في خضم الإكراهات المناخية والاقتصادية التي تواجه القطاع الفلاحي، وما ترتب عنها من ديون متعثرة على الفلاحين، أكد محمد فكرات، الرئيس المدير العام لمجموعة القرض الفلاحي للمغرب، أن البنك يتعامل مع كل حالة على حدة بمنطق “الأبواب المفتوحة”، مع السعي إلى تقديم حلول مبتكرة، وأحيانا فردية، لتفادي اللجوء إلى إجراءات أخرى.
وأوضح فكرات خلال اجتماع للجنة القطاعات الإنتاجية، يوم الأربعاء 18 يونيو 2025، أن البنك لا يتعامل مع الديون المتعثرة بمنطق جماعي أو آلي، بل يدرس كل ملف على حدة، مع اعتماد سياسة “الأبواب المفتوحة” لفهم خلفيات التعثر، مشيراً إلى أن هناك فلاحين يواجهون صعوبات حقيقية تتطلب المواكبة، فيما هناك آخرون يملكون القدرة على السداد لكنهم يختارون التماطل، مضيفاً بقوله: “إن لم ننجح في التسوية معه فإننا نلجأ مضطرين لوسائل أخرى”.
وأوضح أن البنك يعتمد عدة إجراءات لتخفيف عبء الديون على الفلاحين، منها تمديد آجال السداد، وتأجيل الأقساط لمدة سنة أو سنة ونصف، وإعادة احتساب الفوائد المتراكمة بنسبة مناسبة، وإعادة جدولتها في قروض ميسرة، مع توفير دعم غير مالي لتأهيل المسارات التقنية للإنتاج وتوجيه الأنشطة نحو مجالات أكثر مردودية.
وأضاف أن هذه المقاربة تهدف إلى تخفيف العبء المالي عن الفلاحين وتمكينهم من استعادة التوازن في أنشطتهم الإنتاجية. وفي الآن ذاته، يستفيد هؤلاء من دعم غير مالي يتمثل في المواكبة التقنية وإعادة توجيه أنشطتهم الفلاحية نحو مجالات أكثر مردودية.
لكن فكرات لم يخف التحديات الرقابية التي تواجه القرض الفلاحي للمغرب، قائلاً: “نحن مطالبون من طرف بنك المغرب والمجلس الأعلى للحسابات بتبرير كل ملف متعثر، وإذا لم نقم بما يلزم يُطرح علينا السؤال: لماذا لم تتحركوا تجاه هذا الزبون؟”
وبخصوص التعليمات الملكية الأخيرة المتعلقة بدعم الكسابين بعد إلغاء شعيرة ذبح أضحية العيد، أكد فكرات أن القرض الفلاحي للمغرب سيواكب تنفيذ هذا القرار تحت إشراف وزارتي الفلاحة والداخلية، وباقي المتدخلين المؤسساتيين، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه في أقرب الآجال.
في سياق متصل، أكد الرئيس المدير العام لمجموعة القرض الفلاحي للمغرب أن المؤسسة تعتبر فاعلا وطنيا محوريا وممولا رئيسيا في خدمة السيادة الغذائية والتنمية القروية، من خلال تدخلاتها المتواصلة عبر مختلف جهات المملكة، موضحاً أن البنك يعتمد استراتيجية شمولية لتمويل الاقتصاد الوطني، لا سيما من خلال مواكبة سلاسل الإنتاج الفلاحي وكافة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالعالم القروي.
وقال فكرات إن القرض الفلاحي للمغرب أثبت، رغم توالي الظروف المناخية الصعبة، قدرته العالية على الصمود، بفضل تعبئة منسجمة وفعالة لموارده البشرية ووسائله المالية واللوجستيكية. ومع ذلك، شدد على ضرورة تقوية مساهمة المؤسسة وضمان استدامتها، من خلال تعزيز الدعم والمواكبة الفعلية من قبل الدولة وكافة الفاعلين داخل المنظومة الفلاحية والقروية.
وأضاف أن عمل المؤسسة يرتكز على مبادئ المسؤولية المجتمعية، والتضامن الفعال والميداني، والارتباط الوثيق بالمجال الترابي، في إطار مقاربة تشاركية مع مختلف الشركاء، مشيراً إلى أن القرض الفلاحي يعد بنكاً شمولياً يضع تمويل العالم القروي والفلاحي في صلب أولوياته، حيث يحتل الصدارة بتمويل يفوق 80% من سلاسل الإنتاج الفلاحي، وتشكل القروض الموجهة للقطاع الفلاحي ما بين 45% و50% من إجمالي محفظة القروض.
ولفت إلى أن القرض الفلاحي يواكب السياسات العمومية، وعلى رأسها مخطط “المغرب الأخضر” واستراتيجية “الجيل الأخضر”، باعتباره الذراع التمويلية الرئيسة لها، موضحاً أن 82% من قروض البنك موجهة للضيعات العائلية الصغيرة، مقابل 18% للضيعات المتوسطة، و0.36% فقط للضيعات الكبرى، مما يبرز تركيز المؤسسة على الفلاحين الصغار والمتوسطين.
وأكد فكرات أن البنك، رغم الإكراهات، واصل أداءه وسجل مؤشرات مالية إيجابية تعزز مردوديته، مما يسمح له بتوسيع قاعدة مواكبته للفلاحين والاقتصاد الوطني. وقد بلغت قيمة التمويلات التي منحها البنك منذ سنة 2017 حوالي 54 مليار درهم، في إطار الاستراتيجية الوطنية للجيل الأخضر.
المصدر: العمق المغربي