اخبار المغرب

فرنسا تصعد دبلوماسيا ضد الجزائر.. هل خسر “قصر المرداية” أوراقه؟

كشف وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، عن بدء فرنسا تنفيذ تحذيراتها تجاه الجزائر، بتشديد القيود على الدبلوماسيين الجزائريين الراغبين في دخول الأراضي الفرنسية.

يأتي ذلك في أعقاب تصاعد التوترات الدبلوماسية بين البلدين، والتي بدأت منذ عدة أشهر بسبب خلافات حول قضايا الهجرة والسياسة الخارجية، حيث أكد دارمانان أن فرنسا بدأت في تنفيذ “رد متدرج” تجاه الجزائر، بما في ذلك منع بعض الدبلوماسيين الجزائريين من دخول البلاد.

وقال وزير الداخلية “لقد قمنا بالفعل بتنفيذ إجراءات ردية على حدودنا، خاصة في مطار شارل ديغول (رويسي)، حيث أصبحنا نطلب من الجزائريين الحاملين لجوازات سفر دبلوماسية تقديم أوامر مهمة رسمية. وقد تم بالفعل إعادة بعض المواطنين الجزائريين إلى بلادهم بسبب عدم استيفائهم لهذه الشروط”.

وأضاف دارمانان في حوار مع صحيفة “لو فيغارو”، أن هذه الإجراءات تأتي كجزء من استراتيجية “الرد المتدرج”، والتي وصفها بأنها “الأكثر فعالية” للتعامل مع الأزمات الدبلوماسية.

وأوضح الوزير الفرنسي أن هذه الإجراءات تستهدف بشكل خاص أفرادا من “النخبة الجزائرية”، مشيرا إلى أن زوجة سفير الجزائر في مالي كانت من بين الأشخاص الذين تم منعهم من دخول فرنسا بسبب “عدم استكمال وثائق السفر اللازمة”.

وتأتي هذه الخطوات في وقت يحاول فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تهدئة الأجواء مع الجزائر، حيث دعا مؤخرا إلى “إعادة إطلاق عمل جاد” حول اتفاقيات الهجرة بين البلدين.

في هذا السياق، لفت الباحث في العلاقات الدولية، أنس الحيمر إلى أن “التصعيد الأخير بين فرنسا والجزائر يعكس عمق الأزمة التي تعيشها العلاقات الثنائية بين البلدين، الإجراءات الفرنسية، وإن بدت فردية ومحدودة، إلا أنها تحمل رسالة سياسية قوية مفادها أن باريس لن تتردد في استخدام أدوات الضغط الدبلوماسي لتحقيق مصالحها”.

وأضاف الحيمر في تصريح لجريدة “”، أن “الجزائر، من جهتها، تواجه تحديات داخلية وخارجية تجعلها في موقف صعب. فمن ناحية، هناك أزمة اقتصادية وسياسية داخلية، ومن ناحية أخرى، هناك ضغوط دولية تتعلق بملفات مثل الهجرة والإرهاب، معتبرا أن “هذه العوامل مجتمعة قد تفسر سبب عدم رد الجزائر بقوة على الإجراءات الفرنسية حتى الآن”.

وفي رد على سؤال حول ما إذا كانت الجزائر قد خسرت أوراقها في هذه المواجهة، قال الحيمر “من الصعب الجزم بأن الجزائر قد خسرت أوراقها بالكامل، لكنها بالتأكيد تواجه تحديات جسيمة تعيق قدرتها على المناورة الدبلوماسية. فمن ناحية، الاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على الصحراء يُضعف الموقف التفاوضي للجزائر في القضية، خاصة في ظل الدعم الدولي المتزايد للمغرب. ومن ناحية أخرى، الضغوط الفرنسية المتعلقة بملف الهجرة وإعادة المطرودين تُظهر أن باريس تمتلك أدوات ضغط فعالة يمكنها استخدامها ضد الجزائر”.

وسجل الباحث ذاته، أنه “من المهم أن نلاحظ أن فرنسا والجزائر تربطهما علاقات تاريخية معقدة، مما يجعل أي أزمة بينهما ذات أبعاد متشعبة، ومع ذلك، فإن استمرار التوتر قد يؤثر سلبا على المصالح المشتركة للبلدين، خاصة في منطقة الساحل الأفريقي، فيما يرتبط بملفات الإرهاب”.

واستطرد قائلا: “العلاقات الفرنسيةالمغربية تلعب دورا محوريا في تعقيد المشهد، خاصة بعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، والتي جدد خلالها التأكيد على الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربي”، مسجلا أن ” هذا الموقف الفرنسي يُعتبر من وجهة النظر الجزائرية استفزازا كبيرا”.

ويرى الباحث في العلاقات الدولية، أنه  في ظل الخلافات التاريخية بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء المغربية، الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، ” ليس مجرد موقف دبلوماسي، بل هو تحول استراتيجي يعكس تقاربا أكبر بين باريس والرباط، مما يضع الجزائر في موقف دفاعي”.

وأشار المتحدث ذاته،  إلى أن “الجزائر قد تحتاج إلى إعادة تقييم استراتيجيتها الدبلوماسية مع فرنسا، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة، ففرنسا، كعضو في الاتحاد الأوروبي وحليف رئيسي للولايات المتحدة، تمتلك أدوات ضغط متعددة يمكن أن تستخدمها ضد الجزائر إذا استمرت الأزمة”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *