طالبت عدد من الجمعيات المدنية بواحة تيدسي وجماعة المهادي بإقليم تارودانت بفتح تحقيق عاجل حول ما بات يعرف بـ”سرقة المياه الجوفية من قبل فلاحين نافذين”، خاصة بعد نقل مياه بئر داخل الواحة نحو المهادي دائرة أولاد تايمة، واستعمالها في سقي ضيعات فلاحية خاصة تعود ملكيتها لأشخاص نافذين في المنطقة.

وأوضحت ذات الجمعيات في بيانها الموجه لوالي جهة سوس ماسة سعيد أمزازي، أن عملية نقل المياه من واحة تيدسي نحو المهادي تمت خارج أي إطار قانوني أو إداري، ودون ترخيص من الجهات المعنية، محذرة من استمرار هذا الوضع الذي وصفته بـ”الخطير والمهدد للتوازن المائي والبيئي بالمنطقة”.

وأبرزت أن ما يجري يشكل “استغلالا غير مشروع للمياه الجوفية” من طرف أشخاص ذاتيين، بهدف سقي ضيعات فلاحية خاصة، مشيرة إلى أن جهاز المراقبة المحلي والجمعيات المائية المكلفة بالتدبير لم تتوصل بأي إشعار رسمي أو اتفاق قانوني يجيز هذه العملية.

البيان ذاته الذي توصلت جريدة بنسخة منه، شدد على أن ما يسمى “اتفاقية الشراكة” التي يتم تبرير العملية بها لا تستند على أي أساس قانوني، ولم توقع في إطار مؤسساتي أو جمعوي معترف به، ما يجعلها، بحسب نص البيان، “باطلة من حيث الشكل والمضمون”، ويدخل ضمن ما اعتبرته جمعيات المنطقة “تحايلا على القانون بغرض سرقة المياه الجوفية الخاصة بواحة تيدسي وتحويلها لأغراض خاصة”.

وأضافت الجمعيات أن هذا السلوك يشكل “خرقا صريحا لمقتضيات القانون 36.15 المتعلق بالماء”، لما له من انعكاسات سلبية على التوازن البيئي والاقتصادي بالمنطقة، في ظل تراجع الفرشات المائية وتزايد الضغط على الموارد الطبيعية.

وطالبت الفعاليات الموقعة على البيان السلطات الإقليمية والجهوية بالتدخل لوقف هذه الممارسات فورا، وفتح تحقيق نزيه لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية، داعية إلى مراجعة الاتفاقيات المبرمة بين جماعة المهادي والخواص والتأكد من قانونيتها، وحماية المياه الجوفية باعتبارها “ثروة وطنية ومصدر حياة لساكنة الواحة”.

وختمت الجمعيات بيانها بالتعبير عن استنكارها الشديد لما وصفته بـ”الاستهتار بالقوانين المنظمة للماء”، مطالبة بوقف الاستغلال الفلاحي غير المشروع، وتمكين الساكنة المحلية من الاستفادة من المياه في إطار مشروع تنموي منصف ومستدام.

وكان عدد من الفاعلين الجمعويين في واحة تيدسي وجماعة المهادي والمناطق المجاورة قد أكدوا في تصريحات لجريدة “” أن السكان يعانون انقطاعا مستمرا للمياه، إذ ظلت بعض الدواوير لعدة أيام دون ماء، ما جعل السكان عاجزين عن تلبية حاجياتهم اليومية للشرب والاستخدام المنزلي.

وأوضحوا أن الكميات التي تصل إلى الخزانات حاليا لا تغطي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات، وأن التوزيع يتم على فترات محدودة وغير منتظمة، مما يزيد من معاناة السكان، مشيرين إلى أن عدد السكان المتضررين في بعض الدواوير يتراوح بين 135 و140 عائلة، وأن نحو 23 دوارا في المنطقة تعاني من نفس المشكلة، دون حلول جذرية أو تدخل فعلي من السلطات.

ولفت الفاعلون إلى أن هناك اتفاقية كانت من المفترض أن تسمح بتزويد السكان بالمياه من أحد الآبار، إلا أن المياه تُنقل منذ سنتين إلى ضيعات فلاحية خاصة، بدلا من إيصالها للسكان، وهو ما يشكل استغلالا غير مشروع للمياه الجوفية ويهدد التوازن المائي في الواحة.

و أوضحوا في حديثهم لـ” العمق” أن هذه الاتفاقية المزعومة لا تستند إلى أي إطار قانوني واضح، وأن السكان لم يستفيدوا منها منذ تاريخ توقيعها، رغم الشكايات المتكررة التي تم رفعها للجهات المختصة.

وأكدوا أن الوضع الحالي يعكس مدى تهميش المنطقة وغياب الحلول المستدامة، حيث تستغل بعض الآبار يوميا لأغراض خاصة، وتنقل مياهها إلى ضيعات تبعد حوالي 16 إلى 18 كيلومترا عن مصدرها الأصلي، بينما يبقى السكان المحليون محرومين من المياه الضرورية، مشيرين إلى أن هذا الاستغلال غير القانوني يزيد من خطر نضوب العيون المائية في الواحة، خصوصا في ظل تأثيرات الجفاف والعوامل المناخية، مما يضاعف المخاطر على التوازن البيئي والزراعي في المنطقة.

وأبرز الفاعلون أن الانقطاعات المتكررة جعلت السكان يعيشون حالة من الإحباط واليأس، مع غياب تدخل المسؤولين المحليين والجهويين لتصحيح الوضع، مطالبين السلطات بالتدخل العاجل لوقف استغلال المياه الجوفية بطريقة غير قانونية، وضمان توزيع المياه بطريقة عادلة ومستدامة، قبل أن يؤدي الوضع إلى توقف العيون المائية بالكامل وفقدان جزء كبير من الثروة المائية للواحة.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.