اخبار المغرب

ضعف التمكين الاقتصادي للمغربيات.. عقلية المجتمع سبب ومهن المستقبل حل

تُقر الحكومة بالفشل في تحسين المؤشرات المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للمرأة رغم الجهود المبذولة منذ سنوات، وهو ما يضيع على المغرب نقطة واحدة من الناتج الداخلي الخام.

في آخر مرور لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أمام البرلمان في الجلسة الشهرية، الاثنين الماضي، أشار إلى أنه “على الرغم من المكتسبات الحقوقية للمرأة المغربية خلال العشرين سنة الأخيرة، لم تتمكن بلادنا، للأسف، من تحسين المؤشرات المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للمرأة”.

وأعطى أخنوش المثال بمؤشر الفوارق المبنية على النوع الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، موردا أن المغرب يوجد في المرتبة 144 على الصعيد العالمي، فيما تشير نسخة 2023 إلى ترتيبه في المركز 136 من أصل 146.

وفقاً للأرقام الرسمية، تراجعت نسبة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي من 23.4% خلال سنة 2010 إلى أقل من 20% سنة 2021، وهو ما يضيع على المملكة نقطة واحدة من الناتج الداخلي الخام، ما يمثل حوالي 13 مليار درهم سنوياً.

ويتجلى من المعطيات أن ستًّا من كل عشر نساء في المغرب يصلن إلى التعليم الابتدائي، واثنتين فقط من كل عشر نساء يلجن إلى سوق الشغل، في حين تحصل امرأة واحدة فقط من كل عشر نساء على أجر مقابل عملها، والباقي عمل غير مؤدى عنه، سواء في البيت أو الحقل.

رهان التمكين الاقتصادي

ابتسام عزاوي، دكتوره نائبة برلمانية سابقة مهتمة بموضوع التمكين الاقتصادي للنساء، قالت إن “المغرب لم يربح رهان التمكين الاقتصادي رغم كل الجهود المبذولة، حيث تثير عدد من المؤشرات قلقاً كبيراً بشأن وضعية المرأة”.

وأضافت عزاوي، في حديث لهسبريس، أن نسبة المؤسسات والمقاولات التي ترأسها نساء لا تتجاوز 16 في المائة، كما أن هناك تراجعاً في نسبة ولوج النساء إلى سوق الشغل المهيكل إلى أقل من 20 في المائة سنة 2022، وهو ما يجعلهن أكثر هشاشة وعرضة لفقدان الشغل حين تكون هناك أزمات.

وعن أسباب هذا الوضع، ردت عزاوي بأنها “متعددة وتنتج صعوبة في ولوج المرأة إلى سوق الشغل”، واقترحت في هذا الصدد حلولاً، عبر اعتماد المقاربات المحلية والجهوية، من خلال دعم التعليم وتمكين النساء من المهارات الحديثة المطلوبة في سوق الشغل لمواكبة المهن التي ستظهر مستقبلاً.

كما شددت الباحثة ذاتها على أهمية المواكبة الحقيقية للمرأة من خلال البرامج الحكومية التي يتم إطلاقها لفائدة النساء، وتوفير دعم حقيقي لولوجهن إلى التمويلات بشروط تفضيلية لدعم المبادرة المقاولاتية، ناهيك عن تحسين الخدمات العمومية، مثل النقل، وتعزيز ظروف العمل.

وأثارت المتحدثة أيضا ضرورة “تحقيق التقائية حقيقية وواقعية بين برامج وسياسات القطاعات الوزارية، والقيام بعمليات التقييم والتقييم المستمر للمشاريع التي يتم إطلاقها لتحسين الأداء، والاستفادة من التجارب وتحقيق النتائج المنشودة”.

يوسف كراوي فيلالي، خبير اقتصادي رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، يرى أن “ضعف مشاركة المرأة في الاقتصاد مرتبط بعقلية المجتمع المغربية وثقافة الأسر؛ لأن هناك بعض المهن لم تنفتح على النساء وما زالت حكراً على الرجال، وهذا ينتج عنه انحصار مشاركة المرأة في قطاعات محدودة”.

وقال كراوي، في تصريح لهسبريس، إن “النساء المغربيات يحضرن في قطاعات مثل الخدمات والسياحة، لكن حضورهن يبقى ضعيفا في عدد من القطاعات ذات المساهمة الكبيرة في الاقتصاد المغربي رغم وجود كفاءات كبيرة في صفوفهن”.

وذكر الخبير الاقتصادي ذاته أن “من الناحية الكمية، الرجال هم المسيطرون على مناصب الشغل التي يخلقها الاقتصاد”، وأشار إلى أن “رفع مساهمة المرأة في سوق الشغل يستدعي تشجيع الانفتاح على قطاعات مثل الصناعة والزراعة، وبالتالي رفع إنتاجيتها”.

عرضة للبطالة

في تقرير صدر عام 2014، قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن النساء متمركزات في الأنشطة ذات المردودية والقيمة الضعيفة في سوق الشغل، كما يعانين من التمييز على مستوى الأجور، وكلما تابعن تعليمهن يكن أكثر عرضة للبطالة.

وأكد المجلس، في تقريره، أن الإصلاحات الدستورية والمعيارية مكنت من إحراز تقدم في مجال مساهمة المرأة في التنمية، لكن فعليتها تبقى غير كافية في ظل غياب رؤية واضحة للتحقيق الفعلي للمساواة بين الجنسين على المستويات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وتعتبر المساواة بين النساء والرجال في الحياة الاقتصادية حقاً من حقوق الإنسان، كما تساعد على تحقيق النمو الاقتصادي؛ فعلى الرغم من أن النساء يمثلن أكثر من نصف السكان في العالم إلا أن المعيقات التي تحول دون مشاركتهن في النشاط الاقتصادي تشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الازدهار المشترك والنمو.

الولوج المحدود للنساء إلى مناصب المسؤولية واتخاذ القرار يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، كما أن الدراسات تشير إلى أن المقاولات التي تتضمن مجالسها الإدارية أعضاء من النساء تسجل أداء ماليا جيدا في المتوسط.

ويتجلى من دراسات عدة حول التأثير الماكرو اقتصادي الناتج عن انعدام المساواة بين النساء والرجال أن هناك اختلافات في السلوك المتعلق بالإنفاق والاستهلاك؛ فالنساء يملن إلى تخصيص نصيب أكبر من موارد الأسرة لتلبية الاحتياجات الأساسية وتطوير إمكانات تأهيل الأبناء، كما يفضلن الادخار والاستثمار في ممتلكات مستدامة.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *