لم تعد أدوية “الستاتين” الخيار الوحيد لخفض الكوليسترول الضار؛ إذ باتت خيارات علاجية جديدة وواعدة تظهر على الساحة، مع تطورات طبية تفتح الباب أمام وسائل أكثر فعالية وربما أكثر ديمومة في التعامل مع أحد أبرز عوامل أمراض القلب.
ففي دراسة متقدمة عُرضت مؤخرا خلال المؤتمر السنوي لجمعية القلب الأمريكية، أظهرت حبوب تجريبية طوّرتها شركة “ميرك” انخفاضًا في مستوى الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL) بنسبة تصل إلى 60% خلال ستة أشهر لدى بالغين يعانون من أو معرّضين لأمراض القلب التصلبي. الدواء الجديد، الذي يحمل اسم “Enlicitide Decanoate”، يُؤخذ عن طريق الفم، مما يجعله أكثر سهولة من الحقن الحالية المعتمدة على تكنولوجيا “PCSK9”.
تأتي هذه النتائج، وفق ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في وقت يزداد فيه اللجوء إلى علاجات بديلة عن “الستاتين”، خصوصا لأولئك الذين لا يستجيبون للعلاج التقليدي أو يعانون من آثاره الجانبية مثل آلام العضلات أو الصداع. نحو نصف المرضى المؤهلين للعلاج بأدوية الكوليسترول لا يلتزمون بها على المدى الطويل، بحسب بيانات مراكز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة.
ومن بين العلاجات المتاحة حاليًا حقنةٌ نصف سنوية تُعرف تجاريًا باسم “Leqvio” من شركة “نوفارتيس”، تعمل بتقنية الحمض النووي الريبوزي (RNA)، وحقن أكثر تواترًا مثل “Repatha” من “أمجين”، التي تستهدف بروتين “PCSK9” لتعزيز قدرة الجسم على التخلص من الكوليسترول الضار.
وفي تطور لافت، أظهرت نتائج مبكرة من دراسة سريرية أن علاجًا تجريبيًا من شركة “CRISPR Therapeutics” باستخدام تقنية تعديل الجينات “CrisprCas9” خفّض مستويات الكوليسترول بنسبة 49%، ومستويات الدهون الثلاثية بنسبة 55%، بعد جرعة واحدة فقط لدى مجموعة صغيرة من المرضى. الدواء الجديد يعمل على “إبطال” جين يسمى “ANGPTL3″، المتورط في رفع الكوليسترول والدهون في الدم.
الدكتور لوك لافين، المتخصص في الوقاية القلبية بمستشفى كليفلاند أحد الباحثين في الدراسة، قال إن الهدف هو تقديم “علاج وحيد ونهائي”، يستغني عن الحبوب اليومية أو الحقن الدورية. ولفت إلى أن هذه التقنية “قد تحل محل العلاجات الحالية في المستقبل”، وإن كانت لا تزال في مراحلها المبكرة.
رغم الحماسة المحيطة بهذه التطورات، شدد خبراء على أن النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، والالتزام بعلاجات الستاتين تبقى مفيدة لغالبية المرضى. كما أن التكاليف المرتفعة للعلاجات الجديدة قد تحد من إمكانية تعميمها.
الدكتور جمال رنا، أستاذ العلوم السريرية في “كايسر بيرماننتي” بكاليفورنيا، أوضح أن الستاتينات “لا تكفي دائمًا”، مضيفا أنه يضطر إلى إضافة أدوية مثل “Zetia” أو “Leqvio” في حالات الخطر المرتفع.
ومن المتوقع أن تقدم “ميرك” ملفها إلى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية مطلع العام المقبل لطلب الموافقة على عقارها الجديد، الذي تخضع فعاليته في تقليل النوبات القلبية والسكتات لتقييم سريري واسع.
لكن العلاجات الجينية ما زالت تحت المجهر، لا سيما بعد وفاة مريض في تجربة سريرية أجرتها شركة “Intellia Therapeutics” لعلاج جيني مختلف. يقول الدكتور كيران موسونورو، أستاذ البحوث الانتقالية في جامعة “بِن ميديسن”، إن على مثل هذه العلاجات “اجتياز اختبارات على آلاف المرضى لتأكيد أمانها وفعاليتها”.
ورغم هذه التحديات، يتوقع موسونورو أن تكون العلاجات الجينية متاحة بشكل أوسع بحلول ثلاثينات هذا القرن، مضيفا: “برأيي، كلما زادت الخيارات كان ذلك أفضل”.
المصدر: هسبريس
