اخبار المغرب

قصتي مع طبع هذا الكتاب ومطار محمد الخامس

الكتاب في أصله أطروحة للدكتوراه تتناول موضوعا أظنه يجمع ما تفرق في مكتوبات الدكتور طه عبد الرحمن، إذ حاولت أن أنجز من خلاله قراءة في مفهوم العقل في تاريخ الثقافة الإسلامية عموما وعند الأستاذ طه خصوصا، متسائلا عن أصالته والإبداع في الجواب عن إشكالاته، وعن مصدريته وتعالق الأفكار المتصلة بقضاياه مع أفكار الآخرين؛ من القدامى والمُحْدَثين، من العرب والعجم… إلخ.

مباشرة بعد المناقشة، أرسلتُ الكتاب (400 صفحة) للطبع في تركيا، طُبع الكتاب، وبعد سنة أو أكثر وأنا ألحُّ على صاحب المطبعة لكي يرسل إلي نسخي (نُسخ المؤلف)، وبعد مدة طويلة وصبر طويل توصلتُ بنسختين تجريبيتين فقط حملتهُما إليَّ باحثةٌ تركية مشكورة.

وبعد سنة تقريبا طلبتُ من دار النشر أن ترسل إليَّ النُّسخ، وبعد تسويف متكرر واعتذار منهم وإلحاح مني مصحوبا بقلق وضجر، أخبرني الناشر بأنه أرسل 20 نسخة بواسطة شركة مغربية مختصة لتصلني إلى مقر سكناي بمدينة تطوان.

استبشرتُ خيرا وانتظرت بضعة أسابيع، إلى أن اتصل به شخصٌ، قال أنه من الدار البيضاء يقول: هل أنت فلان؟ قلتُ: نعم. فقال: نحن شركة نقل البضائع وقد وصلتك من تركيا مجموعة كتب، ولكي تتسلمها يجب أن تأتي إلى مطار محمد الخامس وتؤدي رسوم الجمارك (تْخلَّص الديوانة) على الكتب كي تتسلمهم، وتؤدي كذلك 250 درهم عن كل يوم تأخير…

يالطيف! آش من جمارك وآش من تأخير؟ واش أنا تاجر؟

قلتُ له: الناشر أدى ثمن نقل الكتب من تركيا إلى تطوان، والكرتونة تتضمن عنوان سكناي، فلماذا تُحجز في المطار؟ ثم أنا مجرد مؤلف الكتاب ولستُ تاجرا دوليا حتى أُطالب بتعشير كُتيب خرج من بين فرث ودم؟ (مع العلم أن الكتاب هو من منشورات فريق بحث في الجامعة؟)

ثم قلتُ له: أنا لستُ مستعدا لأداء هذه الرسوم المجحفة (العْشُور) على 20 نسخة من كتابي، ولستُ مستعدا لأداء 250 درهم عن كل يوم تأخر. دعوا كتابي وكتب غيري في المطار، لعل القائمين عليه يتفطنون مستقبلا لإنشاء مكتبة من المحجوزات الممنوعات هناك.

وتوقف الحوار وانتهت القصة.

وقلت لنفسي: ها أنت يا حُميد بقيت على خاطرك، كنتَ تنتظر أخبارا تفيد تشجيعك على استئناف التأليف والإشعاع، فإذا بك تُطالب بتعشير كتبك! عقابا لك على الكتابة؟ ياللأسف!

أما أصدقائي من الباحثين الطموحين فأقول لهم: لا تكتبوا ولا تنشروا حتى لا تُعشِّروا على كتبكم…

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *