في أجواء خيم عليها الحزن الممزوج بمشاعر الفخر والاعتزاز بمسار نضالي استثنائي، نظمت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، السبت 20 دجنبر 2025، حفلا تأبينيا مهيبا للمناضل الحقوقي والسياسي الراحل سيون أسيدون، وذلك بدار المحامين بمدينة الدار البيضاء.

ويأتي هذا الحفل تكريما لروح الفقيد الذي وافته المنية يوم الجمعة 7 نونبر، بعد صراع مع مضاعفات غيبوبة استمرت لعدة أسابيع، إثر العثور عليه في حالة صحية حرجة داخل منزله.

وشهد الحفل، الملتئم تحت شعار “سنظل أوفياء لقيمك الإنسانية ونهجك الكفاحي”، حضورا وازنا لشخصيات بارزة من المشهد السياسي والحقوقي والمدني، إلى جانب ثلة من رفاق درب الراحل، وعدد كبير من الشباب والشابات الذين حجوا لتجديد العهد والالتزام بالقيم التي دافع عنها أسيدون طيلة حياته.

واستحضر المتدخلون خلال الحفل الخصال النضالية للراحل، معتبرين إياه نموذجا للمثقف العضوي المشتبك مع قضايا أمته، حيث أكد أحمد الشردادي، النائب المنسق للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بالدار البيضاء، في تصريح لجريدة “العمق”، أن اسم سيون أسيدون سيظل محفورا في ذاكرة النضال المغربي.

وقال الشردادي: “كان الفقيد حاضرا بقوة في كل المحطات، ولم يسجل عليه غياب عن ساحات الشرف. كان دائما في الصفوف الأمامية، حاملا للراية الفلسطينية، ومدافعا شرسا ضد الصهيونية وكافة أشكال التطبيع”، مضيفا أن أسيدون آمن بأن قضية فلسطين هي قضية “ضمير إنساني” قبل أن تكون قضية سياسية، مكرسا حياته للدفاع عن القدس وغزة والأقصى بوعي ومسؤولية.

ووصف الشردادي الحفل بأنه عربون وفاء لروح طاهرة، موجها رسالة للراحل: “نم قرير العين، فنحن على العهد باقون.. على عهد النضال والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وعلى عهد مناهضة التطبيع والصهيونية، وسنبقى أوفياء لنهجك ولمسارك الكفاحي”.

وشكل الحفل فرصة لاستعادة المحطات المضيئة في سيرة أسيدون، بدءا من انخراطه المبكر في العمل الميداني، مرورا بمساهمته الفاعلة في تأسيس الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، وصولا إلى دوره المحوري في توحيد الصفوف وبناء التحالفات الوطنية.

وأشار المتحدثون إلى أن الأثر الذي تركه الراحل لا يتوقف عند حدود العمل التنظيمي، بل يتعداه إلى كونه ملهما للأجيال الصاعدة، حيث لوحظ خلال التأبين التفاف واسع للشباب حول إرثه، معتبرين مساره مدرسة في الالتزام المبدئي والتضحية دون انتظار مقابل.

ولم يخلُ حفل التأبين من إثارة علامات استفهام حول ظروف رحيل أسيدون، حيث أدلى رحمان النوضة، المعتقل السياسي السابق والصديق المقرب للراحل، بتصريحات لافتة لجريدة “العمق”، دعا فيها إلى عدم التعامل مع وفاة أسيدون كحدث عابر.

وقال النوضة: “سيون لم يكن مجرد مناضل ماركسي في سنوات الرصاص، بل كان محركا ديناميكيا للعمل الجمعوي ومناهضة التطبيع بعد خروجه من السجن”، مضيفا بنبرة تحذيرية: “إن ملف أسيدون يظل مفتوحا، ويطرح أسئلة مقلقة حول طبيعة المرحلة والأخطار التي تتهدد المناضلين في ظل التغلغل الصهيوني”.

وشدد النوضة على ضرورة “اليقظة”، محملا الأحزاب والقوى التقدمية مسؤولية المطالبة بالحقيقة وعدم طي الملفات المشبوهة، معتبرا أن البحث في ما يشتبه أنه “جرائم سياسية” هو واجب وطني لصون كرامة المناضلين وحماية السيادة الوطنية.

واختتم الحفل بالتأكيد على أن رحيل سيون أسيدون خسارة فادحة للساحة الحقوقية الوطنية والعربية، لكن عزاء رفاقه يكمن في استمرار “الشعلة” التي أوقدها، حيث جدد الحاضرون عزمهم على مواصلة الدرب الذي رسمه الراحل، وفاء لذكراه وانتصارا للقضايا العادلة التي عاش ومات من أجلها.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.