قانون الإضراب الجديد يتخلص من “رداء التكبيل” ويعزز الحقوق ويلغي الحبس
أقر مجلس النواب، بأغلبية 121 صوتا، أمس الثلاثاء، مشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب، والذي يشمل مجموعة من المستجدات الهامة التي تساهم في تعزيز هذا الحق الدستوري وتوسيع نطاقه، لتتجاوز بذلك العديد من القيود التي كانت تضمنها النسخة السابقة من المشروع والتي أحيلت على البرلمان سنة 2016.
وعرَّف مشروع القانون المصادق عليه في الغرفة الأولى للبرلمان، الإضراب بأنه كل توقف إرادي جماعي، لمدة محددة، عن أداء العمل كليًا أو جزئيا، بهدف الدفاع عن حق أو مصلحة اجتماعية، اقتصادية، أو مهنية مباشرة للعمال، في علاقتهم بالمقاولة، المؤسسة، أو المرفق العمومي، والمتصلة بظروف العمل وتحسين وضعيتهم المادية.
وبحسب النص القانوني، فإنه يُعتبر إضرابا أي توقف إرادي جماعي، لمدة محددة، عن ممارسة المهنة أو أداء العمل كليا أو جزئيا، من طرف المهنيين، العمال المستقلين، الأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون نشاطا خاصا، والعاملات والعمال المنزليين، وذلك للدفاع عن حق أو مصلحة مرتبطة بتحسين ظروفهم المهنية.
ووسع مشروع القانون في نسخته المعدلة، نطاق الجهات الداعية إلى الإضراب بحيث تشمل نقابة أكثر تمثيلا على الصعيد الوطني وفق النصوص التشريعية الجاري بها العمل، ونقابة ذات تمثيلية على الصعيد الوطني، ونقابة ذات تمثيلية على صعيد مرفق عمومي، ونقابة أكثر تمثيلاً على مستوى المقاولة أو المؤسسة، مشترطا أن تكون هذه النقابات في وضعية قانونية سليمة.
وتشمل الجهات الداعية للإضراب كذلك لجنة الإضراب وفق ما هو منصوص عليه في المادة 11، ونقابة تمثل المهنيين في وضعية قانونية سليمة، ونقابة تمثل العاملات والعمال المنزليين في وضعية قانونية سليمة.
كما وسع مشروع القانون مجال تطبيق القانون، حيث يمكن أن يمارس حق الإضراب، الأشخاص الخاضعون لأحكام القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، والأشخاص المنصوص عليهم في المادة 3 من نفس القانون، والموظفون والأعوان والمستخدمون والمتعاقدون لدى إدارات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ومجموعاتها ولدى كل شخص اعتباري آخر من أشخاص القانون العام، والمهنيون والعمال المستقلون والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطاً خاصاً والعمال المنزليين كما تم تحديدهم في التشريع الجاري به العمل.
النسخة الجديدة من مشروع القانون، نصت على أنه يعد كل عامل يشارك في الإضراب في حالة توقف مؤقت عن العمل لا يؤدى عنه أجر، كما أنه لا يترتب عن إضراب المهنيين توقف عقد شغل أجرائهم وعدم أداء أجورهم. وشددت على أن ممارسة حق الإضراب مضمونة بمقتضى هذا القانون، ويمنع كل فعل يؤدي إلى عرقلتها، سواء بواسطة الاعتداء أو الانتقام أو الإغراء أو بأي وسيلة أخرى، مشيرة إلى أن حرية العمل أثناء ممارسة حق الإضراب مضمونة بمقتضى هذا القانون، ويمنع كل فعل يؤدي إلى عرقلتها أو احتلال أماكن العمل.
كما أكد مشروع القانون، أن كل إضراب يتم مواصلته بعد إنهائه أو تعليقه وفق أحكام هذا القانون يُعد إضرابا غير مشروع. وبموجب هذا النص القانوني الجديد يمنع اتخاذ أي إجراء تمييزي في حق العمال بسبب ممارستهم حق الإضراب، من شأنه خرق مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والمس بجميع الضمانات الممنوحة لهم، والمتعلقة على الخصوص بحقوقهم ووضعياتهم ومسارهم المهني.
وتجوز الدعوة إلى الإضراب وفقا لهذا القانون التنظيمي في حالات مختلفة، تبدأ من الملف المطلبي، حيث يسمح بالإضراب في القطاع العام أو المرفق العمومي أو للمهنيين بعد مرور 45 يوماً من تقديم الملف، مع إمكانية تمديد الأجل لمدة 15 يوماً. في القطاع الخاص، يمكن الدعوة للإضراب على مستوى المقاولة أو المؤسسة بعد مرور 15 يوماً من تقديم الملف، مع إمكانية التمديد لمدة مماثلة. كما تجب المفاوضات خلال هذه الأجال للتوصل إلى حلول متفق عليها.
أما في حالة القضايا الخلافية، فيمكن الدعوة إلى الإضراب بعد 30 يوماً في القطاع العام أو المرفق العمومي، و10 أيام في القطاع الخاص، مع إمكانية اللجوء إلى مسطرة التصالح وفقاً لتشريع الشغل، وفي حال وجود خطر حال يهدد صحة وسلامة الأجراء، يجوز الدعوة إلى الإضراب بعد 3 أيام من إثبات الخطر. وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق، يمكن ممارسة الإضراب وفقاً للكيفية المحددة في القانون داخل سنة من انقضاء الآجال.
وبموجب مقتضيات هذا القانون التنظيمي يمنع خلال مدة سريان الإضراب، إحلال محل العمال المضربين بأشخاص لا تربطهم علاقة بالنشاط أو الخدمة المقدمة بالمقاولة أو المؤسسة أو المرفق العمومي، إلا في حالات استثنائية، ويمكن للمؤسسة أو المرفق العمومي، إذا رفض العمال المكلفون بتوفير حد أدنى من الخدمة أو ضمان استمرار الأنشطة الضرورية، إحلال عمال آخرين محلهم لضمان سير العمل، خاصة في المرافق الحيوية أو للحفاظ على الممتلكات والتجهيزات.
وفي حال تأثير الإضراب على تزويد السوق بالمواد الضرورية لحماية حياة المواطنين وصحتهم، يمكن للسلطة المعنية استدعاء عمال آخرين لضمان استمرارية الأنشطة، وإذا تعذر ذلك، يمكن للسلطات المحلية اتخاذ التدابير اللازمة لضمان استمرارية النشاط على مسؤولية ونفقة الجهة المعنية.
ونص مشروع القانون التنظيمي على أنه قبل تنفيذ الإضراب، يجب على الجهة الداعية له أن تبلغ قرار الإضراب إلى الجهات المعنية خلال فترة إخطار لا تقل عن سبعة أيام. يتضمن ذلك إشعار رئيس الحكومة، والسلطات الحكومية المعنية، ووالي الجهة أو عامل الإقليم، حسب نوع الإضراب (على الصعيد الوطني أو في قطاع معين أو مرفق عمومي). إذا كان الإضراب مرتبطًا بمخاطر حالّة تهدد صحة وسلامة العمال، يتم تقليص مهلة الإخطار إلى ثلاثة أيام.
وبحسب المصدر ذاته، يجب أن يتضمن قرار الإضراب معلومات أساسية مثل اسم الجهة الداعية، سبب الإضراب، مكان العمل المعني، وتاريخ وساعة بدء الإضراب ومدته. كما يجب إرفاق القرار بنسخة من الملف المطلبي أو القضايا الخلافية، بالإضافة إلى نسخة من محضر اللجنة التي قررت الإضراب في حال وجودها.
ويمكن للجهة الداعية للإضراب إلغاؤه أو توقيفه مؤقتًا أو إنهاؤه، كما يمكن للأطراف المعنية الاتفاق على توقيفه أو إنهائه في أي وقت. وإذا تم توقيف الإضراب للتفاوض، يمكن استئنافه في حال عدم التوصل إلى اتفاق خلال 15 يومًا، دون التقيد بالمهلة المحددة. وفي حال إنهاء الإضراب بموجب اتفاق بين الأطراف، لا يجوز الدعوة لإضراب جديد بشأن نفس القضايا إلا بعد مرور سنة على الأقل، بشرط الالتزام بالاتفاقات المبرمة.
وحظر مشروع القانون التنظيمي للإضراب، إغلاق المقاولة أو المؤسسة كليًا أو جزئيًا خلال فترة الإضراب، غير أنه أجاز للمقاولة أو المؤسسة أو الجهة الداعية للإضراب تقديم طلب إلى قاضي المستعجلات إذا تم عرقلة حرية العمل أو احتلال أماكن العمل أو تسببت الأعمال في أضرار للممتلكات مثل التجهيزات أو المواد أو السلع. كما يمكن طلب اتخاذ تدابير وقائية لحماية الممتلكات والحفاظ على الصحة والسلامة المهنية، بما في ذلك الإغلاق الجزئي أو الكلي المؤقت للمقاولة أو المؤسسة، مع مراعاة حقوق العمال غير المضربين.
وألزم النص القانوني المصادق عليه بمجلس النواب السلطات العمومية باتخاذ تدابير لحفظ النظام العام وحماية الأشخاص والممتلكات أثناء الإضراب، مثل فك الاعتصامات ومنع احتلال أماكن العمل وإغلاق مقرات العمل أمام العمال غير المضربين. كما يمكن اتخاذ إجراءات لضمان استمرارية الخدمات الحيوية وتزويد السوق بالمواد الأساسية. وفي حالة تهديد الإضراب للنظام العام أو توقف الحد الأدنى من الخدمة، يمكن للسلطات اللجوء إلى قاضي المستعجلات لوقف الإضراب مؤقتًا.
وشدد على أن حق الإضراب يمارس في المرافق الحيوية وفقًا للشروط المنصوص عليها في القانون التنظيمي، مع ضرورة توفير الحد الأدنى من الخدمة في عدة قطاعات حيوية، مثل المؤسسات الصحية والمحاكم والنقل والمواصلات والطاقة والمياه.
ويهدف هذا الحد الأدنى إلى الحفاظ على حياة الأفراد وصحتهم وسلامتهم وضمان النظام العام أثناء الإضراب. يتم تحديد هذا الحد الأدنى عبر نص تنظيمي بعد استشارة النقابات والمنظمات المهنية، ويمكن تحديد قائمة العمال المكلفين بتوفير هذا الحد بموجب اتفاق بين الجهة الداعية للإضراب والمقاولة أو المؤسسة. في حال عدم الاتفاق، يمكن استصدار أمر قضائي من قاضي المستعجلات.
وحذف مشروع القانون الجديد، العقوبة الحبسية في حق المضربين عن العمل، بينما نص على مجموعة من العقوبات المرتبطة بمخالفة الإجراءات القانونية المتعلقة بالإضراب. وتشمل هذه العقوبات غرامات مالية تتراوح من 5,000 إلى 50,000 درهم في حالات مختلفة، مثل: ممارسة الإضراب دون التقيد بالقانون، وعرقلة ممارسة الإضراب بشكل غير قانوني، واتخاذ إجراءات تمييزية ضد العمال بسبب الإضراب، والدعوة للإضراب أو اتخاذ قرار بالإضراب دون احترام الأحكام المنصوص عليها.
بالإضافة إلى العقوبات التأديبية قد تطبق على العمال الذين يغيبون عن العمل بصفة غير مشروعة بسبب الإضراب، والزيادة في العقوبة في حالة العود، حيث تضاعف العقوبة المفروضة. وتتعلق هذه العقوبات بأمور مثل: عدم التقيد بالقواعد المتعلقة بالحد الأدنى من الخدمة أثناء الإضراب، واتخاذ قرارات مخالفة للإجراءات القانونية المنظمة للإضراب.
المصدر: العمق المغربي