اخبار المغرب

غلاء الأعلاف و”سماسرة الكتاكيت” يلهبان سوق الدواجن ويرهقان المربين

تشهد أسعار الدواجن في المغرب، وخاصة دجاج اللحم، تقلبات ملحوظة بين الارتفاع والانخفاض، إلا أنها تتبع منحى تصاعديا منذ نحو خمس سنوات، وفي ظل هذا التذبذب، يشتكي المربون من تراجع هوامش الربح، بل واتساع نطاق الخسائر، في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القدرة الشرائية للمستهلكين.

وكشف مهنيون لجريدة “العمق” أن عدة عوامل تتحكم في أسعار دجاج اللحم، وتجعل الأسعار تتغير في وقت وجيز، أبرزها قانون العرض والطلب، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، واستيراد عدد من المدخلات الفلاحية، بالإضافة إلى السمسرة في بيع الكتاكيت، وغيرها من العوامل.

العرض والطلب

وفي هذا الصدد، أوضح رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، محمد أعبود، أن الأسعار تنخفض عندما تكون البضاعة متوفرة بكثرة لدى مربي الدجاج الصغار، لكنها ترتفع عندما يقلّ العرض لديهم ويتوفر بكثرة لدى الشركات الكبرى، لأن هذه الأخيرة تعرف كيف تتحكم في العرض والطلب.

وتابع، في تصريح لـ”العمق”، أن المربين الصغار يتضررون دائما في مثل هذه الفترة من السنة (شهر رمضان)، لأن الإقبال يكون ضعيفا أمام وفرة العرض، وهو ما يضطر عددا من الفلاحين إلى بيع الدجاج بأقل من تكلفته، خصوصا أن الاحتفاظ به عندما يصل لوزن معين يصبح مكلفا، بحسب تعبيره.

في الاتجاه ذاته ذهب، خالد الرابطي، مسؤول التواصل بالفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن، موضحا أن “المتحكم في السوق هو العرض والطلب”، مشيرا إلى أن المغاربة يقبلون على شراء الدجاج بكثرة قبيل رمضان، لكن بعد مرور 4 أو 5 أيام من شهر الصيام تنهار الأسعار بفعل تراجع الإقبال، “لذلك فمن الصعب ضبط السعر”.

وتابع الرابطي، في تصريح لـ”العمق”، “هناك من زعم أن بعض الضيعات تقوم بالمضاربة في الدجاج أو أنها تمتنع عن بيعه لفترة من أجل التحكم في الثمن”، مشددا على أن هذا الأمر “غير صحيح ولا يمكن أن يحدث لأن الدجاج عندما يصل وزنا معينا يصبح جاهزا والاستهلاك”.

واسترسل “كلما تأجل بيعه أكثر يثقل كاهل الفلاح بمزيد من التكاليف. فمثلا في مدينة طنجة الدجاج الذي يصل وزنه إلى كيلوغرامين أو أكثر لا يكون مطلوبا، وإذا كثر هذا الدجاج لدى المربين يتراكم ويخرج إلى السوق دفعة واحدة، ما يؤدي إلى تراجع أسعاره”.

الكتاكيت والأعلاف

عامل آخر يؤثر بشكل كبير على أسعار الدجاج، أثاره محمد أعبود، يتعلق بالارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الكتاكيت والأعلاف المركبة في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن سعر الكتكوت انتقل من درهمين إلى 14 درهما، بينما ارتفع متوسط ثمن الكيلوغرام الواحد من 3 دراهم إلى 4.5 دراهم.

ولتجاوز هذه الوضعية، دعا رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم إلى إعفاء الكتاكيت التي فقست حديثا والأعلاف المركبة من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة، من أجل خفض تكاليف الإنتاج، “كما وعدت بذلك استراتيجيه المخطط المغرب الأخضر قطاع الدواجن سنة 2008”.

واتهم المتحدث شركات المفاقس باستغلال البيع عبر السماسرة للرفع من ثمنها، معتبرا أنه “من المفروض أن لا يتجاوز ثمن الكتكوت ثلاثة دراهم، في الوقت الذي يباع فيه اليوم بـ14 درها، والسبب هو غياب الوزارة ومديرياتها و تجاهل رسائل الجمعية وأسئلة البرلمانيين في هذا الموضوع”.

في ظل هذا الوضع، يضيف المتحدث، لا يمكن أن نتحدث عن هوامش ربح بالنسبة للمربي الصغير والمتوسط ، لأن تكلفة الإنتاج تتجاوز 18 رهما، “يمكن أن نتحدث عن هوامش الخسارة التي قد تتجاوز 6 دراهم في الكيلوغرام، على سبيل المثال الأسبوع الماضي كانت الأاسعار في الضيعات لا تتجاوز 11.5 إلى 12 درهم وتكلفة مربي تتجاوز 18.00 درهم”.

تأثير غير مباشر

لكن الرابطي اعتبر أن ارتفاع أسعار الأعلاف والكتاكيت يساهم في ارتفاع أثمان الدجاج بشكل غير مباشر، “فعندما يلاحظ الفلاح ارتفاع أسعارها يضطر إلى تقليص إنتاجه، وفي هذه الحالة إذا قلص عدد من المربين الأنتاج يتقلص العرض ويرتفع الثمن من جديد”.

وأكد أن المربين هم من ساهموا في ارتفاع ثمن الكتكوت “بلجوئهم إلى التعامل مع الوسطاء بدل التعامل مع الشركات التي تبيع الكتكوت مباشرة، مشيرا إلى أنهم كانوا يتعاملون مع لشركات بتوقيع عقود سنوية، “لكن بعض المربين لم يتمكنوا من الالتزام بالعقود فاضطرت شركات إلى بيع الكتكوت عبر الوسطاء بثمن زهيد، وهو ما دفع باقي المربين إلى اللجوء إلى الوسطاء بسبب السعر المنخفض”.

وتابع المتحدث ذاته، أن الوسطاء رفعوا الأسعار، حيث لاحظت الشركات أنهم يشترون الكتكوت بثمن زهيد ويبيعونه بثمن مرتفع، فرفعت الثمن لكن الوسطاء وسعوا هامش ربحهم من جديد، وكلما رفت الشركات الثمن رفعه الوسطاء أيضا”، وأشار إلى تأثير “التهافت على الكتاكيت في عدد من المناسبات (مثلا قبل عيد الفطر بـ40 يوما)”.

وبخصوص فشل تحقيق الهدف الذي سبق أن تم تسطيره في العقد البرنامج في إطار مخطط المغرب الأخضر، المتعلق بخفض تكاليف الإنتاج، اعتبر المسؤول بالفيدرالية البيمهنية أن تحقيقه صعب، “لأن المغرب غير متحكم في الإنتاج 100 بالمائة؛ نستورد أمهات الدواجن، ونستورد 70 في المائة من مكونات الأعلاف المركبة”.

المجازر الصناعية

وتعتبر نقط بيع وذبح الدواجن (الرياشات) الموزع الأكثر انتشارًا والأكثر تسويقًا للمنتوج الوطني من الدجاج والديك الرومي، حيث يمر عبرها 80% من إجمالي الدواجن المستهلكة. وتنتشر في الأسواق المغربية أكثر من 15 ألف نقطة لبيع وذبح الدواجن، وفقًا لتقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

بينما المجازر العصرية المعتمدة، التي توفر مسارا عصريا مراقبا من قبل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، لا يتجاوز عددها 27 مجزرة عبر التراب الوطني، حيث تزود الأسواق الكبرى والمتوسطة، والمطاعم الجماعية، ونقط البيع العصرية، بـ 20% من اللحوم البيضاء فقط.

وللرفع من أعداد هذه المجازر، يقول الرابطي، إن الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن شجعت على الاستثمار في هذا المجال، من خلال برنامج أطلقته سنة 2021، لدعم وتشجيع حاملي مشاريع مجازر عصرية معتمدة للدواجن، مع العمل على مصاحبتهم ومواكبتهم إلى غاية الحصول على الترخيص وبداية العمل، بالإضافة إلى تقديم دعم مادي لمصاريف دراسة المشروع.

وسجل رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، أن المجازر العصرية مهمة وضرورية، لأنه توفر معايير صارمة للسلامة كما أنها تخضع للمراقبة بشكل سلسل، قبل وبعد الذبح، “لكن لا يمكن أن يؤثر وجودها على الأسعار، فهي غير مخصصة للتخزين”، مشيرا إلى  وجود 28 مشروعا في إطار البرنامج الذي أطلقته الفيدرالية البيمهنية، منها ما حصل على التراخيص ومنها ما هو قيد الإنجاز.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *