غياب النواب عن مناقشة تقرير الحسابات يعيد الجدل بشأن تطبيق النظام الداخلي
عادت ظاهرة غياب البرلمانيين ممثلي الأمة عن الجلسات التي تشهدها غرفتا البرلمان لتطفو إلى السطح مرة أخرى، بعدما ظهرت المقاعد شبه فارغة من النواب في جلسة مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات التي انعقدت الأسبوع الجاري، الأمر الذي أثار موجة من الانتقادات للظاهرة التي فشل البرلمان ومعه الأحزاب السياسية في الحد منها.
وخلفت الصور التي نقلتها القنوات العمومية للجلسات خلال هذه المرحلة موجة من السخرية والتذمر لدى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين سلطوا الضوء على الموضوع واعتبروه إساءة بليغة للمؤسسة التشريعية والأحزاب، مطالبين باتخاذ الإجراءات اللازمة للقطع معها.
في اتصالات أجرتها جريدة هسبريس الإلكترونية مع عدد من البرلمانيين، أكدوا أن الظاهرة تكاد تكون عامة وشاملة لمختلف الفرق البرلمانية، موضحين أن الأمر يبدو جليا إذا تم التركيز على أحزاب الأغلبية، لأنها تمتلك الغالبية الساحقة من أعضاء المجلس.
تطبيق النظام الداخلي
رشيد حموني، رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية المعارض بمجلس النواب، اعتبر في حديث مع هسبريس أن ظاهرة الغياب عن البرلمان “تمثل إحدى النقاط الفظيعة التي تسيء للمؤسسة، خصوصا في الجلسات التشريعية”، وفق تعبيره.
وسجل حموني أن “الأمر يتعلق بجميع الفرق البرلمانية، إلا أن أحزاب الأغلبية تتحمل القسط الأكبر منه، لأنه لا يقبل أن يكون فريق يمتلك أزيد من 90 نائبا ويحضر منه 16 فقط”، مؤكدا أن “الظاهرة تكشفت في جلسة مناقشة تقارير المجلس الأعلى للحسابات”.
ودعا البرلماني ذاته مكتب مجلس النواب، برئاسة راشيد الطالبي العلمي، إلى “التشديد في تطبيق النظام الداخلي من أجل التصدي لظاهرة الغياب، وتلاوة أسماء المتغيبين في الجلسة العمومية بعد إنذارهم، وصولا إلى الاقتطاعات من الأجور التي تصل إلى 1000 درهم عن كل جلسة يتغيب عنها البرلماني”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “النائب يتحمل مسؤولية تمثيل المواطنين الذين صوتوا له في الانتخابات، والدفاع عنهم في المجلس”، مبرزا أن “إعادة الاعتبار إلى المؤسسة التشريعية ينطلق من النواب أنفسهم”.
كما أشار حموني إلى أن “وصول عدد من رجال الأعمال إلى المؤسسة التشريعية ساهم في استفحال ظاهرة الغياب؛ ذلك أن هذه الفئة لها انشغالات واهتمامات ذات أولوية على حساب البرلمان الذي تضعه كخيار ثانوي، وليس ضمن مهامها الرئيسية تمثيل المواطن”.
ظاهرة دولية
من جهته، اعتبر أحمد التويزي، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن “ظاهرة غياب البرلمانيين عن الجلسات التشريعية وأشغال اللجان تضرب في الصميم مصداقية المؤسسة التشريعية”، مؤكدا أن “الإحصائيات تبين أن نواب ‘البام’ من الأكثر حضورا على مستوى الجلسات واللجان”.
وأضاف التويزي، في تصريح لهسبريس، أن فريق حزبه “يؤمن بأن الحضور واجب من أجل الدفاع عمن صوتوا لصالح النائب البرلماني”، مبرزا أن “غياب النواب ظاهرة دولية تعاني منها مختلف المؤسسات التشريعية عبر العالم”.
واستدرك المتحدث ذاته: “إن نسبة الحضور في مجلس النواب تبقى عموما مشرفة وتفوق 60 في المائة”، لافتا إلى أن الجلسات التشريعية العامة “لا تحفز البرلمانيين على الحضور”، وزاد موضحا: “شكل الجلسات العامة لا يشجع على الحضور، إذ لا يعقل أن يأتي العشرات من البرلمانيين لحضور الجلسة التشريعية وانتظار أن يطرح زميل لهم السؤال، ليجب عنه أحد الوزراء في 5 دقائق. هذا لا يستهوي الكثير من النواب”.
ودعا رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة إلى إعادة النظر في نظام الجلسات التشريعية الأسبوعية، مؤكدا أن “المواطنين لا ينبغي أن يحكموا على المؤسسة التشريعية من خلال الجلسات التي ينقلها التلفزيون، لأن العمل داخل اللجان يشكل 90 في المائة من العمل البرلماني”.
المصدر: هسبريس