قرارات ميراوي تزيد الوضع سوءا وعلى المؤسسات الدستورية التدخل
في حديث عن الحلول المقترحة لحل أزمة طلبة الطب، اعتبر رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، محمد الدرويش، في حوار مع جريدة “العمق”، أن قرارات وزارة التعليم العالي قد تزيد الوضع سوءاً، داعياً إلى تدخل مؤسسات دستورية، مثل رئاسة الحكومة أو وسيط المملكة، لحل الأزمة المستمرة منذ 9 أشهر.
وانتقد الدرويش قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، المتعلق ببرمجة الامتحانات، معتبرا إياه غير منطقي، خاصة في ظل عدم ثقة الطلبة في الوزارة والعكس.
وأوضح الدرويش أن الإعلان الذي يتضمن جدولة الامتحانات والاستفادة من دورة استثنائية، يثير العديد من التساؤلات حول مدى ملاءمته مع الأنظمة الداخلية للكليات، متسائلاً عن غياب التشاور مع الأساتذة والطلبة.
ولفت المتحدث في حوار مع جريدة “العمق”، أن إعلان عمداء كليات الطب والصيدلة الأخير حول الدورة الاستدراكية زاد من تعقيد الأزمة بين الوزارة والطلبة.
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
ما مدى ملاءمة البرمجة المعلن عنها مع القوانين والأنظمة الداخلية للكليات؟
الإعلان الأخير الذي صدر عن عمداء كليات الطب والصيدلة كلها بنفس النص وفي نفس التوقيت الاثنين الماضي ليلاً يتضمن نفس تاريخ الدورة الاستدراكية للدورة الاولى و الذي كان اعلن عنه منذ مدة اي إن تاريخ الامتحان لم يقع عليه اي تغيير من 5 شتنبر إلى 13 منه، و في جزئه الثاني اشتراط اجتياز امتحان الدورة هاته لتمنح لمن قام بذلك دورة استثنائية يحدد موعدها لاحقاً مع الغاء نقطة الصفر، و هنا تطرح عدة قضايا متضمنة في البلاغ:
أولا: هل تم عقد اجتماع مجالس المؤسسات بهاته الكليات و / أو اللجن البيداغوجية حتى يتم اتخاذ هذا القرار؟
ثانياً: هل تم استشارة السيدات والسادة الاساتذة الباحثين في الموضوع، خصوصا اننا في اليوم الثاني من شتنبر اي قبيل الدخول الجامعي؟
ثالثاً: هل تم اللقاء بلجنة طلبة الطب فتكون هي من طرح الاسئلة التي حاول البلاغ الاجابة عنها؟ أم أنها اجوبة لأسئلة مفترضة استخرجت من حائط فيسبوكي ؟!؟
رابعاً: كيف يمكن ان نقبل عقلاً ومنطقاً أن يستدعى الطلبة لاجتياز امتحان مع عرض ” جديد ” يدعي انه حل الازمة قبل يومين من اجراء الامتحانات ؟؟!
