شرع البرلمان الجزائري، أمس السبت، في مناقشة مشروع قانون غير مسبوق يقضي بتجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر خلال الفترة الممتدة ما بين 1830 و1962، وذلك في جلسة علنية للمجلس الشعبي الوطني، في خطوة وُصفت بأنها سابقة في تاريخ المؤسسة التشريعية الجزائرية.

وشهدت الجلسة تفويض رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، لتقديم مشروع القانون أمام النواب، بحضور عدد من أعضاء الحكومة، في أجواء رمزية طبعتها الأعلام الجزائرية التي وُشّح بها المشاركون. ويأتي هذا التفويض عقب اتفاق جميع الكتل البرلمانية، الثلاثاء الماضي، على أن يتولى بوغالي عرض المشروع باعتباره “مطلبا وطنيا جامعا يسمو فوق كل الاعتبارات السياسية والحزبية”.

وأكدت الكتل البرلمانية، في بيان مشترك، أن مشروع القانون يعكس الإرادة الصادقة للنواب ويجسد التزام العهدة التشريعية الحالية بحفظ الذاكرة الوطنية والدفاع عن تاريخ الجزائر ونضالها التحرري، مشددة على وحدة الصف البرلماني حول الثوابت الوطنية.

وخلال تقديمه لمشروع القانون، اعتبر بوغالي أن الجلسة تتجاوز الطابع الإجرائي، قائلا إنها “فعل سيادي بامتياز، وموقف أخلاقي صريح، ورسالة سياسية واضحة”، تعبر عن تمسك الجزائر بحقها غير القابل للتصرف ووفائها لتضحيات شعبها ورسالة شهدائها. وأوضح أن النص المقترح يتضمن تعدادا لجرائم الاستعمار الفرنسي، وتحديدا لمسؤولية الدولة الفرنسية عن ماضيها الاستعماري، مع وضع آليات للمطالبة بالاعتراف والاعتذار، وإقرار تدابير جزائية تجرّم تمجيد الاستعمار أو الترويج له.

وشدد بوغالي على أن المشروع لا يستهدف شعبا بعينه ولا يهدف إلى الانتقام أو تأجيج الأحقاد، بل ينطلق من مبدأ مفاده أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ولا تُبرر بالقوة ولا تُغلق ملفاتها بالصمت.

وتُعد هذه المرة الأولى التي يناقش فيها البرلمان الجزائري، في جلسة علنية، مقترح قانون يتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي الذي دام أكثر من 130 سنة. وقد تولت صياغة المشروع لجنة برلمانية مكونة من سبعة نواب، يمثل ستة منهم الكتل البرلمانية، إضافة إلى نائب مستقل، تحت إشراف مباشر من رئيس المجلس.

ومن المرتقب، وفق بيان سابق للمجلس الشعبي الوطني، عرض مشروع القانون للتصويت خلال جلسة عامة مقررة يوم الأربعاء المقبل، إلى جانب نصوص تشريعية أخرى.

وتأتي هذه الخطوة في سياق توتر غير مسبوق في العلاقات الجزائرية الفرنسية، التي تمر بإحدى أسوأ مراحلها، خاصة في ظل الخلافات المرتبطة بملفات الذاكرة الاستعمارية، إلى جانب تداعيات اعتراف باريس بمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، وهو ما عمّق من حدة الأزمة بين البلدين.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.