قانون الصحافة والنشر في المغرب يتضمن عقوبات حبسية “مستترة”
تفاعلا مع مضامين التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي تم تقديمه اليوم الأربعاء، سجل الناشط الحقوقي شكيب الخياري عدم دقة المعطيات الواردة في التقرير في الشق المتعلق بحرية الصحافة والنشر، حيث جاء في التقرير أن مدونة الصحافة والنشر تخلو من العقوبات السالبة للحرية.
وسجل الخياري أن ما ورد في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان من أن القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر يخلو من العقوبات السالبة للحرية حين يتعلق الأمر بالصحافي المهني ولا تبقى هذه الضمانات مكفولة حين يتعلق بالنشر بوسائل أخرى لغير الصحافيين أمر غير صحيح.
“فمن جهة، فإن القانون 88.13 يتعلق في جانب منه بالصحافة، وفي جانب آخر بجرائم النشر، والتي يمكن أن يكون مرتكبها غير صحافي، فيتمتع حينها الجميع بالضمانات المنصوص عليها في هذا القانون”، وضح الخياري.
وفيما يتعلق بالعقوبة السالبة للحرية، أردف الفاعل الحقوقي ذاته، فإن قانون الصحافة والنشر، وإن كان في متنه لا ينص على عقوبات زجرية حبسية في حق الصحافي، “فإنه يتبرأ منه ويدفعه دفعا إلى أن يخضع لمجموعة القانون الجنائي، وهو ما تنص عليه المادة 71″، معتبرا أن التنصيص على العقوبة الحبسية في قانون الصحافة والنشر هو ضمني “مستتر”.
وحسب المادة 71 من القانون 88.13: تطبق أحكام المادتين 104 و106 من القانون ذاته، إذا تضمنت إحدى المطبوعات أو المطبوعات الدورية أو إحدى الصحف الإلكترونية إساءة إلى الدين الإسلامي أو النظام الملكي أو تحريضا ضد الوحدة الترابية للمملكة، أو قذفا أو سبا أو مسا بالحياة الخاصة لشخص الملك أو لشخص ولي العهد أو لأعضاء الأسرة المالكة، أو إخلالا بواجب التوفير والاحترام لشخص الملك.
كما تطبق أحكام المادتين 104 و106 إذا تضمنت إحدى المطبوعات أو المطبوعات الدورية أو إحدى الصحف الإلكترونية تحريضا مباشرا على ارتكاب جناية أو جنحة، أو تحريضا على التمييز أو على الكراهية بين الأشخاص.
وتنص المادة 104 على أنه “إذا صدرت العقوبة ضد مرتكب أحد الأفعال الواردة في المادة 71 من هذا القانون، جاز توقيف المطبوع الدوري أو حجب الصحيفة الإلكترونية أو الدعامة الإلكترونية بموجب مقرر قضائي لمدة شهر واحد، إذا كان يصدر بشكل يومي أو أسبوعي أو نصف شهري ولنشرتين متتاليتين إذا كان يصدر بصفة شهرية أو فصلية أو نصف سنوية أو سنوية”.
وإذا صدرت العقوبة ضد أحد الأفعال الواردة في المادتين 72 و73 من قانون الصحافة والنشر، “يمكن وقف المطبوع أو حجب الصحيفة الإلكترونية أو الدعامة الإلكترونية بموجب نفس المقرر القضائي لمدة لا تتجاوز شهرا واحدا إذا كان يصدر بشكل يومي أو أسبوعي أو نصف شهري ولنشرتين متتاليتين إذا كان يصدر بصفة شهرية أو فصلية أو نصف سنوية أو سنوية”.
ويمكن للمحكمة، حسب المادة 104، أن تأمر بنشر الحكم الصادر بالإدانة أو بثه على نفقة المخالف؛ ولا يمتد مفعول التوقيف إلى عقود الشغل المبرمة من طرف صاحب الاستغلال الذي يبقى متحملا فيما يخصها جميع الالتزامات المتعاقد عليها ويظل كذلك متحملا للالتزامات القانونية الأخرى الناجمة عن إبرام عقود أخرى تتعلق بتسيير المطبوع الدوري أو الصحيفة الإلكترونية.
وأشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره، إلى أن المشرع قد وضع ضمانات تنأى بالصحافي المهني عن أية عقوبة سالبة للحرية في القضايا المتعلقة بالصحافة والنشر، معتبرا أنه “يعد من الإصلاحات الكبرى على المستوى التشريعي خلو مدونة الصحافة والنشر من أية عقوبات سالبة للحرية”.
وأورد تقرير المؤسسة الحقوقية الرسمية إلى أن هذه الضمانات لا تشمل كل قضايا النشر بمفهومه العام، والنشر على المنصات الرقمية بشكل خاص، في ظل غياب مقتضيات تشريعية جامعة ودقيقة ومتاحة تراعي خصوصيات التعبيرات الرقمية وأشكال التعبير الجديدة وتحمي الحق في ممارستها، وفقا لما تنص عليه أحكام الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد دعا، في الرأي الذي أصدره سنة 2022 بخصوص مشروع القانون القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 88 المتعلق بالصحافة والنشر، إلى اعتماد “قانون حرية تداول المعلومات”، بدلا من قانون الصحافة والنشر، باعتباره مدخلا لمعالجة العديد من الإشكالات التي أصبحت تطرحها الأشكال الجديدة لممارسة حرية التعبير في العالم الافتراضي.
واعتبر المجلس أن اعتماد “قانون حرية تداول المعلومات” يمكن أن يشكل دعامة جديدة لحرية الصحافة والنشر وسيساهم في توسيع مجال ممارسة الحريات، خاصة في ضوء تطور التعابير العمومية داخل منصات التواصل الاجتماعي.
المصدر: هسبريس