خامساً: الم يكن من الانسب والأفضل والمنطقي ان تتابع لجنة الوساطة البرلمانية (أغلبية ومعارضة) عملها الذي باشرته في بداية يوليوز الماضي فيتم الاتفاق على حل قبل نهايته ثم ينصرف الجميع لعطلته المستحقة والطلبة للإعداد الجيد للامتحانات ؟؟؟
سادساً: كيف يتم مخاطبة الاباء والأمهات ودعوتهم لعقد لقاء يوم الاربعاء صباحا بقبة البرلمان في موضوع يخص طلبة الطب والصيدلة؟ فهل الطلبة قاصرون ؟! وهل تمت مخاطبة الطلبة واتفقوا على دعوة آبائهم وأمهاتهم ؟؟ أم أن المبادرة خلط للأوراق؟ الم يكن من الأجدى دعوة الطلاب مباشرة واقتراح العرض وفتح صفحة جديدة من التفاوض ؟؟
إلى آخره من الاسئلة المقلقة والمؤرقة للرأي العام عموماً والاساتذة والطلبة والأسر خصوصاً …
هل يستقيم الربط بين اجتياز امتحانات الفصل الأولى والاستفادة من دورة استثنائية خاصة بالفصل الثاني؟
هناك غموض في هذا الملف وأسئلة حارقة تطرح، لا ندري:
من أقنع السيد الوزير بما يدافع عنه و من اين أتى بتلك القرارات؟
و من أوهم الرأي العام ان الخلاف الاساس بين الطلبة و الوزارة هو سبع سنوات أو ستة؟؟!؟!؟ أو لا شيء ؟؟؟؟؟
و من ادعى ان الطلبة يشترطون ان يساهموا مباشرة في ادارة الكلية بيداغوجياً و اصلاحاً و تداريب سريرية ؟!؟!؟
و من هذا الذي جاء بأمر فرض الاصلاح على كل السنوات بأثر رجعي و الحال ان كل دول العالم و المغرب منها لا يطبق أي قانون او قرار بأثر رجعي إذ ” لا رجعية في القانون ” و هو أمر يناقض مقتضيات المادة السادسة من دستور المملكة فكان من الاولى أن يتم إعفاء السنوات الخمس و البدء في النظام الجديد خلال بداية هاته السنة ، و بذلك كنا سنجنب وطننا من هاته الأزمة التي تسيء لوطن بكامله و تخدش تاريخ الطب في بلادنا ؟!؟! إن كان الخلاف فعلاً فقط حول مسألة السنوات …
و hما ما تم عرضه في بلاغ الكليات فقد يكون مملىً على عمدائها إملاءً بالنقطة و الفاصلة و نقط الحذف و ووو فهو لا يقوم على منطق إداري أو بيداغوجي او تفاوضي فهو اقتراح رمي به في الهواء دون أسس ،
هل ترون أن بإمكان قرار وزير التعليم العالي أن يشكل حلا الأزمة أم أنه سيزيد الطين بلة؟
نعتقد ان بلاغ كليات الطب زاد الطين بلة و ساهم في تعقيد الملف علما ان رؤساء الجامعات المعنية به غائبون كليا باستثناء السيد رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان بصفته منسقاً لشبكة عمداء هاته الكليات ، بل الأكثر من ذلك نحس و كأن السيدات و السادة العمداء قد يكونون ” منفذين ” لقرارات جاهزة و هو ما جعل التواصل بينهم و بين السيدات و السادة الاساتذة قليل جداً ان لم يكن منعدما مع اغلب الاساتذة في بعض الكليات، و التواصل منعدم مع الطلبة بقرار مركزي ، فمن يمكن ان يقنع هؤلاء الطلبة بوجاهة أو عدمها ملفهم المطلبي و نقط قوة و ضعف طريقة دفاعهم عن الملف و الاخطاء التي ارتكبوها خلال مسارهم النضالي و التفاوضي و اللحظات التي يجب ان يتنازلوا و يتوقفوا عن مقاطعتهم و إضرابهم إن لم يكن حقيقة أساتذتهم و عمداء كلياتهم و رؤساء جامعاتهم فهم من لهم صلة مباشرة لهم و يكبرون بينهم تكويناً و بحثاً و تخرجاً …
مع الأسف هذا لم يتم بطريقة فضلى علماً ان مجموعة من السيدات و السادة الاساتذة بهاته الكليات قاموا بمجهود جبار في التواصل مع بعض الطلبة لكن كانت هناك حلقات مفقودة و حلقات دخيلة عكرت صفو طبيعة العلاقات بين مكونات الجامعة، وهو أمر نأسف له مهما كانت الاهداف و الغايات و الاسباب في هاته الأزمة ، فقد كان بالإمكان ان نبلغ المقصود دون المس بتاريخ التعليم العالي المغربي و كان بالإمكان ان نقنع بعضنا البعض بهذا الرأي او ذاك و كان بالإمكان ان يكون تذكير لطيف بأخطاء الطلبة او غيرهم …
اليوم وبعد تسعة أشهر من مقاطعة الدروس النظرية و التداريب السريرية ندعو الطلبة لاجتياز الاختبارات، فهل نحتاج غداً للأساتذة و نحتاج لفتح هاته الكليات سنةً كاملةً ؟!؟ وكيف يجوز امتحان الطلبة في دروس لم يتلقوها مباشرةً، قد يكون الأمر جائزاً بخصوص طلبة السنوات الرابعة والخامسة لكن الأمر غير مفهوم بخصوص السنة الاولى و الثانية و هم طلبة جدد لم يتأقلموا بعد كل التأقلم مع الحياة الجامعية و شروطها و ظروفها ؟!؟ نعتقد ان الأمر مزعج جداً.
