عائدون (ح12).. الأسير سامر يحكي سنوات العذاب والتفكير في الهروب من المخيمات
لا تختلف قصة الضابط المتقاعد في القوات المسلحة الملكية، عبد الله سامر، ابن مدينة وجدة، كثيرا عن تجربة الأسير عدي عليلوش، إذ أن قاسمهما المشترك هو العذاب والمعاناة، فقد قضى سامر هو الآخر ربع قرن في معتقلات البوليساريو وسجون الجزائر، وذاق مختلف أنواع التعذيب والمعاناة، لا لشيء إلا لكونه حمل السلاح للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وعن مغربية الصحراء.
ويحكي الأسير عبد الله سامر ضمن برنامج “عائدون” على جريدة “العمق”، تجربته المريرة مع الأسر لمدة 25 سنة في معتقلات وسجون البوليساريو والجزائر، و ظروفَ اعتقاله وتعذيبه بشتى أنواع الأذى النفسي والجسدي بمخيمات “تندوف”، كما كشف حقائق لأول مرة عن استنطاقه من قبل مسؤولين جزائريين، ومحاولته الهروب في مرات عديدة بعدما كان يمني النفس بحلم العودة الذي لم يتأت له إلا بعد مرور ربع قرن من الزمن.
الحلقة 12: هروب فاشل
“لن نفرج عنكم إلا حين يموت الحسن الثاني”، هذه العبارة كان يرددها كثيرا مرتزقة البوليساريو على أسماع الأسرى المغاربة خلال سنوات التعذيب التي استمرت منذ عام 1976 حتى 1987، لتنخفض حدتها بعد ذلك، بعدما فقد الانفصاليون ومعهم الضباط الجزائريون الأمل في الحصول على معلومات تفيد مخططاتهم ضد المغرب.
ويحكي سامر كيف لجأ وباقي الأسرى إلى بناء مساكن تأويهم وسط المخيمات بعدما ضاقوا درعا بالحُفَر التي كانوا بها لسنوات، كما قرروا وضع خطط للحصول على بعض المواد الغذائية من المساعدات الدولية التي تتلقاها البوليساريو، حيث يعمدون إلى كسر أقفال المخازن وسرقة بعض علب السردين والسجائر والصابون والأدوية.
يتذكر الضابط الأسير عبد الله سامر، أنه تعرض مرارا للتعذيب بعدما ضُبِطَ وهو يسرق المواد الغذائية والطبية من مخازن التموين، “كنت مكلفا بجلب التموين لباقي الأسرى من سردين وسجائر وصابون، كان يساعدني في ذلك أسير يدعى البطحاوي، كان يراقب الحراس بينما أنا أكسر أبواب المخازن، وفي بعض المرات يتم ضبطي وأتعرض للتعذيب”.
ومن اللحظات التي لازالت عالقة بذاكرة سامر، سرقة الأنسولين والأدوية من المخازن وجلبها للطيار علي نجاب، “كنت أجلب له الأنسولين، كان يعنقني ويقول لي هذا الخير لن أنساه لك عندما نعود إلى القيادة العامة، وأرد عليه هذا واجب”.
طيلة السنوات التي أمضاها سامر في سجون البوليساريو لم تفارقه فكرة الهرب، وتعود به الذاكرة عندما اتفق مع ضابط يدعى “الستاتي” وآخر يدعى “المرضي” على الهروب، بعد أن تدربوا على ذلك، وتم الاتفاق على الهرب بعد صلاة المغرب، غير أن “الستاتي” فر بمفرده، بعدما ظنوه قد خرج فقط لغسل يديه ويعود.
“لي عندو شي حاجة يخبيها راه زرك العينين هرب” كانت هذه العبارة صادرة عن الطيار مولاي عمر الادريسي، وهو أول طيار مغربي يسقط في قبضة مرتزقة البوليساريو، غير أن سامر والمرضي كانا أكثر الأسرى تفاجؤا بهرب “الستاتي” لأنهما خططا معه على الهرب، بل لم يستسيغا أن يهرب بدونهما فلم يصدقا الأمر قبل أن يدخل عليهم طبيب المعتقل ويخبرهما أن “الستاتي فعلا هرب”.
في صباح اليوم الموالي، أخذ حراس المعتقل في تعذيب الأسرى المغاربة بمن فيهم سامر والمرضي، مستخدمين “الكابلي” حتى بدأت الدماء تسيل من أجسادهم من شدة التعذيب، وفي حدود الساعة الثامنة ليلا، تم اعتقال “الستاتي”، بعدها تمكن “المرضي” من الهرب، حيث قطع المسافة الفاصلة بين تندوف والمحبس ودخل إلى المغرب، حيث تم ترقيته إلى رتبة كولونيل.
هروب “المرضي” شجع سامر ورفاقه على المحاولة، حيث تمكن رفقة 7 أسرى آخرين من التسلل إلى سيارة “لاندروفير” لتنفيذ عملية الهروب، إلا أنها توقفت بهم وسط الرمال، وتم القبض عليهم، ووضعهم بسجن يدعى “الرشيد”، ويقول الأسير المغربي في هذا الإطار: “كنا 5 عساكر وميكانيكيين وأنا ضابط، وبما أنني أعلى رتبة منهم، فقد نلت حصة الأسد من الضرب”.
المصدر: العمق المغربي