يتفاجأ الرأي العام المغربي، من حين إلى آخر، بمواعيد طويلة للعلاج تحددها إدارة مستشفيات عمومية خلال تدبيرها لملفات مرتفقيها المرضى؛ مما يثير انتقادات وتساؤلات مختلفة بشأن الأسباب التي تقف وراء هذه الوضعية، لا سيما إذا تعلق الأمر بحالة مستعجلة.

وعاد النقاش حول هذا الموضوع ليشتد بعد تسليم موعد خاص بالاستفادة من الفحص بالأشعة السينية (السكانير) إلى إحدى المرتفقات من لدن المستشفى الإقليمي ابن باجة بتازة، حُدد في العشرين من شهر أبريل 2027؛ وهو ما برره مديره بـ”إكراهات مرتبطة بكثرة الطلب والخصاص في الأطر الطبية المتخصصة”.

على إثر ذلك، وجه أحمد العبادي، النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية، سؤالا إلى أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، بشأن “التدابير اللازمة لضمان فعلية الحق في الولوج إلى العلاج بالنسبة لجميع المغاربة على قدم المساواة”.

وسبق للقطاع الوصي على شؤون الصحة بالمغرب أن عمل بمبادرة “صفر موعد للعمليات الجراحية بالمؤسسات الاستشفائية العمومية”، والتي كانت تشمل القيام بحملات طبية على مستوى جهات المغرب، وبغرض تقريب الخدمات وتقليص مواعيد الانتظار.

وخلال السنتين الأخيرتين، اعترف الوزيران أمين التهراوي وخالد آيت الطالب بوجود تأخر في مجموعة من مواعيد العلاج بالمستشفيات العمومية، حيث ذكرا أن متوسط مدة الاستفادة من خدمة التصوير الإشعاعي تصل إلى 51 يوما؛ فيما يصل متوسط المدة اللازمة للاستفادة من الاستشارة الطبية المتخصصة إلى حوالي 43 يوما.

تفاعلا مع الموضوع، سجل مصدر طبي مسؤول بجهة الرباط سلا القنيطرة أن “الملاحظات المثارة بشأن مواعيد العمليات والتدخلات الطبية بالمغرب تقتصر عادة على الحالات غير المستعجلة، والتي يمكن أن تصل إلى أشهر عديدة؛ وهو الأمر نفسه بالنسبة للمستشفيات البريطانية وحتى الكندية؛ بمعنى أن الأمر لا يقتصر على المغرب لوحده”.

وأوضح المصدر ذاته أن “المغرب يعتبر من بين الدول التي تمنح مستشفياتها مواعيد قريبة بالنسبة للعمليات غير المستعجلة، رغم كل ما يتم تداوله”، مؤكدا “عدم إمكانية رفض المستشفى التعامل مع حالة مستعجلة وحرجة، إذ من المؤكد أنها ستجد طريقها إلى غرف العمليات، ولو اقتضى ذلك تحويلها إلى مستشفى آخر بالبلاد”، متابعا: “نتحدث، هنا، عن الحالات المستعجلة. أما غير المستعجلة، فطريقة التعامل معها مغايرة”.

وزاد شارحا: “يحدث كل هذا رغم الخصاص الفظيع والمهول الذي تعاني منه المستشفيات الوطنية من جانب الأطر البشرية، حيث لم يتم النجاح بعد، منذ حكومة إدريس جطو، في تأمين العدد الكافي منها، في ظل وجود دول أوروبية تستقطب نسبة مهمة من خريجي كليات الطب ومعاهد التمريض وتقنيات الصحة”.

ولم ينكر المسؤول ذاته الارتباط غير المباشر لعملية تحديد المواعيد بالنسبة للعمليات غير المستعجلة بحجم الإقبال المكثف على المستشفيات العمومية من قبل المواطنين، حيث أكد أن “الضغط يلعب دورا أساسيا في هذه المسألة”.

وإذا كان الأمر هكذا بالنسبة للمحسوبين على القطاع الصحي بالمغرب والذين خبروا شؤونه الداخلية، فإن الأمر مغاير لدى فعاليات حقوقية وجمعوية تتابع باستمرار واقع قطاع الصحة، حيث تعتبر أن “تحديد مواعيد طويلة في الحالات المستعجلة، كشهرين وثلاثة أشهر وحتى عام على سبيل المثال، يتعارض مع الحق في الصحة”.

وقال علي لطفي، رئيس الشبكة الوطنية للحق في الصحة والحق في الحياة، إنه “يتم التذرع عادة بمحدودية التجهيزات المتوفرة داخل غرف العمليات أو الفحص، أو بقلة عدد الأطباء؛ وهو أمر غير مقبول، في نهاية المطاف”.

وأكد لطفي، في تصريح لهسبريس، أن “إشكالية تأخر مواعيد العلاجات بالمغرب تطرح مشكلين أساسيين؛ فهي من جهة تدفع المواطنين إلى اللجوء إلى القطاع الخاص الذي اكتسح السوق الوطني، ومن جهة ثانية فإنها تدفعهم إلى التعايش مع ما يعانون منه من أمراض”.

وسجل المتحدث ذاته أن “هذا الأمر يعتبر نتيجة لسوء التدبير والحكامة اللذين يميزان عددا من المستشفيات العمومية بالمغرب، في ظل المشاكل الذاتية التي تعاني منها، لا سيما قلة الموارد البشرية التي لم يتم حلها بعد”.

المصدر: هسبريس

شاركها.