حذرت فرق الأغلبية من تغليط الرأي العام وتمرير المغالطات بخصوص الأرقام المتعلقة بالتغطية والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، مؤكدة أن الحكومة قامت بمنجزات غير مسبوقة في هذا المجال.

جاء ذلك في كلمة لفريقي الأصالة والمعاصرة والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في الجلسة الشهرية المخصصة للأسئلة الشفوية الموجهة لرئيس الحكومة بمجلس النواب حول “السياسة الحكومية لتعزيز الحق في الصحة”، يومه الإثنين.

تغليط الرأي العام وتشجيع القطاع الخاص

حذر رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أحمد التويزي، الرأي العام وتمرير المغالطات بخصوص الأرقام المتعلقة بالتغطية والرعاية الصحية، مذكرا بأنه “تابع مؤخرا خرجات لقادة سياسيين يتهمون الحكومة بالفشل في تنزيل هذا المشروع الاجتماعي”.

وقال بهذا الخصوص: “لا يمكننا القول بأن هذه الحكومة أقصت أكثر من 8.5 ملايين ونصف من هذه الحماية، وجعلتهم خارج التغطية الاجتماعية لما اعتمدت التأمين الإجباري عن المرض، حيث يعتقد البعض أن أكثر من 18.5 مليون كانت مسجلة في إطار الراميد، وهذا أمر فيه تغليط للرأي العام الوطني وغير مبني على أسس علمية دقيقة، صحيح أن هناك نقائص يجب تداركها، لكن الحكومة قامت بمجهود كبير في هذا المجال”.

وفي هذا الصدد، شدد التويزي على أن “البرنامج الحكومي الذي تعاقد البرلمان مع الحكومة بشأنه، من أولوياته ترسيخ الدولة الاجتماعية، وتنزيل هذا البرنامج يقتضي أولا وقبل كل شيء الاهتمام بالحماية الاجتماعية، ويأتي على رأسها قطاع الصحة”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الحكومة وضعت المواطن في صلب انشغالاتها وأولوياتها، سواء على مستوى تعليمه أو تشغيله أو ظروف سكناه، إلا أن المواطن لا يمكن أن يستمتع بجودة الحياة، ويحيا حياةً جيدة، إلا بالاعتناء بصحته أولا وأخيرا، لذلك لم تدخر الحكومة جهدا في تأهيل هذا القطاع، منطلقة من مسلمة أساسية تتمثل في أن تعميم الحماية الاجتماعية يقتضي تأهيلا حقيقيا للمنظومة الصحية برمتها، وفق تعبيره.

وأبرز أن الحكومة وضعت نصب أعينها الأولويات الثلاث، إرساء حكامة جديدة للمنظومة الصحية والاعتناء بالأطر الطبية وتثمين الموارد البشرية وتأهيل شامل للتجهيزات الطبية والبنيات الاستشفائية، بما يحقق جاذبية المستشفى العمومي.

وأضاف: “الحكومة الحالية لا تنسب مشروع الحماية الاجتماعية لنفسها وحدها، وإنما هو مشروع ملكي، ساهمت الحكومات السابقة في وضع أسسه، والحكومة الحالية كان لها الشرف في تنزيله في إطار عمل تراكمي، حيث وضعت الإنسان في صلب اهتماماتها وانشغالاتها، سواء تعلق الأمر بتعليمه أو ظروف سكناه أو في تشغيله أو في استشفائه وصحته”.

ورفض المتحدث ذاته اتهام بأن الحكومة تخلق الأزمات لتشجيع القطاع الخاص، مبرزا أن الحكومة  ضبطت المسار الطبي الذي من شأنه أن يحافظ على التوازن المالي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مع معالجة إشكالية شيك الضمان ومراجعة وضبط التعرفة المرجعية للأدوية.

وبخصوص العمل الحكومي في قطاع الصحة، ذكر بأن الحكومة منذ بداية هذه الولاية، 16 قانونا يأتي على رأسها القانون المتعلق بالوظيفة الصحية والقانون المتعلق بالمجموعات الصحية الترابية والقانون المتعلق بالهيئة العليا للصحة والقانون المتعلق بالهيئة الوطنية للصيادلة والقانون المتعلق بالوكالة المغربية للدم ومشتقاته والقانون المتعلق بالوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية.

