قرار استراتيجي عسكري وليس سياسيا
تساؤلات عدة أعقبت، قرار المملكة الإسبانية المتعلق بعدم مشاركة جيشها في مناورات الأسد في دورتها 20، المزمع عقدها في ماي المقبل، حسب ما أوردته الصحافة الإسبانية، فالجارة الإيبيرية لطالما شاركت في الحدث المهم الذي يجمع الجيش المغربي بنظيره الأمريكي ومختلف جيوش الدول الصديقة.
فما هي الأسباب الكامنة وراء القرار الإسباني؟ وهل عدم رغبة إسبانيا في تأجيج الخلاف بينها وبين الجزائر، كان السبب الرئيسي في اتخاذ هذا القرار؟ خاصة وأن التداريب العسكرية ستنظم جزئيا على مقربة من الحدود الشرقية.
تعليقا على هذا الموضوع، أكد خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد، أن قرار عدم مشاركة إسبانيا في المناورات قد يعود إلى التوجهات الإستراتيجية للدفاع الإسباني الذي اختار عدم الانخراط الاستراتيجي في مناورات هذه السنة لأسباب قد تكون متعلقة بالميزانية العسكرية أو التوجه الأمني أو لطبيعة المناورات وبرامجها التي حددت لهذه المرحلة.
وأوضح المتحدث في تصريح لـ “لعمق” أن المؤسسات الدفاعية للدول وجيوشها العسكرية لها رؤى خاصة بها، وفي بعض المحطات المشاركة من عدمها في المناورات يجب أن تستجيب لأهداف الرؤية العسكرية للسنة وتستجيب لتحقيق التقدم المنشود في مسار تطوير الهياكل الأمنية والدفاعية للبلد، وبالتالي أعتقد أنه “بالنسبة لمدريد المشاركة في مناورات هذه السنة لا تدخل ضمن أولوياتها العسكرية”.
وشدد الخبير السياسي، أن قرار المشاركة من عدمه لا يرتبط بحسابات سياسية، ذات أبعاد إقليمية كالخلاف السياسي بين إسبانيا والجزائر، ولكن القرار قرار إستراتيجي عسكري مرتبط بالرؤية الدفاعية للتدبير الدفاعي الإسباني، الذي يخضع لخارطة طريق مضبوطة تتم المصادقة عليها من طرف الخبراء الاستراتيجيين الإسبان الذين يسهرون على وضع خارطة تطوير القطاع العسكري للبلد.
وتابع: “مناورات الأسد الإفريقي تعد مؤشرا مهما في لوحة القيادة العسكرية الإسبانية، وذلك نظرًا للرقعة الجغرافية التي تدار فيها العمليات والتي تعد المجال الإقليمي لمدريد وفضائها الجيوستراتيجي، الذي يندرج ضمن الحلقة الأولى لمجالها الدفاعي الرئيسي البري والبحري والجوي، ما يفسر الحضور الدائم للجيش الإسباني في هذه المناورات، والتخلف عنها هذه السنة لا تعدو كونها مجرد استثناء الذي يؤكد القاعدة العسكرية”.
عدم المشاركة لا يمكن تحليله من منظور التأثير السلبي على الجيش الإسباني أو على المناورات بشكل عام، حسب المتحدث، كون المناورات سنوية وبالتالي التخلف عنها هذه السنة لا يعني مباشرة التأثير السلبي على قدرات الدفاع الإسباني، ومن جهة أخرى عدم التحاق الإسبان بالمناورات لا يمكن أن يؤثر سلبًا على السير الإستراتيجي للعمليات لأن برنامج المناورات لا يقف على بلد بحد ذاته بقدر ما تنضبط لبرامج صارمة وديناميكية محكمة من أجل التمرن على تدبير تحديات وكسب رهانات عسكرية.
وفي ختام تصريحه أشار خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد أن الجيش الإسباني مكون له دوره في مسار مناورات الأسد الإفريقي وحضوره يضفي لمسة إضافية لعمليات المناورات، لكن الدفاع الإسباني يشكل قطعة من مجموعة لها قدرات هائلة ومختلفة ومتكاملة تشكل من مناورات الأسد الإفريقي واحدة من المحطات العسكرية الأكثر قوة إقليميًا ودوليًا في الاستعدادات الدفاعية ذات المهنية والتكنولوجيا العالية والمتطورة.
جدير بالذكر أن هذا التمرين العسكري السنوي يعتبر ذا أهمية بالغة بالنسبة للمملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية اللتين تعملان على تعزيز تعاونهما الدفاعي والدبلوماسي منذ عدة سنوات، حيث يشارك سنويًا أكثر من 10000 عسكري في هذا التمرين من دول عربية وإفريقية وما يقارب من 20 بلدا ملاحظا.
وللإشارة فإن كلا من المغرب وأمريكا يعملان على وضع اللمسات الأخيرة المتعلقة بتنظيم النسخة 20 من مناورات الأسد الإفريقي، إذ تعمل مختلف البلدان المشاركة على عقد اجتماعات بغية تحديد الاستراتيجيات والأنشطة الخاصة بالتمرين الذي سينظم في الفترة الممتدة ما بين 20 إلى 31 ماي المقبل.
المصدر: العمق المغربي