أعاد حادث وفاة الطفل محمد الحافيضي، الذي قضى نحبه يوم الأحد الماضي إثر لسعة عقرب سامة، تسليط الضوء مجددا على هشاشة المنظومة الصحية في القرى. ووقعت هذه المأساة في دوار الحجاج التابع لجماعة سبت الكردان بإقليم تارودانت، لتجدد المطالب بضرورة تعزيز خدمات الإسعاف والاستشفاء في المناطق النائية.

ووفقا لمصادر محلية، فقد تفاجأت أسرة الطفل بظهور أعراض اللسعة على جسده، مما دفعها إلى نقله على وجه السرعة إلى أقرب مركز صحي. إلا أن غياب المصل المضاد لسم العقارب وضعف الإمكانيات الطبية حالا دون تقديم العلاج اللازم، ليفارق الطفل الحياة متأثرا بالسم الذي تفشى في جسده.

تأتي وفاة الطفل الحافيضي بعد أقل من أسبوع على حادثة مماثلة أودت بحياة طفل آخر من دوار تسكينت بجماعة إكيدي، تعرض للدغة أفعى سامة. وتعكس هذه الواقعة، كسابقتها، مدى ضعف الاستجابة الصحية في المناطق القروية، ونقص الأمصال الحيوية، والتأخر في وصول سيارات الإسعاف.

وفي تصريح سابق لجريدة “”، كشف مصدر من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أن معظم الوفيات الناجمة عن لدغات الزواحف السامة تُعزى إلى التأخر في نقل المصابين إلى المستشفيات الإقليمية أو الجهوية، التي تمتلك التجهيزات الطبية اللازمة للتعامل مع هذه الحالات الطارئة.

 وأضاف المصدر أن المراكز الصحية القروية تفتقر في الغالب إلى الأمصال المضادة لسموم الأفاعي بسبب حساسيتها العالية وتكلفتها المرتفعة، فضلا عن متطلبات تخزينها الدقيقة التي نادرا ما تتوفر في المناطق الجبلية والنائية، موضحا أن استخدامها يقتصر على المستشفيات الكبرى وبعض المراكز الصحية من المستوى الأول، ويتطلب إشرافا طبيا دقيقا.

أما فيما يتعلق بلسعات العقارب، فقد نفى المصدر وجود ما يسمى بمصل العقارب، مؤكدا أن الأبحاث الطبية أثبتت عدم فعاليته. وأوضح أن البروتوكول العلاجي المعتمد يقتصر على أدوية مضادة للالتهاب والحمى والغثيان، وهي أدوية متوفرة في معظم المراكز الصحية.

وبحسب إحصائيات رسمية، سجلت جهة سوس ماسة خلال عام 2024 نحو 2500 حالة لسعة عقرب، بمعدل وفيات لم يتجاوز 0.077%، دون تسجيل أي حالة وفاة. وفي المقابل، تم تسجيل 28 حالة لدغة أفعى أدت إلى وفاة واحدة، مما يؤكد خطورة هذه اللدغات في ظل تأخر التدخل الطبي ونقص التجهيزات.

وتتكرر هذه الحوادث في وقت يعاني فيه سكان عدد من الجماعات القروية بإقليم تارودانت، مثل إكيدي وأوزيوة وتافنكولت وتالكجونت، من بعد المراكز الاستشفائية وصعوبة التضاريس، بالإضافة إلى النقص الحاد في سيارات الإسعاف.

وفي هذا السياق، وجه النائب البرلماني خالد الشناق، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، سؤالا كتابيا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، يستفسر فيه عن التدابير العاجلة التي تعتزم الوزارة اتخاذها للحد من انتشار العقارب والأفاعي في المناطق القروية، خاصة بعد تكرار حالات الوفاة بين الأطفال.

وكانت فعاليات مدنية وحقوقية قد طالبت مرارا وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالتدخل لتوفير الأمصال في المراكز الإقليمية والجهوية، وتعزيز تدريب الكوادر الصحية على التعامل السريع مع هذه الحالات، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية موجهة لسكان القرى حول سبل الوقاية والإسعافات الأولية.

ومع استمرار هذه المآسي، تتعالى أصوات سكان تارودانت والمناطق القروية الأخرى، مطالبة بتسريع وتيرة إصلاح البنية التحتية الصحية، وضمان عدالة جغرافية في الوصول إلى الخدمات العلاجية، لا سيما خلال فصل الصيف الذي يشهد تزايدا في انتشار الزواحف السامة، وما يرافقه من مخاطر تهدد حياة السكان، والأطفال على وجه الخصوص.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.