بأول تعليق له على فاجعة فيضانات أسفي التي أودت لحد الساعة بحياة 37 شخصا، أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن تدبير آثار الكوارث الطبيعية، من فيضانات أو زلازل، يندرج أساسا ضمن اختصاصات الحكومة، التي تتحمل مسؤولية اتخاذ القرارات المناسبة المرتبطة بالدعم، وإعادة الإعمار، وتأهيل البنيات التحتية المتضررة.
وأوضح الجواهري خلال ندوة صحفية عقب أشغال الاجتماع الفصلي الرابع والأخير لسنة 2025 لمجلس بنك المغرب، أن بنك المغرب لا يتدخل في طبيعة هذه القرارات، لكنه يقوم بتتبع انعكاساتها المالية والاقتصادية، خصوصا على مستوى الميزانية العامة للدولة، مشيرا إلى أن أي قرارات حكومية لها أثر مالي يتم إدماجها لاحقا ضمن توقعات البنك بعد توفر المعطيات الدقيقة.
وأضاف أن التحيين الفعلي لتوقعات بنك المغرب يتم اجتماعا بعد اجتماع، موضحا أن شهر مارس يشكل محطة أساسية لظهور معالم القرارات الحكومية وانعكاساتها، سواء على مستوى العجز الميزانياتي، أو المديونية، أو طبيعة هذا التأثير، هل هو ظرفي موسمي أم هيكلي دائم.
وشدد والي بنك المغرب على أن المؤشرات التي يركز عليها البنك المركزي تهم بالأساس العجز ومستوى مديونية الدولة، باعتبارهما عنصرين محوريين في تقييم التوازنات المالية، موضحا أن تحليل الأثر يشمل ميزانية الدولة، وكذلك ميزانيات الجماعات الترابية والجهات، حسب طبيعة التدخلات الحكومية.
وفي هذا السياق، استحضر الجواهري تجربة تتبع تداعيات زلزال الحوز، مبرزا أن بنك المغرب اعتمد مقاربة شهرية لرصد تطور القرارات الحكومية وتطبيقها، والوقوف على انعكاساتها التدريجية على الميزانية العامة، والعجز، ومستوى المديونية.
وأكد أن التوازنات الماكرواقتصادية بالمملكة تظل، في المجمل، مستقرة، مشيرا إلى أن البنك لا يتردد في التنبيه إلى أي اختلالات محتملة متى ظهرت مؤشرات مقلقة، في إطار دوره التحذيري والاستباقي.
وبخصوص المخاطر المناخية، أشار والي بنك المغرب إلى أنها أصبحت تشكل تحديا متزايدًا، سواء من خلال توالي سنوات الجفاف أو وقوع فيضانات وكوارث طبيعية مفاجئة، موضحا أن هذه التحولات تفرض إدماج المخاطر المناخية ضمن التحليل الاقتصادي والمالي.
وكشف الجواهري أن بنك المغرب، بتنسيق مع القطاع البنكي، يعمل على دراسة هذه المخاطر بشكل دقيق، مع تهييء البنوك لأخذها بعين الاعتبار في سياسات التمويل ومنح القروض، بما يضمن صلابة النظام المالي وقدرته على الصمود.
وأشار في هذا الصدد إلى إنجاز تقرير مشترك مع البنك الدولي حول المخاطر المناخية، مؤكدا أن التحولات المتسارعة تفرض مراجعة المقاربات التقليدية كل بضع سنوات، حتى لا تبقى هذه المخاطر خارج الحسابات الاقتصادية، وتفاجئ الفاعلين بتداعيات غير متوقعة.
وشدد والي بنك المغرب على أن مواكبة هذه المستجدات باتت ضرورة ملحة، في ظل عالم يشهد تحولات مناخية متسارعة، تستوجب يقظة دائمة وتكييفًا مستمرًا للسياسات الاقتصادية والمالية.
المصدر: العمق المغربي
