فعاليات مدنية وحقوقية تنادي بتعميم “التراموي” على المدن الكبرى بالمملكة
نادت فعاليات حقوقية ومدنية بالتعجيل بتعزيز بنية النقل الحضري بمدن إستراتيجية وكبرى بالمملكة، على غرار طنجة ومراكش وفاس، بشبكة “التراموي”، معتبرة أن مرور اثنتي عشرة سنة تقريبا على بدء استخدام هذه الوسيلة الحديثة للنقل الحضري العمومي بالدار البيضاء والرباط دون تعميم التجربة على مدن أخرى يسائل توفير “العدالة في مجال النقل” بالنسبة لساكنة المدن سالفة الذكر.
الفعاليات التي تحدثت لجريدة هسبريس أبدت تفهمها كون “الوتيرة السريعة التي جرت بها توسعة شبكة الترامواي بالرباط والدار البيضاء مطلوبة لتخفيف الضغط الكبير على النقل العمومي الذي يفرضه كون المدينتين العاصمتين الإدارية والاقتصادية للمملكة”، إلا أنها أكدت أن المدن التي تمثلها “تشكو بدورها مشاكل في السير والجولان، لم تفلح وسائل نقل عمومية أخرى كالحافلات الكهربائية والباصواي في حلّها، وهو ما يجعل مطلب تعميم التراموي ملّحا، خاصة أن هذه المدن مقبلة على استضافة مونديال 2030”.
وكانت شركة “الدار البيضاء للنقل” أعلنت أنه انطلاقا من يوم الإثنين 23 شتنبر الجاري ستنطلق الخدمة الفعلية للخطين الثالث والرابع لـ”كازاطرامواي”، “بعد فترة تجارب في الظروف الواقعية للسير بدون مسافرين، انطلقت منذ شهر ماي الماضي”.
وأشارت الشركة، في بلاغ اطلعت عليه هسبريس، إلى أن الخط الثالث يمتد على طول 14 كلم، ويضم 20 محطة للمسافرين، فيما يمتد الخط الرابع على طول 12,5 كلم، ويضم 19 محطة.
ولفتت الشركة ذاتها إلى أن هذين الخطين يكملان عرض النقل العمومي في المسارات الخاصة في المدينة، وبذلك يصل طول خطوط الشبكة إلى ما مجموعه 98 كلم و151 محطة ركاب و12 نقطة مواصلة، بعد أن كان طولها 31 كلم عند انطلاق التراموي بالعاصمة الاقتصادية بتاريخ 2012/12/12.
تعزيز بنية النقل الحضري
عمر أربيب، رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش، أكد “ضرورة التعجيل بتعزيز بنية النقل الحضري لثلاث مدن رئيسية بالمملكة، هي طنجة وأكادير وفاس، بخطوط التراموي، بالنظر إلى كثافتها السكانية العالية واحتضانها مجموعة من المؤسسات العمومية الكبرى ذات الاستقطاب المفتوح، من مستشفيات جامعية وجهوية وكليات تستقطب عشرات آلاف الطلبة من مختلف مناطق المغرب، عدا عن ترقب استضافتها مباريات مونديال كأس العالم 2030″، موضحا أن “جميع الحلول التي تمّ اللجوء إليها لتخفيف مشاكل النقل الحضري بهذه المدن، من قبيل ‘الباصواي’ أو الحافلات الكهربائية، لن تكون ناجعة مقارنة بالترامواي”.
وسجّل أربيب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “توفر عرض من النقل الحضري يستجيب لحاجيات الساكنة والمقيمين بالمدينة الحمراء، التي تستقطب جامعتها لوحدها 90 ألف طالب سنويا، مازال متعثرا؛ بحيث تعيش المدينة على وقع الاختناق المروري الذي يبلغ ذروته في عطل نهاية الأسبوع، إذ تتحدث بعض الإحصائيات عن أكثر من 170 ألف سيارة تلج شوارع مراكش خلال يوم الأحد فقط”، موردا أن “عدد حافلات النقل الحضري قليل جدا بالمدينة، فيما تناقص عدد الحافلات الكهربائية التي تمّ إطلاقها بمراكش من عشر حافلات إلى حافلتين فقط، ولا تشتغلان بانتظام”.
وأوضح الناشط الحقوقي ذاته أن “عدم جدوى هذه الحافلات في الاستجابة للطلب المرتفع على النقل الحضري يفرض تحويل ممرها الذي يستغل ثلث الطريق الممتدة من شارع الحسن الثاني إلى باب دكالة إلى مسار لخط التراموي”، مسجّلا أيضا “ضرورة إحداث خطوط أخرى للتراموي، على غرار خط يمتد على طريق كماسة باتجاه حي المحاميد، الذي أصبح بفعل كثافته السكانية بمثابة مدينة داخل مراكش، وخط يصل بين أطراف المدينة والجامعة، مع ربط خط بين باب دكالة ومدينة تامنصورت”.
وأضاف رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش: “جماعة مراكش تحاول إيجاد حلول لمشكل الاختناق المروري من خلال إحداث نفقين أرضيين ومجموعة من المدارات، إلا أن المفيد بالنسبة إلينا والواجب التفكير فيه مستقبلا هو ربط المدينة بخطوط التراموي”، موضحا أن “تنفيذ هذا المشروع بمدينة مراكش يجب ألا يتكرر معه سيناريو أشغال تهيئة ممرات التراموي بالدار البيضاء والرباط، حيث كانت تتوقف العديد من الشوارع التي تعد شرايين رئيسية للنقل بالعاصمتين الاقتصادية والإدراية، وهو ما يفرض تهييء البنية التحتية للمدينة الحمراء لمثل هذه الأشغال من الآن”.
“عدالة النقل”
إلى مدينة فاس، حيث أكد أسامة أوفريد، ناشط مدني وحقوقي، أن “تفعيل مبدأ العدالة المجالية في عرض النقل بين مدن المملكة يفرض أن تستفيد فاس بدورها على غرار الدار البيضاء والرباط من الربط بشبكة التراموي”، مسجّلا أن “عدم استفادة ثاني أكبر مدينة بالمملكة (فاس) من وسيلة النقل هذه يفاقم معاناة الساكنة، خصوصا في ظل عدم توّفر أسطول للنقل الحضري بعدد حافلات متناسب مع الطلب”.
وأضاف أوفريد في تصريح لهسبريس أن “ارتفاع الكثافة السكانية بمدينة فاس وضمّها مؤسسات عمومية متعددة الروافد، على غرار جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فضلا عن رهانها على استضافة مباريات كأس العالم 2030، يجعل مطلب إحداث خطوط للتراموي تربط المقاطعات الست بالمدينة مطلبا ملحّا ومشروعا”، مؤكدا أنه “من غير المعقول التأخر في هذا الموضوع في ظلّ شكوى المئات من الطلبة والموظفين بفاس لسنوات من التأخرات اليومية عن الوصول إلى مقرات الدراسة أو العمل، واضطرار بعض الطلبة المنحدرين من خارج المدينة، بالنظر إلى محدودية دخلهم، إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى الحي الجامعي سايس”.
وبخصوص أكادير أكدّ رشيد فاسح، فاعل مدني، “ضرورة تمتيع المدينة بدورها بشبكة التراموي على غرار مدينتي الدار البيضاء والرباط، بالنظر إلى كون عاصمة سوس تشكو هي الأخرى خصاصا في عرض النقل الحضري لا يتلاءم مع كثافتها السكانية الكبيرة، ورهانها على استضافة تظاهرات عالمية كبرى، ككأس إفريقيا للأمم 2026 ومونديال 2030″، موردا أن “حافلات ‘أمل واي’ التي ستجوب شوارع أكادير عمّا قريب لن تسّد هذا الخصاص، وستبقى الحاجة إلى الترامواي قائمة”.
فاسح تفهّم في تصريحه لجريدة هسبريس أن “تأخر ربط عاصمة سوس بخطوط الترامواي قد يكون راجعا إلى طغيان الهضاب على الطبيعة الجغرافية لعدد من الأحياء”، إلا أنه أكد أن “هذا المعطى لا يعني انعدام حظوظ المدينة في التوفر على هذه الوسيلة الحديثة؛ بحيث يمكن تحويل المسارات الخاصة بحافلات النقل عالي الجودة ‘أمل واي’ إلى ممرات للترامواي، وهو ما سيوفّر الوقت الذي تستغرقه الدراسات التقنية حول المسارات”.
المصدر: هسبريس