قمة دولية بالمغرب تشجع استخدام الذكاء الاصطناعي لتحفيز الابتكار والنمو الاقتصادي
أفاد ميمون أوشاو، المدير العام والمدير التقني لشركة IBM المغرب، أن الذكاء الاصطناعي اليوم يمثل ميزة تنافسية رئيسية، مشيرا إلى أن نحو 75% من الرؤساء التنفيذيين يعتقدون أن هذه التكنولوجيا ستكون محركا رئيسيا للتقدم، ومع ذلك، فإن هناك تحديات تحول دون تحقيق الاستفادة القصوى منها، مثل تعقيد البيانات، التكلفة العالية للتكنولوجيا، ونقص المهارات والخبرات.
وشدد أوشاو في مداخلته بقمة GenAI التي أقيمت اليوم بمدينة الرباط على إيمان IBM بأن التحديات الحالية ليست سوى عقبات مؤقتة يمكن التغلب عليها بمرور الوقت. ويرى أن الذكاء الاصطناعي سيظل أداة رئيسية لتحسين حياة الأفراد ودعم الأعمال، مؤكدًا التزام الشركة بدورها الريادي في هذا المجال.
الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي
وأشار المتحدث إلى أن شركة IBM المغرب كانت دائمًا في مقدمة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، موضحا أن جذور عمل الشركة في هذا المجال تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، حيث ركزت المؤسسة منذ البداية على تطوير مشاريع تعزز الأنظمة التي أنشأتها.
واعتبر أوشاو أنه من أبرز محطات الشركة في هذا المجال كان مشروع “ديب بلو” (Deep Blue)، الذي أحدث ضجة عالمية في التسعينيات، مسجلا أن هذا النظام صمم خصيصًا لمنافسة أسطورة الشطرنج الروسي غاري كاسباروف، حيث نجح في التغلب عليه عام 1996، مما شكل لحظة فارقة في تاريخ الذكاء الاصطناعي.
وأضاف أن الشركة واصلت ريادتها من خلال إطلاق برنامج واتسون (Watson) عام 2008، وهو نظام ذكاء اصطناعي متقدم تم تطويره ليحقق إنجازات غير مسبوقة، مذكرا بأن البرنامج نجح في التفوق على أشهر المشاركين في برنامج المسابقات الأمريكي “جيوباردي” (Jeopardy) عام 2011، ما أظهر قدرات النظام في فهم الأسئلة المعقدة والإجابة عليها بدقة.
وأوضح أن الشركة لم تتوقف عند هذا الحد، بل وسعت تطبيقات واتسون لتشمل مجالات أخرى مثل الرعاية الصحية، مشددا على أن الشركة أطلقت شراكة مع كليفلاند كلينيك بين عامي 2014 و2015، مما أدى إلى تطوير نظام VHealth الذي ساهم في تحسين تقديم الخدمات الصحية.
وخلص المدير العام والمدير التقني لشركة IBM المغرب بالتأكيد على أن الشركة تستثمر أيضًا في تقنيات الحوسبة الكمية، حيث ترى المؤسسة أن هذه التقنية الناشئة لها إمكانيات هائلة لتسريع الابتكار في مجالات متعددة، مشيرًا إلى أن المؤسسة تخطط لإدخال تقنيات الحوسبة الكمية إلى الأسواق بحلول عام 2030، مما سيحدث ثورة في تطوير الذكاء الاصطناعي.
تحول عميق
ومن جانبه أورد أشرف لحكيم، المدير العام لشركة كومبيكوم في مداخلته خلال القمة الدولية أن الذكاء الاصطناعي لم يعد يقتصر على كونه أداة تكنولوجية، بل أصبح يمثل تحولًا عميقًا في طريقة العمل، التفاعل، واتخاذ القرارات. وأضاف: “هذا الحدث يعكس التطور التكنولوجي السريع الذي نشهده اليوم، حيث باتت شركات مثل شركتنا من رواد تكنولوجيا السفر في المغرب”.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يجمع بين قدرات تحليل البيانات في الوقت الفعلي، التشغيل الآلي، والتوقعات المتقدمة، ما يسهم في إعادة صياغة معايير الأداء في قطاعات مختلفة، تشمل الهيئات العامة والصناعات الكبرى.
وأوضح المتحدث أن الذكاء الاصطناعي لا يهدف إلى تقويض دور الإنسان، بل يسعى لتخفيف الأعباء الروتينية وتمكين الأفراد من التركيز على المهام ذات القيمة المضافة، واستذكر تجربته الشخصية خلال دراسته في كلية التجارة بباريس قبل عشر سنوات، حيث تناول في أطروحته أهمية الذكاء الاصطناعي، معتبرًا إياه محركًا للابتكار وليس بديلًا للإنسان.
وأضاف: “الحلول التي نقدمها اليوم تهدف إلى تسهيل التحول الرقمي للمؤسسات من خلال أتمتة العمليات وتقديم خدمات مخصصة تلبي احتياجات العملاء، بالشراكة مع أبرز الجهات التقنية.”
وسلط أشرف لحكيم، خلال القمة الضوء على أمثلة عملية تظهر تأثير الذكاء الاصطناعي على الحياة اليومية، منها أنظمة السوبرماركت في الولايات المتحدة التي تتيح للزبائن التسوق والدفع دون تدخل بشري، بالإضافة إلى خدمات ما بعد البيع التي تُدار عن بُعد بشكل كامل.
في ختام حديثه، شدد المتحدث على أهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في تحسين الكفاءة التشغيلية، وتقليل التكاليف، وفتح آفاق جديدة للشركات والأفراد على حد سواء، مؤكدا أن التحدي الحالي يكمن في تعزيز التعاون بين التكنولوجيا والإنسان لتحقيق أفضل النتائج.
حماية البيانات
وبدوره لفت يوسف إيبراك، المستشار التكنولوجي لتكنولوجيا شركة “ديل”، الانتباه إلى أن تبني الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة ملحة في المؤسسات لتحقيق الكفاءة والابتكار، مشددًا على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية متقدمة، بل هو أداة لتحويل طريقة العمل واتخاذ القرارات.
وقال المتحدث بأن نتائج الاستبيانات التي تم إجرائها توضح أن اعتماد الذكاء الاصطناعي يشهد ارتفاعًا ملحوظًا سواء للاستخدام الشخصي أو المؤسسي، ما يظهر أهمية تكييف الحلول التقنية لتلبية احتياجات المؤسسات المختلفة، خاصة وأن لكل مؤسسة استراتيجياتها وبياناتها الفريدة.
وأشار إيبراك خلال القمة المنظمة من قبل “CollabConf”، وبشراكة مع “UM6P” و”Women in Tech Morocco” إلى أن حماية البيانات أصبحت من التحديات اليومية التي تواجه المؤسسات، موضحا بأن الأمن السيبراني وحوكمة البيانات عنصران أساسيان لضمان نجاح أي مشروع يعتمد على الذكاء الاصطناعي، إذ أن المؤسسات بحاجة إلى تأمين بياناتها مع توفير حلول مخصصة تتماشى مع أولوياتها واستراتيجياتها الخاصة.
هذا، وناقش المختص التحديات التي تواجه تبني الذكاء الاصطناعي، مسجلا أنها تشمل الحاجة إلى مهارات متخصصة، وحماية الملكية الفكرية، وتوفير الموارد المالية اللازمة، مضيفا بالقول: “تطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي مكلف جدًا، ولكن استثمارنا في هذه التقنيات يهدف إلى تحقيق فوائد طويلة الأمد للمؤسسات من خلال تقليل التكاليف التشغيلية وخلق فرص جديدة.
استعرض إيبراك مفهوم “مصنع الذكاء الاصطناعي” الذي تقدمه شركة “ديل”، وهو نموذج يهدف إلى تبسيط العمليات التقنية وجعلها أكثر كفاءة مسجلا: “نحن نقدم حلولاً مخصصة تتيح للمؤسسات التركيز على أعمالها الأساسية، بينما نعتني بتوفير البنية التحتية اللازمة لدعم الذكاء الاصطناعي”.
وشدد المسؤول على أهمية جمع البيانات كعنصر أساسي في نجاح أي مشروع ذكاء اصطناعي، قائلاً: “لا ذكاء اصطناعياً بدون بيانات، إذ أن وجودة البيانات وحوكمتها هي المفتاح للحصول على مخرجات دقيقة وفعالة”.
اختتم إيبراك تصريحه بالإشارة إلى أن التقدم في تقنيات الحوسبة ونماذج اللغة الضخمة يفتح آفاقًا جديدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن شركة “ديل” تستثمر بشكل كبير في تطوير البنية التحتية اللازمة لضمان جاهزية المؤسسات لمواجهة التحديات المستقبلية والاستفادة من الفرص التي توفرها هذه التقنيات.
المصدر: العمق المغربي