تفجرت قضية جديدة داخل إحدى الجماعات الترابية بإقليم مديونة بجهة الدار البيضاءسطات، بعدما كشفت معطيات محلية موثوقة عن تورّط مستشارات جماعيات من أحزاب تشكل الأغلبية داخل المجلس في التحكم في توزيع مياه الآبار على سكان دور الصفيح والدواوير المنتشرة بضواحي الإقليم، وهو ما يضعهن أمام مقصلة تضارب المصالح.

وتحولت هذه الآبار، التي كان يفترض أن تسهم في تخفيف معاناة آلاف الأسر الهشة المحرومة من الربط بشبكتي الماء والكهرباء، إلى أداة نفوذ ومورد ريع انتخابي تديره أياد سياسية نافذة.

وفق المعطيات التي حصلت عليها جريدة ، يقدر عدد الآبار المعنية بستة آبار موزعة على مناطق حضرية، بعضها مملوك لجماعة حضرية بضواحي الدار البيضاء، فيما أنشئ البعض الآخر بفضل محسنين لفائدة الساكنة المعوزة.

وأشارت المصادر إلى أنه رغم الطابع العمومي أو الخيري لهذه الآبار، فإن مستشارين سابقين ومستشارات يمسكون بخيوط الاستفادة منها بشكل كامل، مانحين لأنفسهم سلطة التحكم في الماء، وفي توقيت ضخه، وكيفية توزيعه، ومن له الحق في الوصول إليه.

وأفادت المصادر بأن ما يفوق 30 ألف شخص يعتمدون يوميا على هذه الآبار كمصدر رئيسي للماء، رغم أنه غير صالح للشرب، نظرا لغياب أي عملية معالجة أو مراقبة صحية.

المثير في الفضيحة، وفق المصادر عينها أن المضخات المستعملة في ضخ المياه تشتغل باسم الجماعة الترابية وتؤدى فواتيرها من ميزانيتها، إلا أن التحكم الفعلي في تشغيلها أو تعطيلها أو تحديد المستفيدين منها يتم من طرف مستشارات ومقربين منهن.

وقالت المصادر إن بعض المستشارين السابقين الذين لم يعودوا يشغلون مهام رسمية داخل الجماعة لا يزالون بدورهم يتدخلون في منظومة توزيع الماء، مستعملين علاقاتهم القديمة ونفوذهم داخل بعض الأقسام الإدارية.

وأكدت المصادر أن عددا من هؤلاء المنتخبين يفرضون على الأسر المستفيدة مبالغ مالية تسمى محليا “الفورفيات”، تتراوح بين 10 دراهم فما فوق، وتدفع بشكل دوري مقابل السماح بالاستفادة من الماء.

ورغم رمزية المبلغ الظاهر، إلا أن حجم الاستفادة يجعل المداخيل الشهرية كبيرة، خصوصا في ظل غياب أي مراقبة مالية أو تقنين قانوني لهذا النشاط الذي يفترض أنه خدمة اجتماعية.

وشددت المصادر على أن هذا الوضع خلق حالة من الغضب وسط الساكنة، التي تعتبر أن الماء، باعتباره موردا عموميا، أصبح أداة للابتزاز ومصدرا للإثراء غير المشروع.

وأكدت شهادات سكان الدواوير أن قطع الماء يتم في كثير من الأحيان دون سابق إنذار، إما لمعاقبة المناطق أو الأسر التي لا تنحاز سياسيا للمستشارات المعنيات، أو في إطار تصفية حسابات انتخابية مع معارضين داخل المجلس.

ويستغل بعض المسؤولين الجماعيين هذا الضغط لاستمالة الأصوات خلال الدورات العادية والاستثنائية للمجلس، أو خلال الاستحقاقات الانتخابية، عبر وعود بإعادة تشغيل المضخات أو تخفيض “الفورفيات”.

أحد أوجه القضية الأكثر خطورة هو لجوء هؤلاء المنتخبين إلى التأثير على العمال التقنيين لسحب العدادات الكهربائية المرتبطة مباشرة بالمضخات، ما يؤدي إلى توقف كلي لتزويد الدواوير بالماء.

ويتم اللجوء إلى هذا الإجراء في حالات الاصطفاف السياسي مع المعارضة داخل المجلس، أو رفض المستشارات المذكورات التصويت على النقط المتعلقة بأشغال الدورات العادية أو الاستثنائية، وفق المصدر ذاته.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.