شهدت مدينة آسفي، يوم الأحد 14 دجنبر 2025، فيضانات مفاجئة أسفرت عن خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، ما أعاد إلى الواجهة النقاش حول حقوق المتضررين وإجراءات التعويض المتاحة لهم.
وفي حصيلة مؤقتة، كشفت السلطات المحلية بإقليم آسفي، عن ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات التي شهدها الإقليم مساء الأحد 14 دجنبر 2025، إلى 37 وفاة.بينما أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بآسفي، أن النيابة العامة فتحت بحثا في الموضوع بواسطة الشرطة القضائية للوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا الحادث الأليم والكشف عن ظروفه وملابساته.
إقرأ أيضا: “كنا بين الحياة والموت”.. ناجون يروون لـ”العمق” رعب الفيضانات في آسفي (فيديو)
وفي هذا الإطار، يتيح القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، الذي صدر سنة 2016 ودخل حيّز التنفيذ مطلع 2020، آليات واضحة للتعويض عن الأضرار المادية والبشرية التي قد تلحق بالأشخاص جراء الكوارث الطبيعية أو الوقائع الطارئة.
في هذا الصدد،حملت الجمعية الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب الجهات الحكومية المعنية مسؤولية التقصير في اتخاذ التدابير الاستباقية الكفيلة بالحد من آثار الكوارث الطبيعية، وضمان حماية المواطنين وممتلكاتهم، خاصة في المناطق المعروفة بهشاشتها البيئية والبنيوية.
وأكدت الجمعية عزمها مباشرة دعوى قضائية في إطار التقاضي الإستراتيجي ضد رئيس الحكومة أمام المحكمة الإدارية بالرباط، من أجل المطالبة بإعلان مدينة آسفي منطقة منكوبة وتمكين الساكنة المتضررة من الاستفادة من الآليات القانونية والمالية المترتبة عن هذا الإعلان وضمان جبر الضرر الفردي والجماعي، واتخاذ التدابير الاستعجالية والهيكلية اللازمة.
الإطار القانوني للنظام
يعتمد نظام تغطية الوقائع الكارثية على القانون رقم 110.14 وتغييرات وتتميمات القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، ولا سيما المادتين 3 و6، بالإضافة إلى المرسوم رقم 2.18.785 الصادر في 29 أبريل 2019، الذي يحدد كيفية تطبيق هذا القانون، مع التركيز على المادتين 3 و4 منه. وقد سبق أن تم استشارة لجنة تتبع الوقائع الكارثية قبل تفعيل هذا النظام لضمان فعاليته ومصداقيته.
ويهدف هذا القانون إلى حماية جميع الأشخاص الموجودين فوق التراب الوطني من الخسائر الناتجة عن الوقائع الكارثية، سواء كانت طبيعية مثل الزلازل، الفيضانات، ارتفاع منسوب المياه أو المد البحري، أو من فعل الإنسان مثل الأعمال الإرهابية، الفتن، أو الاضطرابات الشعبية.
وكانت الحكومة خصصت مساعدة مالية مباشرة بقيمة 2.5 مليار درهم، لإعادة تأهيل 1.121 منزلا، 269 منها انهارت بشكل كلي و852 انهارت بشكل جزئي، على إثر الفيضانات التي ضربت عدة أقاليم بالجنوب الشرقي للمملكة، حيث بلغت قيمة المساعدات 80 ألف درهم بالنسبة للمساكن التي انهارت بشكل جزئي، و140 ألف درهم للمساكن التي انهارت بشكل كلي.
هيكل النظام وآلية التعويض
يتضمن نظام تغطية الوقائع الكارثية شقين أساسيين:
الشق التأميني: يتم تدبيره بواسطة شركات التأمين لفائدة المواطنين الذين يستفيدون من تغطية تأمينية، حيث يمكنهم المطالبة بتعويضات عن الأضرار المادية للشقق والمنازل والممتلكات الخاصة، وفق شروط وثيقة التأمين.
الشق التضامني: يُدار عبر صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية، ويستهدف الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم أية تغطية تأمينية، بحيث يتم صرف إعانات مالية مباشرة لمساعدتهم على التعافي من آثار الكارثة واستعادة حياتهم الطبيعية.
من يمكنه الاستفادة؟
ينص القانون على أن جميع الأشخاص الذين لحقتهم أضرار في أرواحهم أو ممتلكاتهم نتيجة الوقائع الكارثية يحق لهم المطالبة بالتعويض، شريطة استيفاء شروط الإثبات، منها:
تحديد واقعة الكارثة المعترف بها رسميا من قبل السلطات المختصة، وتقديم أدلة على الأضرار، سواء كانت بشرية أو مادية، بما في ذلك صور أو تقارير رسمية أو شهادات الشهود، والالتزام بالإجراءات القانونية لتقديم طلب التعويض ضمن المهلة المحددة من طرف السلطات المختصة.
يُعد قانون 110.14 أداة حيوية لتعزيز حماية المواطنين من الخسائر المفاجئة، خصوصًا في ظل تزايد الكوارث الطبيعية وتغير المناخ. ويكفل القانون استجابة سريعة وعادلة لمتضرري الفيضانات الأخيرة في آسفي، سواء من خلال شركات التأمين أو عبر صندوق التضامن، ما يحد من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية لهذه الكوارث.
ويُعتبر هذا الإطار القانوني خطوة مهمة نحو تعزيز ثقافة الوقاية والتأمين ضد المخاطر الكارثية، ورفع مستوى الاستجابة الفعالة للكوارث، مع ضمان حقوق المواطنين المتضررين سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين.
إقرأ أيضا: بعد سيول أودت بـ37 حياة.. شهادات مؤثرة تكشف مأساة فيضانات آسفي (فيديو)
وسبق للحكومة أن أعلنت أن زلزال الحوز الذي وقع في المغرب بتاريخ 8 شتنبر الماضي “واقعة كارثية”وحسب القرار الصادر في الرسمية عدد 8039 بتاريخ 19 أكتوبر 2023، فقد تم تحديد أقاليم الحوز، وتارودانت، وشيشاوة، وورززات، ومراكش، وأزيلال، كمناطق منكوبة نتيجة الواقعة الكارثية المعلن عنها.
وأضاف المصدر ذاته، أن مدة الواقعة الكارثية حددت في أربع وعشرين ساعة، تبتدئ من الساعة الحادية عشرة وإحدى عشرة دقيقة ليلا من يوم الجمعة الثامن سبتمبر 2023.
ويأتي هذا القرار بناء على القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية وبتغيير وتتميم القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.152 بتاريخ 21 من ذي القعدة 1437 (25) أغسطس 2016)، لا سيما المادتين 3 و 6 منه.
المصدر: العمق المغربي
