في خضم النقاش الذي بات في الآونة الأخيرة عموميا حول واقع قطاع الصحة بعدد من الجهات والمدن المغربية، بادر عدد من متتبعي الشأن المحلي بالمحمدية إلى تسليط الضوء على الأوضاع التي يعيشها القطاع على مستوى الإقليم عموما، وعلى مستوى المركز الاستشفائي الإقليمي مولاي عبد الله بمدينة المحمدية بشكل خاص، مع مطالبة أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، بزيارة ميدانية إلى “مدينة الزهور”.
عريضة إلى وزير الصحة
تداول عدد من السكان، عبر الصفحات المهتمة بتتبع الشأن المحلي للمحمدية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، “عريضة مطلبية جماعية” موجّهة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، من أجل مطالبته بـ”التدخل الفوري والقيام بزيارة ميدانية إلى المؤسسات الصحية بالمدينة، وفتح تحقيق مسؤول وشفاف حول الوضعية الصحية التي باتت تثير قلق السكان وتضرّ بحقوقهم الدستورية”.
وورد ضمن العريضة أن الموقعين عليها يطالبون بـ”ضمان حق المواطنين في العلاج والتطبيب كما ينص عليه الفصل 31 من الدستور المغربي”، و”تحسين الخدمات الصحية وتجويدها بما يليق بكرامة الإنسان المغربي”، و”تعزيز الثقة بين الساكنة والمؤسسات عبر الشفافية والمحاسبة”.
ولتحقيق الأهداف المذكورة، طالبت العريضة وزير الصحة بـ”إيفاد لجنة وزارية مستقلة للوقوف على الوضع الصحي بعمالة المحمدية”، و”فتح تحقيق شفاف في الاختلالات وتقديم نتائجه للرأي العام”، و”توفير الأدوية والتجهيزات اللازمة بشكل عاجل”، و”دعم الكوادر الطبية والتمريضية بما يتناسب مع حجم الساكنة”.
وتضمنت العريضة تلويحا بالاحتجاج، حيث جاء فيها أن “الموقعين على العريضة، وإلى حين الاستجابة لهذه المطالب المشروعة، يعلنون العزم على تنظيم وقفات احتجاجية سلمية وحضارية، بتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني، لإسماع صوت الساكنة والدفاع عن حقها المشروع في الصحة”.
خصاص بشري ولوجيستي
حسن حُمير، متتبع للشأن المحلي بالمحمدية، قال إن “سكان المدينة يسجلون تدهور الحالة العامة لمستشفى مولاي عبد الله، سواء على مستوى التجهيزات حيث يتم تسجيل أعطاب متكررة، أو على مستوى المواعيد الطبية التي تُمنح بعد مدة طويلة جدًا، إضافة إلى الخصاص الحاد في العنصر البشري، وهو ما يؤدي إلى عجز المستشفى عن الاستجابة للطلب المرتفع على الخدمات الصحية بالمدينة”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “هذا المستشفى ذو طابع إقليمي، ويستقبل المرضى القادمين ليس فقط من إقليم المحمدية، بل كذلك من بنسليمان وبوزنيقة، ما يزيد من حدة الضغط عليه”، موردا أن “المتتبعين يؤكدون أن الوضعية العامة تعرف تدهورا متواصلا، خاصة بعد انتشار خبر استعداد الوزارة للشروع في بناء مستشفى إقليمي جديد، وهو ما أدى إلى إهمال المستشفى الحالي”.
وأكّد الفاعل الجمعوي عينه، في تصريح لهسبريس، أن “ساكنة المدينة بدأت تفقد الثقة في هذه المؤسسة الاستشفائية، حيث أصبح كُثرٌ يتجنبون اللجوء إليها، ويبحثون عن بدائل قد تلبي طلباتهم الصحية، الأمر الذي يساهم في توجه المرضى نحو المصحات الخاصة”.
وأفاد حُمير بأن “متتبعي الشأن العام يطالبون منذ مدة بتدخل الجهة الوصية، ويعتبرون أن التحركات الحالية لبعض المواطنين للمطالبة بزيارة الوزير إلى هذا المستشفى تنبع من ضرورة استغلال اللحظة الراهنة التي يشهد فيها المغرب نقاشا عموميا حول وضعية قطاع الصحة والخدمات المقدمة للمواطنين”.
واستدرك حسن حُمير بأن “مجرد زيارة وزير الصحة والحماية الاجتماعية إلى مدينة لمحمدية، في نظر الساكنة، لن تحل الإشكال تماما؛ إذ لا بد من مراجعة شاملة للسياسة الصحية بالمغرب، وتوفير الموارد اللازمة لضمان الحق في العلاج كما ينص على ذلك الدستور والقانون”.
مراد هواري، فاعل جمعوي ومتتبع للشأن المحلي بالمحمدية، قال إن “الساكنة تعاني من ضعف الخدمات الصحية على مستوى الإقليم، ولا سيما ما يتعلق بنقص الموارد البشرية في جميع التخصصات، سواء في قسم المستعجلات أو بمصلحة الجراحة العامة”.
وعن الأوضاع المسجلة بالمركز الاستشفائي الإقليمي مولاي عبد الله، أعطى هواري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، مثالا على هذه الإشكالية على شكل تساؤل قائلا: “كيف يعقل أن يجري طاقم طبي عمليات جراحية في مركز استشفائي لا يتوفر على قاعة للإنعاش الطبي؟”.
وأكد الفاعل الجمعوي أن “المواطنين يشتكون في مستشفى مدينة المحمدية من قلة الأدوية، حيث يقصد كثُر منهم الصيدليات لاقتناء أدوية الأمراض المزمنة، وبالخصوص داء السكري، كما أن هشاشة هذا القطاع الحيوي تدفع سكان المدينة إلى التنقل إلى مستشفيات مدن مجاورة، مثل الدار البيضاء والرباط”.
المصدر: هسبريس