اخبار المغرب

طاي طاي تدعو إلى العناية بالحكواتيين لصون الرواية الشفهية المغربية من الزوال

رغم تطوّر وسائل التواصل بين الناس خلال العقدين الأخيرين بفضل تكنولوجيا الاتصال الحديثة، ما زال الموروث الشفهي حاضرا في الساحة المغربية، وتسعى المملكة إلى الحفاظ عليه، في إطار ورش الحفاظ على الرأسمال المادي وغير المادي.

وتقود نجيمة غزالي طاي طاي، كاتبة الدولة السابقة المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية، تجربة متميزة في هذا المجال، من خلال مهرجان “مغرب الحكايات”، والدورات التدريبية التي توفرها المؤسسة الساهرة على تنظيم المهرجان، والتي مكّنت من تكوين مئات الحكواتيين، كبارا ومن الجيل الصاعد، خلال السنوات الأخيرة.

ومن خلال تجربتها في الإشراف على تكوين رواة الحكايات في عدد من منصّات الحكي الشفهي الشعبي، مثل جامع الفنا بمراكش، وساحة الهديم بمكناس، وباب سيدي عبد الوهاب بوجدة… تنظر طاي طاي إلى مستقبل الثقافة الشفوية نظرة تفاؤل، مبرزة أن المغرب “ما زال يمارس فنّ الرواية الشفهية، على غرار باقي بلدان إفريقيا التي ما زالت تحتفظ بهذه الممارسة إلى الآن.

وبالرغم من ذلك، نبهت طاي طاي، في حديث لهسبريس، إلى أن التغير الذي طرأ على نمط حياة الناس، وتوسع نطاق استعمال القنوات الرقمية في التواصل، يستدعي إيلاء مزيد من الاهتمام للموروث الشفهي، حفْظا له من الزوال، وذلك من خلال العناية برواد الحلقة، وتمكينهم من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية التي تضمن لهم العيش الكريم.

ويضفي استمرار حضور رواة الحكاية في الساحات نوعا من الاطمئنان إزاء وضعية الموروث الشفهي الشعبي في المغرب، غير أن هذا الاطمئنان يتبدد عند التطلع إلى المستقبل، والتساؤل ما إن كان هناك جيل جديد من الرواة قادر على ملء الفراغ الذي سيخلفه الرواة الحاليون عندما يتوارون عن الأنظار.

هذا السؤال يُخلف نوعا من القلق لدى نجيمة غزالي طاي طاي، تعبّر عنه بقولها: “تقول الحكمة الإفريقية: {عندما يموت راوٍ تحترق مكتبة}، وهذا صحيح، ولذلك علينا أن نعيد الاعتبار لرواتنا الباقين على قيد الحياة، وأن نكوّن رُواة جددا من أجل ضمان استمرارية الحكاية”.

وبينما يرى البعض في توثيق الحكايات حلّا لإبقائها حيّة، فإن هذا التوجه يثير حفيظة كاتبة الدولة السابقة المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية، إذ أن من شأن تدوين الحكاية أن يُفقدها قيمتها، على اعتبار أن اللغة التي رُويت بها ليست هي اللغة التي ستُكتب بها.

وتؤيد المتحدثة ذاتها تسجيل الحكايات، سمعيا وبصريا، وخلق مكتبات رقمية تُوضع فيها التسجيلات كما سُجلت على ألسن الرواة، من أجل الحفاظ عليها كما رُويت.

وأوضحت طاي طاي، التي راكمت تجربة ممتدة لأربعين عاما من البحث في كل ما له صلة بالحكاية، وتكوين الرواة، أن الموروث الشفهي الذي تزخر به القارة الإفريقية كان يُنظر إليه في السابق بنظرة دونية ويتم التعاطي معه بنوع من التنقيص من قيمته والتحقير، “والآن أصبح هذا الموروث كنزا يساهم في التنمية المستدامة وفي رقي المجتمعات”.

وأضافت أن الموروث الثقافي الشفهي يُعد جسرا للتواصل والتقارب بين الشعوب، ولتمرير قيَم المحبة والتسامح، بينما كان دوره في الزمن الماضي محصورا على نقل القيم إلى الأجيال الصاعدة.

وأردفت المتحدثة ذاتها بأن إفريقيا معروفة بالثقافة الشفهية كأداة للتواصل بين سكانها، مبرزة أن الموروث الشفهي لم يعد يقتصر فقط على الترفيه، بل أصبح الآن يُدّرس في مدّرجات الجامعات، ويستخدم في المدارس كوسيلة للتعليم وتربية الأطفال، ويواكب العصر الرقمي.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *