عقود حجز الشقق قبل تشييدها.. هل يحمي القانون الزبناء من النصب العقاري؟
تعرض العديد من الراغبين في اقتناء شقق سكنية بالمغرب إلى النصب من قبل بعض المنعشين العقاريين بعدما حجزوا شققهم عن طريق تحرير عقود ودفع أثمانها أو جزء منها، كما وجد آخرون أنفسهم عرضة للتماطل والتسويف من قبل شركات لم تلتزم بموعد التسليم، فهل يحمي القانون زبناء شركات العقار من النصب؟
في ظل الطلب المتزايد على العقار، خصوصا الشقق السكنية، لجأت العديد من الشركات العقارية إلى بيع العقارات قبل تشييدها، عن طريق اتفاق تعقده مع الزبون بشأن شقة بعينها، مع تحديد مساحتها والتجزئة التي تقع فيها والعمارة والطابق.
هذا الاتفاق يتم توثيقه عبر عقد يسمى “عقد الحجز”، تلتزم من خلاله الشركة بحجز العقار المحدد للزبون وتفويته له، بعد تشييده، مقابل أدائه ثمنه كاملا أو جزءا منه على أن يؤدي الباقي بصيغة معينة.
هذه العقود التي نص عليها قانون الالتزامات والعقود، فتحت مجالا كبيرا للنزاع بين البائع والمشتري، بل إن الأمر تحول في حالات عديدة إلى نصب وخداع، من قبيل ما عرفته العديد من القضايا التي عجت بها المحاكم وأشهرها قضية “باب دارنا”.
بيانات ضرورية
في هذا الصدد، يرى أستاذ القانون العام بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، رشيد لبكر، أن العديد من حالات التلاعبات التي تقع فيما يخص بيع العقارات في طور الإنجاز، تكون في الغالب ناتجة عن جهل بالقانون نظرا لكون الزبون مدفوعا برغبة في امتلاك السكن، وبالتالي لا يدقق في بعض الامور التي يجب أن يتضمنها العقد.
ونبه الأستاذ الجامعي إلى أن بعض المقتضيات الواردة في قانون الالتزامات والعقود، تضمن الحقوق الكاملة للبائع والمشتري، شريطة أن يتم تضمين مجموعة من الشروط في عقد الحجز، من قبيل الرسم العقاري أو شهادة الملكية، وجميع البيانات المتعلقة بالعقار المراد شراؤه وطريقة الأداء.
وبالرجوع إلى قانون الالتزامات والعقود يتبين أن الفصل 3 618 مكرر منه، اشترط أن يتضمن عقد البيع الابتدائي، الخاص بالعقار في طور الإنجاز، مجموعة من البيانات، ضمنها هوية الأطراف المتعاقدة، ومحل المخابرة المتفق عليه مع وجوب الإخبار في حالة تغييره.
ومن البيانات التي اشترط القانون تضمينها في العقد أيضا؛ رقم الرسم العقاري الأصلي للعقار المحفظ موضوع البناء أو مراجع ملكية العقارغير المحفظ مع تحديد الحقوق العينية والتحملات والارتفاقات الواردة على العقار، وتاريخ ورقم رخصة البناء؛
ويتضمن أيضا العقد، بحسب ما نص عليه القانون، موقع العقار محل البيع ووصفه ومساحته التقريبية، وثمن البيع النهائي للمتر المربع وكيفية الأداء أو ثمن البيع الإجمالي بالنسبة للبيع المتعلق باقتناء عقار في إطار السكن الاجتماعي كما هو محدد بالتشريع الجاري به العمل، وأجل التسليم، ومراجع ضمانة استرجاع الأقساط المؤداة في حالة عدم تنفيذ البائع للعقد أو ضمانة إنهاء الأشغال أو التأمين.
القانون ذاته اشترط أن يرد عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو في محرر ثابت التاريخ يتم توثيقه من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونها تحرير العقود، وذلك تحت طائلة البطلان.
حل لكل وضعية
وكلما تشدد المشتري، يقول رشيد لبكر، في ضرورة توفر هذه المعطيات في العقد، “كلما كان ذلك مدعاة الى غربلة الأشخاص/ الشركات الذين يبيتنون نية النصب والتلاعب لأن أمرهم سينكشف”.
وإذا كان العقد دقيقا وسليما ومستندا على المعطيات القانونية، يضيف المتحدث، فإنه كلما وقع هناك نزاع بين الطرفين فإنهما سيحتكمان إلى المحكمة أو هيئات الوساطة والتحكيم، “فكلما كان العقد صحيحا وموثقا ودقيقا، كلما تم ضمان لإيجاد حل في أقرب الآجال وبطريقة تراعي حقوق الطرفين”.
وأشار المتحدث إلى أن المشرع ضمن تعويضات بنسب مئوية للمتضرر، “فمثلا يستفيد المشتري بنسبة 1 في المائة من قيمة العقار عن كل شهر تأخير في التسليم، وهناك تعويض في حالة فسخ للعقد للمتضرر”.
كما مكن المشرع المشتري من فسخ العقد دون أن يتحمل أي تعويض لفائدة البائع، إذا لم يلتزم الأخير بتسليم العقار في التاريخ المتفق عليه والمتضمن في العقد الموقع بينهما، يقول أستاذ القانون العام بجامعة شعيب الدكالي.
ونصح لبكر أي شخص يريد أن يشتري عقارا قبل تشييده بقراءة المقتضيات القانونية الواردة في قانون الالتزامات والعقود وفهمها، واذا استعصى عليه ذلك فليستأنس بذوي الخبرة من أجل فهمها قبل إبرام العقد، وقبل دفع أي درهم، وأن يحرص على تضمينه المعطيات الضرورية في العقد.
المصدر: العمق المغربي