قانون “يتجاهل” أسواق الجملة.. هل ينجح في تطويق غلاء الأسعار؟
في خطوة هامة تهدف إلى دعم المزارعين وتحسين مسار تسويق المنتجات الفلاحية، صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم رقم 2.23.920 المتعلق بتطبيق أحكام القانون رقم 37.21 الرامي إلى سن تدابير خاصة تتعلق بالتسويق المباشر للفواكه والخضروات المنتجة في إطار التجميع الفلاحي دون إلزامية المرور بأسواق الجملة.
يأتي هذا المرسوم ليعزز من مكتسبات المزارعين من خلال تسهيل مسار بيع منتجاتهم وتحسين هامش الربح لديهم، إلا أن السؤال المطروح يتمثل في مدى انعكاس هذا القرار على المواطن؟ وهل سيساهم تطويق زحف الأسعار؟
وفي حديثه حول هذا الموضوع، أوضح بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن هذا القانون يمنح المساحات أو الأسواق الكبرى، الحق في اقتناء ما تحتاجه من المنتجات الفلاحية بصفة مباشرة من المجمع الفلاحي دون المرور عبر سوق الجملة، وهو إجراء يهدف إلى تقليص عدد الوسطاء.
واعتبر المتحدث أن المجمع بحد ذاته وسيط، ناهيك على أن عمل المجمع على جمع وإدخال السلع من أجل بيعها للمساحات الكبرى أو أي سوق أخر، يعتبر منافسة مباشرة لأسواق الجملة.
وأشار الخراطي إلى أن وزارة الداخلية تعمل على وضع برنامج يخص إعادة تأهيل أسواق الجملة بالمغرب، ما يؤكد وجود تناقض بين وزارة الداخلية وما تسعى إلى القيام به لإصلاح هذه الأسواق، ووزارة الفلاحة التي أخرجت هذا القانون الخاص بالمجمعين الفلاحيين.
وشدد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، على أن المجمع لن يخضع للمقارنة مع أسواق الجملة فهي تعمل على المراقبة الصحية للمنتجات، وتخزينها، خاصة وأنها تتوفر على وسائل التخزين، وبالتالي فإن هذه الأسواق فضاء يجمع المشتري والفلاح، ما يؤكد وجود توفر كل المجمعات الفلاحية على نفس هذه الوسائل والقدرات، وفي حال العكس فإن المنافسة تعد غير شريفة بين أسواق الجملة والمجمعات الفلاحية.
وأضاف الفاعل الحقوقي ذاته أن أسواق الجملة وعلى الرغم من عدم قيامها بواجبها على أحسن وجه، إلا أن القرار يدل على وجود تناقض داخل الحكومة من جهة، وسيزيد من الفوضى التي يعرفها السوق بشكل مسبق من جهة أخرى.
وأكد المتحدث على أن فكرة المجمع مقتبسة من قطاع إنتاج الحليب، وهي معتمدة داخل هذا المجال منذ عهد الاستعمار، حيث توجد مراكز وجمعيات تعمل على جمع الحليب من طرف الكساب الذي لا يتوفر على إمكانيات من أجل تخزينه في المبرد، وبالتالي يوجد شخص يعمل على تجميع هذا الحليب وتخزينه قبل تقديمه للمصنع.
وتابع قائلا: “هي فكرة أعطت أكلها وهو القطاع الوحيد الذي نجح في القيام بهذا الأمر”، موضحا أنها فكرة وجدت منذ عهد الاستعمار. وسجل الخراطي، وجود تعاونيات، مقدما مثالا بـ تعاونية تارودانت التي تعد رائدة في مجال تجميع المنتجات من قبل الفلاحين وبيعها داخل الأسواق، وبالتالي فإن هذا الأمر سيؤدي إلى القضاء على هيكلة أعطت نتائجها على مدى سنوات.
وأشار المتحدث إلى وجود مشكل الثقة بين الفلاح والمجمع، بحيث أنه في حال ارتفاع ثمن المنتوج فإن الفلاح سيبيع للمجمع بثمن أقل من ماهو موجود في السوق، في حين أن المجمع سيبيع بثمن السوق، لكن في حال انخفاض الثمن فإن المجمع يرفض اقتناء السلع من الفلاح بالنظر لانخفاض سعرها.
وأردف المتحدث: “وبالتالي فإن هذه الخطوة لن يكون لها تأثير إيجابي كبير يذكر، وفي المقابل ستقضي على التعاونيات التي تعمل على جمع وبيع المنتوج للمنخرطين فيها”.
وفي معرض تصريحه، أقر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن القرار لم يخضع لأي دراسة، خاصة المتعلقة بالجانب الاجتماعي والمالي، مشيرا إلى أن المستهلك يظل المتضرر الأكبر كون هذا المجمع بحد ذاته وسيط. وأوضح الخراطي، أن الحل يتمثل في إيجاد طرق لجعل المستهلك يقتني منتجاته بشكل مباشر من الفلاح.
وخلص بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إلى القول بأن الوسيط ستصبح له وضعية الهيمنة بالمنطقة، بحيث أن سيبيع ويشتري بالثمن الذي يرغب فيه، وهو ما يتنافى وقانون 12104 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.
المصدر: العمق المغربي