتطوير واتخاذ القرار دون انتظار، والخروج من الاعتيادي إلى الجهد الإضافي، وعامل من عوامل التحسين.
نستنبط من هذا أن المبادرين مرغوب فيهم وفي أعمالهم ومطلوبون في كل الأحوال؛ لأنهم يشعلون النور بدل لعن الظلام، لأنهم يجتهدون في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وينتجون الفرص وينقبون عنها. وبذلك، يكتسبون الخبرة ومهارات تطور الذات والوظيفة والانتماء المدني؛ لكن كيف نؤسس روح المبادرة؟
تؤسس بوضع خطة تتسم بالمرونة والشجاعة والابتكار والفهم ومعرفة الهدف والثقة بامتلاك الإحساس بروح المبادرة من خلال بناء مطرد ومتماسك، ثم استثمار الفرص من حيث الملاحظة والاكتشاف والفضول المعرفي والانفتاح والتوازن والحكمة وعدم الإزعاج وحسن اتخاذ حسن القرار، بناء على تنمية المهارات والذكاء واحترام الزمن.
ومن أجل تضمين كل ما ذكرناه في الخطة، فيمكن الاستعانة بالجواب عن الأسئلة التالية:
1/ ماذا نريد؟ 2/ ماذا يمكن أن نعمل؟ 3/ كيف نحقق الجودة؟ 4/ كيف نقارب القضايا الصغرى حتى لا تتحول إلى إشكالات كبرى؟ 5/ ما هي العراقيل التي تعيق سيرنا؟ كيف نحرر الأعضاء من الإحباط؟
وتساهم الثقافة عامة، والإسلامية خاصة، في بناء قيمة روح المبادرة. كيف ذلك؟
“إن أية أمة أو ثقافة أو مجموعة بشرية بإمكانها أن تستمد من مقوماتها الذاتية ما يحفز على استشراف المستقبل بالثقة اللازمة للإقدام على أي مبادرة…. فديننا لا ينبذ الكسب والربح؛ بل إنه يشجع روح المبادرة”. رسالة ملكية إلى القمة العالمية لريادة الأعمال. مراكش 2014.11.20.
نستنبط من ثقافتنا وهوياتنا أن المبادرة والتسابق إلى الخير فكر وقول وعمل. يقول تعالى: “ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات”. سورة البقرة الآية 148. وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، والأذى يعاكس الآدمية في بعدها الحضاري. والعقل السليم في الجسم السليم. ورح المبادرة يؤهل للقيادة، ولنا عبرة في هذه الآيات المؤهلة لهذا المقام:
“سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض”. الحديد 21. وقوله تعالى: “سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين” آل عمران 133. وقوله: “فاستبقوا الخيرات”. البقرة 148. وقوله: “إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين” الأنبياء 90. وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: “بادروا بالأعمال” رواه مسلم. وقال علي بن سهيل: “المبادرة إلى الطاعات من علامات التوفيق”.
إن وضع خطة لروح المبادرة مرتبط بصفة الإيجابية، كيف ذلك؟
إن صفة الإيجابية مرتبطة بالإيمان بالله، الذي يتولد عنه العمل الصالح والإنفاق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإعانة المغلوب، والإمساك عن أذى الناس، والاجتهاد في الدعوة إلى الخير. وبالتالي، فالإيجابية هي وقود الحركة الإيجابية. وأكد مالك بن نبي أن “روح المبادرة هي القياس الوحيد لفعالية الفرد”.
ويمكن أن نختم هذه المقالة ببعض الصفات التي تميز مدبري روح المبادرة؛ ومنها: الصدق والإخلاص، وتدبر القرآن الكريم، والاقتداء بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، والعمل الجماعي والتعاون على البر والتقوى، وأخذ الأمور بجدية وقوة، واليقين بحسن جزاء المبادرين، والتفاؤل وعدم اليأس، والصبر والتحمل والبعد عن العجلة، والدعاء والاستغفار.
من خلال المعطيات السابقة، يمكن استنتاج النقط التالية:
1/ روح المبادرة نقطة الانطلاق للنجاح والإنجاز والقيادة.
2/ الانطلاق من البسيط إلى الأعمال الكبرى، من خلال الإتقان، والشعور بالمسؤولية، والتخطيط، وتنمية الكفاءات، والتدرج.
3/ شارك ما تعلمته مع الآخرين.
4/ مساعدة الناس الجدد.
5/ الشروع في إعطاء الدروس.
6/ تحديث الأعمال والتقويم الدائم.
7/ إنجاز المهام التي لم يقدر عليها الآخرون.
8/ التدخل أثناء غياب أحد أصدقائك.
9/ عالج الخلافات من خلال التآلف والانسجام.
10/ استمرارية الإنتاجية بناء على:
ا. التطوع المبني على تطوير المهارات: مهارات التواصل، وبناء فريق، والتفاوض، وإدراك الضعف في شخصك وتداركها.
ب. إنتاج الأفكار من خلال وضع كل الأفكار ووضع إيجابيات وسلبيات كل فكرة، والتنسيق بين الإيجابيات.
ج. الشعور بأنك صاحب المشروع اعتمادا على تحسين كل شيء، والوفاء.
د. الجدية والعزيمة وعلو الهمة والتسابق إلى الخيرات.
المصدر: هسبريس