و الحديث عن كون التعليم عن بعد يمكن ان يعوض التعليم الحضوري أمر لم تتوفر شروطه بعد فظروف الحياة الطلابية صعبة جدا في اغلب المدن الجامعية و الامكانات غير متوفرة كلها من نقل و مبيت و مطعمة ، صحيح ان طلبة الطب و الصيدلة و طب الأسنان ينتمون إلى الطبقة الفقيرة أو المتوسطة عموما أو الطبقة الميسورة لكن هذا ليس مبرراً لتغييب الادوار البيداغوجية للأستاذ ، فلابد من التهييء الجيد و العقلاني لهاته المرحلة المقصود التعلم عن بعد بدءاً من التعليم الاولي إلى الجامعي فتلك ثقافة و تربية على الاستخدام الجيد للتكنولوجيا الحديثة .
هل ترون أن بإمكان قرار وزير التعليم العالي أن يشكل حلا للأزمة أم أنه سيزيد الطين بلة؟
أعتقد أن تدبير الوزارة خلال كل مرحلة الأزمة لم يكن موفقاً ، فمنذ دجنبر الماضي لم يعرف الملف إلا التعقيد و أزمة تدخله لازمات ، ربما بسبب عدم خبرة و نجاعة من كلفوا بالتفاوض أو لان هؤلاء لم تكن لهم حرية التصرف و اتخاذ القرار أو انه كان لهم توجيه بعدم حل الملف …ثم إن كثرة المتدخلين و الوسائط عقد الأوضاع و لم تساهم في تقريب وجهات النظر …
و مهما كانت الاسباب و الأهداف و الجهة التي تقف وراء تأزيم الأوضاع بفرضها هذا الخيار أو برفضها له فإن الاخراج سيء و ” الفاعل خارج ” مغرب مملكة محمد السادس و خارج عن دعوة جلالته للإسراع بتنفيذ مشروع الحماية الاجتماعية و توفير التغطية الصحية لكل المواطنات و المواطنين ، و هو أمر يقتضي محاسبة كل من تسبب في تأزيم أوضاع كليات الطب و الصيدلة العمومية .
ما السيناريوهات المحتملة لمستقبل الأزمة إذا ما استحضرنا نسبة المقاطعة المحققة للمرة الخامسة، والاجتماع المزمع عقده بين وسيط المملكة والطلبة؟
نعتقد أن العنصر الهام و الاساس في كل أزمة أو تفاوض هو الثقة بين الأطراف المعنية و هو مع كل أسف مفقود في أزمة كليات الطب و الصيدلة ، فالوزارة لا تثق في لجنة الطلبة و الطلبة لا يثقون في الوزارة الشيء الذي جعلنا أمام تفاوض “الصم واليكم”، مما يدعو إلى دخول طرف آخر لحل الملف و هذا الطرف يحب أن يكون مؤسسة دستورية إما رئاسة الحكومة في شخص رئيسها و هو ما نادينا به منذ مدة و إما مؤسسة الوسيط و هو ما علمناه من تصريحات في الموضوع ، لذا نتمنى أن يتم حل الأزمة في أقرب وقت ممكن و ذلك بإلغاء كل القرارات غير القانونية المتخذة في حق الطلبة و لجانهم و تسطير جدولة زمنية معقولة للامتحانات الكتابية والتداريب السريرية و اتخاذ قرار لا يناقض المادة السادسة من دستور المملكة.
المصدر: العمق المغربي