بيّنت ورقة موجز سياسات، حديثة النشر، أن ثمّة ثلاثة “تحديات هيكلية رئيسية تعيق حاليا فعالية نظام اللجوء في المغرب”، هي: “عدم انتظام عمل مكتب اللاجئين وعديمي الجنسية BRA”، و”نقص الشفافية الذي تعاني منه الإجراءات التي تقودها المفوضية، خاصة على صعيد الوصول إلى محاضر المقابلات ومعايير التقييم (الخاصة بوضع اللاجئ)”، و”غياب آلية فعالة للطعن”.
ورصدت الورقة التي نشرتها “المصحة القانونية هجرة”، بشراكة مع منظمة “هاينريش بول ستيفتونغ” الألمانية، تحت عنوان “اللجوء في المغرب.. ظل نظامٍ دون لجوء”، أنه منذ سنة 2004، “تميّز عمل المكتب بانقطاعات متكررة؛ فقد شهدت أنشطته تباطؤا كبيرا، بل حتى توقفا كاملا عن عقد المقابلات في عدة مناسبات”، آخرها حدث سنة 2020، وفقها.
وأضاف الإسهام العلمي، الذي طالعته جريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “على الرغم من استئناف المكتب لأنشطته في عام 2022، إلا أن عمله لا يزال محدودا وغير منتظم”.
مفصّليْن في ما اعتبراه، “شفافية غير مكتملة” في إجراءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في المغرب، وضّح كاتبا الورقة، الباحثان يونس عرباوي ويونس بنمورو، أنه “بالرغم من أن طالب اللجوء لا يمتلك تصريح إقامة بعد، فإن شهادة طالب اللجوء التي يحملها تحميه من الترحيل والمتابعة بسبب الدخول أو الإقامة غير النظامية”.
وتابع المصدر نفسه أن هذا “يعني ضمنا أن هذه الشهادة تسمح له بالإقامة ‘قانونياً’ في المغرب بانتظار قرار المفوضية. وبالتالي كان ينبغي أن يتمتع بالحق في الوصول إلى المعلومات الخاصة به”.
واستدركت الورقة بأن “ممارسة هذا الحق قد تخضع لبعض القيود التي يجب أن تكون منصوصا عليها صراحة في القانون، وأن تكون ضرورية ومتناسبة”، موضحة أن “ثغرات في إجراءات المفوضية تَظهرُ، تتعلق بشكل خاص بالوصول إلى محضر مقابلة تحديد وضع اللاجئ “DSR”، سواء في المرحلة الأولى أو مرحلة الاستئناف”.
ووضّحت: “على الرغم من تشجيع مكاتب المفوضية على ضمان أعلى مستويات الشفافية مع طالبي اللجوء واللاجئين، فإن الوصول إلى المعلومات الموجودة في ملفاتهم يظل أمراً تقديرياً”؛ إذ “يجوز رفض أو تقييد نقل محاضر المقابلات وتقييمات DSR في الحالات التي قد يؤدي فيها الكشف عنها إلى تأثير سلبي على سلامة وأمن موظفي المفوضية أو شركائها”، وكذا على “الاحتياجات والأولويات التشغيلية الأساسية”.
في المغرب، “يتم تسليم المحضر مباشرة إلى طالب اللجوء لإعادة قراءة المحضر والتوقيع عليه، بعد نهاية مقابلة تحديد وضع اللاجئ”، يورد الباحثان، مستدركين بأنه “مع ذلك، لا يوجد ممثل قانوني حاضر بشكل منهجي لمساعدة طالبي اللجوء في مراجعة المحضر لتحديد أي أخطاء أو تناقضات قد تؤثر على النظر في الطلب”.
وأضافت الورقة: “لا يقوم مكتب المفوضية في الرباط عادةً بتسليم نسخة من المحضر (للاستئناس بها) لطالبي اللجوء”، مسجلة أنه نتيجة لذلك، “لا يتمتع هؤلاء بإمكانية حقيقية لإعادة قراءة تصريحاتهم بعد المقابلة، مثلا بمساعدة جمعية”. وزادت: “تملك المفوضية صلاحية تقييد الوصول إلى المحضر، ولكن ينبغي تبرير أي رفض للوصول، بشكل مناسب”.
وفيما يتعلّق بالوصول إلى المعلومات دائما، لفت المصدر عينه إلى أن معايير المفوضية تنص على “إعفاء” مكتبها من “مشاركة هذه التقييمات (DSR) عندما يتم تزويد طالبي اللجوء بخطابات إخطار تفصّل أسباب رفض منحهم صفة اللاجئ، حتى لو لم تنطبق أي من أسباب رفض الكشف المذكورة أعلاه”.
وأفاد المصدر نفسه بأنه “في الإجراءات الحالية، لا يقوم مكتب المفوضية في الرباط بمشاركة هذه الوثيقة مع طالب اللجوء، حتى عندما يكون لديه ممثل قانوني”، مضيفا: “كما هو الحال مع رفض مشاركة المحضر، لا تقدم المفوضية أي تبرير لرفضها الولوج إلى هذا التقييم”.
وهكذا، يتابع الباحثان، فـ “بإبقاء الوضع على حاله من الغموض، يضع مكتب المفوضية في الرباط طالبي اللجوء في حالة من عدم اليقين القانوني؛ مما يضعف حقهم في إجراءات عادلة وحقهم في الوصول للمعلومات”.
ويرى المصدر عينه أن “هذا الواقع يخلق ما يمكن وصفه بـ’ظل الشفافية’؛ حيث يحجب الوصول إلى المعلومات الحاسمة”، مقترحين “لضمان نزاهة العملية”، أن “تكون نسخة محضر مقابلة DSR وتقرير التقييم من حيث المبدأ متاحين مباشرةً لطالبي اللجوء، حتى دون وجود ممثل قانوني”.
وسجّلت الورقة “ثلاثة قيود رئيسية على الحق في الطعن الفعال” في هذا الجانب؛ هي “محدودية فعالية الطعن أمام المفوضية بسبب عدم الوصول إلى تقييم DSR”، و”عدم تفعيل الطعن أمام لجنة الطعون المنصوص عليها في المرسوم الصادر عام 1957 ضمن مكتب اللاجئين وعديمي الجنسية”، و”غياب إمكانية الطعن أمام القضاء الإداري”.
المصدر: هسبريس