اخبار المغرب

فاتح ماي: صوتي الغائب… وقضيتي الحاضرة

في كل فاتح ماي، تعودت أن أكون حاضرة، لا فقط لأؤدي طقسا نضاليا، بل لأحمل صوت المرأة العاملة التي تئن في صمت، وتقاوم في صمت، وتعطي بلا حدود.

كل سنة، كنت أخرج في فاتح ماي كامرأة عاملة، أرفع صوتي نيابة عن آلاف النساء اللواتي يحملن الوطن على أكتافهن دون ضجيج.

أخرج إيمانا مني أن المرأة العاملة لا تقوم بدور واحد، بل بكل الأدوار: أم، زوجة، موظفة، مربية، مصلحة اجتماعية، وسند نفسي للأسرة والمحيط.
هي من تدبر التوازن بين مهن شاقة، وبيئة عمل قاسية، وبيت لا يغلق بابه في وجه الاحتياجات.

كنت أخرج لأقول إن هناك نساء ينسين أنفسهن ليقمن بواجبهن.
عن أستاذة تعاني في تعيين نزعت منه أبسط شروط الكرامة،
عن ممرضة تقاوم بين نداء الواجب وغربة المكان،
عن موظفة بسيطة تتعرض للابتزاز مقابل ترقية، أو فقط مقابل الاحترام.

كل سنة، كنت أشارك لأقول إننا نشتغل بصمت، نصبر بصمت، نهان أحيانا… بصمت.
لكن هذا العام، تغيبت.
ظروف خاصة منعتني من أن أكون جسدا حاضرا، وإن كنت حضورا بالوجدان والانتماء. شعرت أن صوتي غاب عن الشارع… لكنه لم يغب عن المعنى.
وكأنني خذلت تلك المرأة التي بداخلي، وتلك النساء اللواتي اعتدت أن أكون صوتهن.

لكنني اليوم أكتب لأؤكد أن القضية لا تختزلها مشاركة ظرفية، ولا تسقط بعدم التظاهر.
القضية تسكن المبدأ، وتترجم بالثبات، والإيمان بأن النضال لا يكون دائما أمام الكاميرات، بل كثيرا ما يولد من الحبر والورق، ومن كل وقفة صدق.

فاتح ماي ليس احتفالا عابرا، بل لحظة وفاء للصوت المتعب.
لحظة نعيد فيها الاعتبار لكرامة المرأة العاملة التي تحمل على أكتافها المسؤوليات، وتحرم في المقابل من أبسط الحقوق: بيئة عمل آمنة، ترقية شفافة، احترام مستحق، ومساواة حقيقية..
سيبقى صوتي وصوت الغيورات الحاملات لهذا الهم يصرخ في وجه كل من يستهين بالمرأة العاملة:

فكرامة المرأة ليست ترفا… بل حق لا يسقط بالصمت .فهي التي تضمن بين دراعيها كرامة جل المجتمع وتماسكه.
فالمرأة ليست عابرة في مشهد الوطن، بل ركيزته الصامدة.
تحمل المسؤولية بصبر، وتنتمي بلا شرط،تبني بصمت، وتصون بشجاعة،
لأن الانتماء عندها فعل يومي… لا شعار عابر.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *