عطلة رئيس الحكومة الإسبانية بالمغرب تصدم جبهة البوليساريو الانفصالية
لم ينحصر “الاستغلال السياسي” لزيارة بيدرو سانشيز، رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسبانية، إلى المملكة المغربية داخل الوسط اليميني بالجارة الشمالية فقط؛ بل وصل إلى تنظيم “البوليساريو” المسلح، الذي اعتبر الزيارة “دعما واضحا للرباط”.
وإن كان الشارع السياسي الإسباني قد تخلى عن هدوء “حرب التحالفات الصاخب”، ووجهت الأوساط اليمينية به “سهام النقد” إلى سانشيز الذي اختار المغرب لقضاء فترة العطلة رفقة أفراد عائلته، فإن جبهة “البوليساريو” قررت هي الأخرى “استغلال الفرصة لزيادة الضغط على سانشيز”، ولو كان ذلك عبر التدخل في الشأن الداخلي الإسباني.
دخول الجبهة المسلحة على خط زيارة سانشيز “المثيرة للجدل” جاء على لسان عبد الله العرابي، من يسمى بممثل الجبهة بالجارة الشمالية، الذي أكد أن “سانشيز بهذه الزيارة يكون قد جدد دعمه الصريح للمملكة المغربية، مديرا بذلك وجهه لما تطالب به البوليساريو من تغيير في الموقف الإسباني الداعم للموقف المغربي من قضية الصحراء المغربية”.
ولم يُخف العرابي وجود دلالات سياسية لزيارة سانشيز إلى المملكة المغربية في هذا الوقت بالذات، مشيرا إلى أن “الزيارة وإن كانت تدخل ضمن نطاق الشؤون الخاصة لسانشيز، فإنها تحمل قراءات متعددة ذات طابع سياسي”.
ويبدو رد الجبهة المسلحة المدعومة من الجزائر كـ”محاولة للتأثير” على المشهد السياسي الإسباني، الذي يعيش أمام “مستقبل مجهول”، في ظل وجود “صعوبات” تشكيل الحكومة ترافق الحزب الشعبي اليميني متصدر نتائج اقتراع 23 يوليوز المنصرم، وصاحب المركز الثاني الحزب العمالي الاشتراكي الذي لا يزال يملك مفاتيح عديدة لطرق باب المونكلوا من جديد.
محاولة للتشويش
عبد العالي الباروكي، أستاذ جامعي مختص في العلاقات المغربية الإسبانية، قال إن “هاته الزيارة استغلتها أطراف عديدة، على الرغم من توضيحات قصر المونكلوا، والتي أشارت إلى أنها مدفوعة من المال الخاص لسانشيز، وليس من قبل الخزينة، كما أنها تأتي في إطار رحلة إجازة”.
وأورد الباروكي لهسبريس أن “الاستغلال السياسي، الذي حصل تجاه هاته الزيارة من قبل اليمين وجبهة البوليساريو، جاء فقط من أجل التشويش على بيدرو سانشيز نفسه ومحاولة ربطها مع موقفه السابق تجاه مخطط الحكم الذاتي بالصحراء المغربية”.
وشدد المتحدث عينه على أن “دخول البوليساريو على خط زيارة سانشيز للمغرب هو محاولة للتأثير على الحلفاء الممكنين له في تشكيل الحكومة الائتلافية، من يسار ويسار راديكالي”، معتبرا أن “هذا يصطدم بالدعم الواضح والصريح لسانشيز الذي لم يخفه على الإطلاق تجاه العلاقات مع الجار الجنوبي”.
وخلص المختص في العلاقات المغربية الإسبانية إلى أن “منطق التحالفات لا يعتمد على مثل هاته الزوابع وعلى ضغوطات جهات غير معترف بها؛ بل يعتمد على المنطق والتفاوض الصريح”.
تدخل في الشأن الداخلي
من جانبه، سجل عبد الحميد البجوقي، كاتب ومحلل سياسي مختص في الشأن الإسباني، أن “هاته الردود التي تطلقها جبهة البوليساريو وبعض الأوساط اليمينية هي تفسير واضح على وجود هزيمة نفسية لخصوم سانشيز والمملكة المغربية”.
وأضاف البجوقي، في تصريح لهسبريس، أن “دخول ممثل الجبهة بإسبانيا على خط القضية هو تدخل واضح في الشأن الداخلي الإسباني؛ وهو أمر غير مقبول تماما، وستكون له عوائد سلبية على الجبهة وكل خصوم الوحدة الترابية للمملكة”.
وشدد المتحدث عينه على أن “زيارة سانشيز إلى المملكة المغربية، جاءت في إطار “إجازة”، وليس بأهداف سياسية كما تروج له الأوساط اليمينية وجبهة البوليساريو”.
واعتبر الكاتب والمحلل سياسي المختص في الشأن الإسباني أن “هاته الزيارة جد طبيعية، وكان لها أن تكون في أية دولة أخرى”، لافتا إلى أن “استغلالها ينم بوضوح عن المرحلة النفسية المتردية التي وصلها إلى خصوم المملكة”.
المصدر: هسبريس