فعاليات حقوقية بالرباط تستنكر العدوان على غزة وتطالب بوقف إبادة الفلسطينيين

في ظل التصعيد الأخير الذي يشهده قطاع غزة، تتوالى ردود الفعل الغاضبة والمنددة من قبل فعاليات حقوقية ومدنية وسياسية محلية ودولية، التي وصفت ما يجري بالإبادة الجماعية الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني، حيث نظمت منظمة العفو الدولية، فرع المغرب، ندوة يومه السبت بالرباط، استنكرت من خلالها معاناة الفلسطنيين.
وجاءت هذه الندوة في سياق عدوان عسكري إسرائيلي غير مسبوق، يستهدف سكان القطاع المحاصرين منذ سنوات طويلة، حيث يتعرض أكثر من مليوني إنسان لحصار خانق، وتجويع ممنهج، وقصف متواصل طال المستشفيات، والمنازل، والبنية التحتية.
وفي هذا الصدد، استنكرت ممثلة سفارة فلسطين استمرار هذه الجرائم في شهر رمضان المبارك، مشيرة إلى أن ما يتعرض له الغزاويون يزيد الشعور بالعجز لدى الفلسطينيين، الذين يواجهون تشريدا قسريا ومعاناة يومية، في ظل صمت دولي يثير تساؤلات عن جدوى القوانين الإنسانية وحقوق الإنسان، وفق تعبيرها، مبرزة أن الشعب الفلسطيني لا يطالب بالتعاطف أو الشفقة، بل يطالب بالعدالة الحقيقية التي تضمن له حقوقه الكاملة.
وبعد أن عبّرت عن مشاعر الأسى والإحباط، أكدت أن الفلسطينيين لم يعودوا يشعرون بأنهم بشر، في ظل الانتهاكات المستمرة التي تطالهم، مضيفة أن ما يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة هو تجاوز لكل المعايير الإنسانية، حيث انتقل الاحتلال الإسرائيلي من سياسات الحصار والتضييق إلى سياسات الإبادة العلنية، مركزة على مظاهر معاناة الشعب الفلسطيني، الذي يُحرم من أبسط حقوقه في العدالة والحرية والمساواة.
في هذا السياق، أكد الناشط الحقوقي والرئيس السابق لمنظمة العفو الدولية، فرع المغرب، حسن ساعف، أن الشعب الفلسطيني يعيش في ظل حرمان مزدوج؛ فهو محروم من حقه في القومية والجنسية، ويواجه مخططات ممنهجة تهدف إلى اقتلاعه من أرضه وتدمير هويته الوطنية.
وأشار إلى أن إسرائيل، التي تعتبر نفسها دولة ديمقراطية، تمارس أشرس الحملات العسكرية ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، تحت غطاء صمت دولي متواطئ، مشددا على أن هذه الجرائم ليست مجرد أفعال عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية استعمارية تسعى إلى فرض أمر واقع يستحيل معه تحقيق أي حل عادل للقضية الفلسطينية.
الفعاليات الحقوقية، التي شاركت في الندوة للتنديد بهذه الممارسات، أكدت أن ما يحدث في غزة يتجاوز كونه صراعاً سياسياً أو عسكرياً، ليصبح جريمة إبادة جماعية تستدعي تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي.
ورأت أن سياسة التجويع المتعمد والقصف العشوائي واستهداف المنشآت المدنية تعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، الذي ينص على حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، داعيا إلى تقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى المحاكم الدولية، وإلى تفعيل آليات المحاسبة التي تضمن عدم إفلات الجناة من العقاب.
كما شددوا على أن معاناة الشعب الفلسطيني ليست قضية إنسانية فقط، بل هي قضية سياسية بالدرجة الأولى، تتعلق بحق شعب كامل في تقرير مصيره والعيش بكرامة في وطنه، مؤكدين أن استمرار هذه الجرائم هو نتيجة مباشرة للسياسات الدولية المنحازة التي تغض الطرف عن انتهاكات الاحتلال، وتكتفي بإصدار بيانات الشجب والإدانة دون اتخاذ خطوات فعلية لوقف العدوان.
وتطرق عدد من المشاركين إلى تقارير حقوقية وثقت استخدام إسرائيل لأسلحة محرمة دولياً في قصفها للقطاع، حيث كشفت هذه التقارير عن وجود آثار لمواد سامة في أماكن القصف، ما يعزز من فرضية أن إسرائيل تستخدم أسلحة بيولوجية وكيميائية ضمن عملياتها العسكرية، وهو ما يشكل جريمة أخرى تضاف إلى سجلها الحافل بالانتهاكات.
ودعى ممثلون لمنظمات حقوقية، شاركت في الندوة، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلى التحرك العاجل لإيقاف هذه الممارسات التي وصفوها بأنها وصمة عار على جبين الإنسانية.
ومع تصاعد وتيرة العدوان، أضاف الحقوقيون، لم تقتصر المعاناة على الجانب الجسدي فقط، بل امتدت لتشمل الجانب النفسي والاجتماعي لسكان القطاع، خاصة أن الأطفال، الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان، يعيشون في حالة رعب دائم، جراء القصف المستمر والانقطاع المتكرر للكهرباء والماء، كما أن النساء وكبار السن يتحملون العبء الأكبر في مواجهة الظروف القاسية، حيث لا تتوفر لهم أبسط الاحتياجات الإنسانية.
وفي ظل هذا الوضع الكارثي، يرى الحقوقيون أن استمرار الحصار على غزة هو بمثابة جريمة حرب، تستهدف قتل الروح الإنسانية للشعب الفلسطيني وتحطيم قدرته على الصمود.
وشددت الفعاليات الحقوقية على ضرورة تبني مقاربة شاملة للتعامل مع القضية الفلسطينية، بحيث لا تقتصر الجهود على تقديم المساعدات الإنسانية فقط، بل تمتد لتشمل الضغط على الحكومات والهيئات الدولية لاتخاذ موقف حازم ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأكدوا أن تحقيق العدالة للفلسطينيين لن يكون ممكناً دون إنهاء الاحتلال بكافة أشكاله، ورفع الحصار عن غزة، وضمان عودة اللاجئين إلى ديارهم، كما دعوا إلى دعم النضال الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال، باعتباره حقاً مشروعاً كفلته كافة الشرائع والقوانين الدولية.
وأجمعت الفعاليات الحقوقية على أن ما يشهده قطاع غزة اليوم هو أزمة إنسانية وسياسية تستوجب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي، مبرزة أن الحل الوحيد لإنهاء هذه المأساة هو تحقيق العدالة للفلسطينيين، وإيقاف آلة الحرب الإسرائيلية التي لا تفرق بين طفل وشيخ، وبين منزل ومستشفى.
المصدر: العمق المغربي