احتضن مقر الجمعية المغربية لحقوق الانسان، يومه الخميس، ندوة صحفية نظمتها لجنة الحقيقة والمساءلة في ملف الطفل الراعي محمد بويسلخن، وذلك في إطار مواصلة تتبعها للقضية “محمد اينو”، الطفل الراعي الذي وجد مشنوقا قرب مجرى مائي بدوار أيت زعرور، جماعة أغبالو التابعة لدائرة بومية إقليم ميدلت، في وضعية وصفت من طرف الكثير” بالمريبة والتي تنطوي وراءها عملية قتل ممنهجة”.
وحضر الندوة حقوقيون وهيئات مدنية، إلى جانب أسرة الضحية، حيث جددت والدته الدعوة إلى ضرورة فتح تحقيق قضائي لبحث ظروف وملابسات الحادثة، وإعادة التشريح الطبي لجثة ابنها محمد خارج جهة درعة تافيلالت التي أكدت ” أنهم ووجهوا فيها من طرف السلطات الخاصة بالاستهتار بروح ابنهما والتلاعب بمصير قضيته، وعدم التفاعل معها بالشكل المطلوب “، مفندة رواية الانتحار التي يروج لها، وفقها، المشتبه به وعائلته.
وتابعت قائلة والدموع تنهمر من عينها:” أنا لم أعد أتحمل دخول المنزل منذ وفاة ابني، وكبدي مكلوم من شدة الألم على فراقه”، مضيفة بأن” من قتل ابني قتلني معه، فقط الفرق بيننا أن روحه ترقد بسلام وأنا روحي لازالت تكتوي بفراقه وسط صمت وتواطئ الجهات المعنية مع الجناة”، مؤكدة أنها لن تسمح في ضياع حق ابنها محمد حتى يتم تقديم الجاني الذي هو معروف، وفق تعبيرها، أمام العدالة.
وأكدت المتحدثة ذاتها أنه “منذ وفاة ابنها محمد والعائلة تعاني وتقاسي مرارة الحياة في ظل فقدان معيلها الوحيد، الذي غادر مقاعد الدراسة لإعانة الأسرة”، موضحة أنها كانت تشتغل معه يوم الحادثة في ضيعة أحد الأشخاص النافذين في المنطقة، لتفاجأ بصوت “المشتبه به” وهو يسأل الضحية بلهجة شديدة الغضب “ماذا يفعل هناك ومع من يتواجد في الضيعة؟”، متهما إياه بسرقة محصوله من ثمرة البرقوق، مشيرة إلى أنها تعاملت معه بليونة وعبرت عن استعدادها لدفع تعويض على ما لحق بمحصوله.
وتابعت بأنهم انصرفوا بعد ذلك نحو المنزل، لتفاجأ في عشية نفس اليوم بعودة قطيع الماشية الذي يرعاه محمد لكن بدونه، ليشرعوا في البحث عنه وإيجاده جثة هامدة جاثية على ركبتها قرب مجرى ماء بجوار أحد البساتين، مشيرة إلى أنها كانت تصرخ وسط صمت العاملين الذين يبيتون في الضيعات ليلا.
ومن جهته أكد والد الضحية أن وفاة ابنه محمد “ليست طبيعية، بل هي نتيجة قتل متعمد من طرف أصحاب المال”، موضحا أن “جثته نقلت بواسطة سيارة خاصة تابعة للمشتبه به إلى مدينة ميدلت ليتم نقلها بعد ذلك عبر سيارة إسعاف، مشددا على أن هذا الأمر ” يبين نية الجاني على التستر على فعلته سيما وأن أمه، على حد تعبيره، منعت من رؤيته عندما تم نقله”.
وأكد أن عملية النقل تلك ” تمت بسرعة من طرف المشتبه به، مستغلين هشاشة الأسرة والدهشة التي صاحبت فراق الضحية”، نافيا الادعاءات التي تقول بأن الوفاة ناجمة عن معاناة الضحية من الضغوط والمشاكل العائلية، مؤكدا “تمتعه بكامل قواه العقلية والصحة الجسدية، وبأن ذلك مجرد افتراءات للتستر على الجناة”.
كبير قاشا، عضو لجنة الحقيقة والمساءلة، أكد أن “هذه الواقعة يلفها غموض مزدوج؛ الأول يتعلق بظروف وملابسات وقوع الحادثة، والثاني طريقة تعامل الجهات المختصة مع الجثة من جهة، وأسرة الضحية من جهة أخرى”، مشيرا إلى أن ذلك “ينطوي على شبهات خطيرة تنتهك الحق في الحياة، وحق الأسرة في العدالة”.
وأوضح أن عددا من المؤشرات والقرائن القوية تدفع إلى الاشتباه في فرضية جريمة قتل من طرف من وصفهم بـ”الإقطاعيين الذين لا يهمهم سوى إراقة دماء الفقراء”، بدل الانتحار”، مضيفا أن “الضحية كان يعيش نزاعا مع مالك ضيعة فلاحية مجاورة، سبق أن هدده هو ووالدته بسبب دخول قطعان الأغنام إلى أرضه”، ما يؤكد، وفق تعبيره، أن المسألة لم تعد تتعلق بموت طبيعي، بل بعملية قتل ممنهجة.
المصدر: العمق المغربي