فيما بلغت ميزانية قطاع الصحة 32 مليار درهم سنة 2025، بعدما كانت لا تتجاوز 12.7 مليار درهم سنة 2021، وهذا مجهود استثنائي وغير مسبوق، وفق تعبيره، مؤكدا أن الحكومة أرست مبدأ العدالة المجالية، من خلال إحداث المجموعات الصحية الترابية للجواب على مختلف التحديات الترابية في توزيع العرض الصحي، داعين الحكومة إلى الإسراع بتنزيل هذه المجموعات في مختلف جهات المملكة، وهو الأمر الذي سيسمح بالاستفادة من سلة العلاجات والخدمات الاستشفائية على قدم المساواة بين عموم المواطنين.

مرحلة بناء شامل

من جهته، أكد رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، علال العمراوي، أن “المغرب في مرحلة بناء شامل للمنظومة الصحية تتحقق عبر سياسة مندمجة ومتكاملة تنطلق أولا من تحسين العرض الصحي مرورا بالعمل على تقوية التكوين الصحي كما وكيفا من أجل ضمان توزيع عادل للموارد البشرية الصحية وتقليص الفوارق المجالية، فضلا على الاستمرار في تحقيق السيادة الوطنية على مستوى الصناعة البيوطبية أو الامن الدوائي”.

وأضاف العمراوي: نمر بمرحلة بناء صعبة، لمنظومة صحية عانت لسنوات من اصلاحات لم تكن كافية بشهادة الجميع، ولأن البناء نسق متكامل، فإننا نذكر من يحتاج لتذكير، من أين انطلقنا قبل سنوات وأين وصلنا اليوم”.

ودعا المتحدث ذاته المواطنين إلى الانخراط في هذا الورش بالقول: “أدعو المواطنين الذين لم يتسجلوا بعد، للإسراع في الانخراط، وخاصة أصحاب المهن الحرة، لأن الصحة غير مضمونة، ونعمة لا يقدر قيمتها إلا الذين يعانون من أمراض خطيرة.

واستطرد: “الدليل على ذلك أن فئات واسعة ممن كانوا في زمن الراميد في لوائح الانتظار الطويلة من أجل أجراء عمليات معقدة كالقلب المفتوح، تمكنوا جلهم من أجراء هده العمليات باعتماد تغطيتهم الصحية التي تتحمل الدولة تكاليف اشتراكهم بأكثر من 9 مليار درهم سنويا بالنسبة للمستفيدين من أمو تضامن بالإضافة إلى مليار درهم تؤدى سنويا إلى المستشفيات العمومية مقابل الخدمات التي تقدمها بالمجان”.

من جهة ثانية، أقر رئيس الفريق الاستقلالي بأنه “على الرغم من كل هذه الجهود المقدرة من أجل تأهيل المنظومة الصحية، إلا أن محور تعزيز حكامتها والرفع من نجاعة أدائها يبقى أمرا مركزيا، بل التحدي الأكبر، خاصة ونحن نؤسس اليوم لإحداث الهيئة العليا للصحة، والمجموعات الصحية الترابية باعتبارها مؤسسات عمومية مستقلة تضم جميع المؤسسات الصحية العمومية على مستوى كل جهة والتي ستتكلف بالتنزيل الجهوي للسياسة الصحية”، وفق تعبيره.

وأضاف: “المطلوب اليوم هو إنجاح التوطين الترابي للسياسة الصحية الوطنية مع إمكانية وضع أنظمة لتحفيز الموارد البشرية تبعا للمردودية وبما يتيح لهذه المجموعات الصحية خلق مناخ أكثر جاذبية للموارد البشرية المتخصصة والذي يشكل الهاجس الأكبر في المناطق الصعبة”.

وأكمل: المنظومة الصحية محتاجة لمجموعات صحية قادرة على منافسة القطاع الخاص الذي أحيي الوطني منهوهم الأغلبية، وأقول الله يهدي البعض منه الذي يستغل مرحلة البناء في غياب هيأة قوية تسهر على احترام الأخلاقيات الطبية الإنسانية”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.