اخبار المغرب

قضية “إسكوبار الصحراء” تفاقم تسويد صورة السياسيين لدى الإعلام والرأي العام

يعتقد طيفٌ واسعٌ من الأحزاب السياسية والمنتمين إليها أن الطبقة السياسية بالمغرب تواجه نوعا من الظلم والحيف الإعلامي والمجتمعي، الذي يربط في غالبية بين الفساد والأحزاب السياسية ومنتخبيها، في مشهد يكرس صورة نمطية بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع من وجهة نظرهم.

مع توالي الملفات والمتابعات، زادت الصورة سوءا وسوداوية مع تفجر قضية “إسكوبار الصحراء” التي جرت أزيد من 20 شخصا للمتابعة والمساءلة، من بينهم فقط 3 أسماء لمنتخبين وسياسيين ينتمون إلى حزب الأصالة والمعاصرة؛ أبرزهم عبد النبي بعيوي، رئيس جهة الشرق، وسعيد الناصيري، رئيس نادي الوداد البيضاوي.

وعلى الرغم من أن عدد السياسيين أقل ضمن المتابعين في الملف الذي يستأثر باهتمام واسع من طرف الرأي العام الوطني مقارنة مع قطاعات ومؤسسات أخرى، فإن التركيز جرى عليهم بشكل واضح دفع الكثير من زملائهم إلى الشعور بنوع من “الاستهداف والنيل من السياسة والأحزاب”.

لا استهداف للسياسيين

في تعليقه على الموضوع، قال عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، إن تحريك المتابعات الجنائية “غير مرتبط بالجانب الانتقائي، ولا نميز في المغرب بين المعين والمنتخب في تحريك المتابعات القضائية والقضايا المرتبطة بالفساد”.

وأضاف اليونسي، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الدولة الحديثة في تدبير المسؤوليات تنقسم إلى قسمين؛ الأول هو من يتخذ القرار ويتمثل في السياسي، والثاني هو من ينفذ القرار وهو البيروقراطي”.

وأضاف اليونسي أن السياسي هو “الأكثر عرضة للمساءلة سواء من الناحية القانونية أمام المحاكم والمفتشيات أو من لدن المجتمع أثناء الانتخابات، وغالبا ما يكون المنتخب هو الآمر بالصرف، بينما الجهاز الإداري يكون غالبا مساعدا لهذا المنتخب أو يحضر القرارات”.

وأشار المحلل السياسي ذاته إلى أن واقع التجربة المغربية يبين أن الآمر بالصرف “لا يرتبط فقط بالمنتخبين، بل يرتبط أيضا بمؤسسات معينة سواء تعلق الأمر بمؤسسات عمومية أو ببعض الهيئات اللاممركزة التي تكون امتدادا ترابيا لبعض القطاعات الوزارية”.

وسجل اليونسي أن المغرب في الأربع سنوات الأخيرة يلاحظ فيه أن تحريك المتابعات “لم يعد فقط حكرا فقط على المنتخب؛ بل إن بعض المؤسسات التي لم يكن يتصور أحد أن تحرك المتابعات القضائية في حقهم أو حتى المساءلة تم ذلك”، مؤكدا أنه يعني رجال السلطة، لافتا إلى أن هناك “ولاة وعمالا ودرجات مختلفة من رجال السلطة تم تحريك المتابعة في حقهم، فضلا عن وزراء ومديري مؤسسات عمومية”.

واعتبر اليونسي أن ما يقلق في تصريحات السياسيين والمنتخبين المنتقدة للتركيز عليهم في قضايا الفساد هو أن المنتخب “يريد أن يقول بطريقة غير مباشرة خففوا عني من الانتقادات؛ لأن الآخرين أيضا مفسدون”، مبرزا أن الأصل هو “ألا يفسد المنتخب، ويجب أن يعطي صورة إيجابية في تدبيره العمومي لكي يحرج الآخر الذي يمكن أن يقوم بالفساد”.

تساؤلات مشروعة

من جهته، أكد إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن التركيز على بعيوي والناصيري مفهوم، “سواء كان من طرف الإعلام أو الرأي العام؛ لأنهما شخصيتان نافذتان تنتميان إلى حزب سياسي مشارك في الحكومة، ومن الطبيعي التركيز عليهما رغم وجود أشخاص آخرين متابعين في الملف، ينتمون إلى القطاع العام أو القطاع الخاص، سواء كانوا رجال أمن أو غيرهم”.

واستدرك حمودي، في تصريح لهسبريس، بأن تساؤلات السياسيين حول التركيز عليهم في قضايا الفساد تبقى “مشروعة؛ لأن أغلب الذين يعتقلون هم منتخبون.. ولم نلاحظ، إلى الآن، اعتقال مسؤولين في مؤسسات أو مقاولات عمومية أو ولاة وعمال ممن يدبرون المال العام”.

وسجل أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أن الحصة الكبرى من المال العام يسيرها المسؤولون العموميون والموظفون، مبرزا أن الواقع يظهر “وكأن الفساد يقتصر فقط على السياسيين؛ في حين أننا نعرف أن الحصة الكبرى من المال العام تدبر من لدن جهات أخرى ومسؤولين آخرين من الذين يتم تعيينهم من طرف الحكومة أو غيرها”.

واعتبر حمودي أن المسؤولين من غير المنتخبين يبدون “إلى حد الآن وكأنهم نزهاء، والمؤسسات التي يشرفون عليها لا تحوم حولها أية شبهات، والصفقات التي يبرمونها ويشرفون عليها تمر في أجواء نزيهة وقانونية”، لافتا إلى أن “عدم الوصول وإثارة الملفات التي تحوم حولها الشكوك في مؤسسات عمومية وأشارت إليها تقارير المجلس الأعلى للحسابات يدفع إلى الاعتقاد بأن قضية بعيوي والناصيري معزولة ولا تندرج ضمن سياسة لربط المسؤولية بالمحاسبة، بقدر ما هي قضية تفجرت بسبب اعتقال “الحاج إبراهيم المالي” وليس بسبب وجود سياسة واضحة وإرادية لربط المسؤولية بالمحاسبة”، وفق تعبيره.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *