عجز “كنوبس” يلامس 4 ملايير درهم.. والحكومة تكشف إجراءات ضبط نفقات العلاج
كشفت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي سجل عجزًا ماليًا غير مسبوق لامس 4 مليارات درهم خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت نادية فتاح، في جوابها على سؤال كتابي لرئيس فريق التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن “الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي سجل عجزًا ماليًا غير مسبوق برسم سنوات 2021 و2022 و2023، بلغ على التوالي 1.511 مليار درهم، و900 مليون درهم، و1.281 مليار درهم”.
وأشارت المسؤولة الحكومية إلى أن هذا العجز المالي راجع بالأساس إلى التضخم الكبير الذي عرفته نفقات العلاجات، حيث بلغت الكلفة الإجمالية لنفقات الخدمات حوالي 7 مليارات درهم سنة 2023، مقابل 6.8 مليارات درهم متم سنة 2022، و6.5 مليارات درهم سنة 2021، أي بمتوسط سنوي بلغ 8.5 في المائة خلال الفترة 20212023، وذلك في ظل نمو سنوي للاشتراكات لم يتجاوز 3.4% خلال نفس الفترة.
وذكرت المتحدثة ذاتها أن الصندوق حقق فوائض مالية في إطار تدبيره لنظام التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العام خلال الفترة الممتدة ما بين سنة 2005 وسنة 2015 بمعدل سنوي بقيمة 446 مليون درهم، نتيجة امتداد عملية تسجيل المؤمنين على مدى سنوات، ومحدودية لائحة الأدوية والمستلزمات الطبية المقبول إرجاع مصاريفها وتوسيعها تدريجيًا. إلا أنه، وابتداءً من سنة 2016، سيسجل الصندوق، وفق تعبيرها، عجزًا تقنيًا بقيمة 225 مليون درهم، ليتوالى هذا المنحى السلبي منذ ذلك الحين.
وفي خضم هذا الوضع غير الملائم، تضيف نادية فتاح، ضاعف الصندوق من جهوده لتقليص آجال معالجة ملفات المنخرطين، حيث بلغ متوسط أجل تعويض المؤمنين 54 يومًا خلال سنة 2023، مقابل 57 يومًا سنة 2022، كما تم تعويض 76% من الملفات الطبية في مدة زمنية لا تتجاوز الآجال القانونية المحددة في 60 يومًا، طبقًا للقانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية.
وأشارت المسؤولة الحكومية إلى أن “عدد الملفات المعالجة من طرف هذا الصندوق في إطار تدبيره لنظام التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العام تضاعف بشكل كبير ما بين سنة 2006 وسنة 2023، حيث انتقل من 3.3 ملايين ملف إلى 6 ملايين ملف سنة 2023”.
وأمام هذه الوضعية المالية غير المتوازنة، اتخذ الصندوق، حسب المصدر ذاته، عدة إجراءات لاستعادة توازناته المالية وتحسين خدماته، من بينها “لجوء الصندوق إلى السحب من احتياطاته لتغطية العجز وضمان مواصلة تقديم خدماته التأمينية لفائدة المؤمنين وأداء مستحقات منتجي العلاجات”، فضلًا عن “تحسين جودة الخدمات من خلال مواصلة رقمنة الخدمات وتبسيط المساطر، لا سيما من خلال تشجيع التصريح الإلكتروني بالاشتراكات والتسجيل عن بعد، إلى جانب ملء طلبات التحمل وتبادل المعطيات مع الشركاء المؤسساتيين في مجال الاستفادة من الخدمات”.
كما تم، حسب نادية فتاح، “التحكم في التكاليف، لا سيما من خلال تعزيز آليات التحكم الطبي في نفقات العلاج وضبط سلة العلاجات، وكذا العمل على الارتقاء بالبنية الصحية لتحسين ظروف تقديم الخدمات للمؤمنين”، مشيرة إلى أن “ضمان الديمومة المالية لأنظمة التأمين الإجباري عن المرض وتحسين حكامتها يتم بإشراف من اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، حيث تسهر هذه اللجنة، وفق مقاربة تشاركية، على تتبع وتقييم تنفيذ مختلف برامج الحماية الاجتماعية، والعمل على ضوء ذلك على تحديد الإجراءات والأدوات اللازمة لتطوير الجوانب التدبيرية لها والحفاظ على ديمومتها المالية”.
ويقوم الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي بتدبير نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة موظفي ومتقاعدي القطاع العام، فضلًا عن نظام التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالطلبة، طبقًا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، ولا سيما القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض ونصوصه التطبيقية.
وكان رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد الحموني، قد سجل أن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي “يعاني اختلالات تدبيرية ونقائص هيكلية ترخي بظلالها على مصالح الناس وعلى ديمومة التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العمومي وتهدد توازناته”.
ومن الاختلالات، حسب حموني، “صعوبات وضع طلبات التحمل ومعالجتها وتتبعها، وتعقيدات استرجاع مصاريف ونفقات العلاج والكشوفات والأدوية في وقتها القانوني؛ وضبط نفقات العلاجات وغياب سياسات ناجعة في هذا المجال؛ وكذا ضعف تنسيق الصندوق المذكور مع مختلف الهيئات المعنية؛ بالإضافة إلى إشكالات نجاعة رقمنة الخدمات”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “منخرطي ومنخرطات “الكنوبس” وذوي الحقوق يعيشون حالة من الإحباط والقلق والتذمر بسبب التأخير لشهور في معالجة ملفاتهم المرضية وصرف تعويضاتهم المستحقة في الوقت المناسب”، منتقدًا “ارتفاع كلفة العلاجات والأدوية التي تستلزم الدفع القبلي، دون أن تكون لبعض الفئات من المرضى القدرة على تدبيرها بحكم انتمائها إلى المصابين بأمراض مزمنة والمسنين ومن الموظفين الصغار والمتوسطين بالإدارات المغربية والمؤسسات العمومية”.
واعتبر حموني أن هذا الأمر “يجعل بعض المرضى عاجزين عن مواصلة العلاج لعدم استرجاع المصاريف في وقتها القانوني، بالإضافة إلى عدم تعويض وإرجاع نفقات عدد من الأدوية والفحوصات والعلاجات رغم أنها ضمن لائحة الخدمات أو المواد المقبول إرجاع مصاريفها قانونًا”
المصدر: العمق المغربي