ضعف التساقطات الثلجية يقصم ظهر السياحة الجبلية.. وأسعار الخدمات ترتفع
“إقبال ضعيف وملحوظ” سجّلته المناطق التي تعرف تساقطات ثلجية سنوية لافتة، خصوصا ميشليفن وإفران وأوكايمدن، التي ظلت تتزين سنويا بالبياض كـ”عنصر جذاب” يستقطب المغاربة الباحثين عن متع التزحلق على الجليد والاستمتاع بالمناظر الجبلية الطبيعية. ويأتي “ضعف الإقبال” نتيجة عدم تسجيل كميات مهمة من التساقطات الثلجية هذه السنة خلال أشهر دجنبر ويناير وفبراير، وهي الفترة التي كانت تعرف تدفقاً كبيراً للسياح.
المهنيون وجدوا أن الشهور الثلاثة المذكورة كانت “عصيبة ماديّا ومعنويّا، بالنظر إلى هشاشة القطاع السياحي وتأثره التلقائيّ بأي طارئ مناخي أو أمني قد يحدثُ في العالم”، وأكدوا أن الوضعية صارت “مقلقة” أمام “غياب البديل بالنسبة للعديد من العاملين في القطاع”، لكن “اكتفاء المناطق الجبلية سالفة الذكر بالسياحة الثلجية وعدم تأهيل أشكال أخرى من السياحة: الثقافية والاستكشافية إلخ، عمّق أزمة الفاعلين”، بتعبيرهم.
“ضربة قاصمة”
محمد الديش، رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، قال إن “التراجع الذي تشهده التساقطات الثلجية أثر بشكل كبير على السياحة الرياضية والاستكشافية بمناطق الأطلس عموما، كما أثر إجمالاً على المناطق الرّطبة”، مؤكداً “الضرر الذي لحق بجاذبية هذه المناطق، لكونها كانت في السنوات السابقة خلال شهور دجنبر ويناير وفبراير وجهة أساسية للسياحة الداخلية تحديدا، وحتى الخارجية، نظرا للعرض المتميز الذي تقدمه للزوار”.
الديش وضّح في تصريحه لهسبريس أن “هذه الوضعية تشكل أيضا تراجعا في الدخل وستكون ضربة قاصمة للاستقرار، نظرا لكون الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية متماسكة في ما بينها”، مقرّا بـ”جودة الخدمة التي كانت تقدم في السابق والتي شكلت فرصة للاستثمار بالنسبة للساكنة المحلية، غير أن الوضع يبرز تأثر المناطق الجبلية أكثر في ظل ما تعيشه الطبيعة من تبدّلات”.
وأضاف المتحدث قائلا: “الثروة الحيوانية والوحيش والتنوع البيولوجي أيضا تشهد نوعا من التفكك والضرر، نظرا لغياب محفزات الاستقرار الطبيعية التي تشكل إغراء للكائنات الحية للاستقرار، وبالتالي تمكين الباحثين عن هذا التنوع لالتقاط صور له من التوفر عليها” مستبعدا “إمكانية الحديث عن ذلك بالوفرة القديمة نفسها؛ فالتغيرات المناخية صارت بالفعل مقلقة تفرض منطقاً لم نكن مستعدين له جيدا”.
ولفت رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل إلى “الأثر النفسي الذي كان التزلج والاستمتاع بالمناطق الطبيعية يمنحه للزوار من مدن مغربية مختلفة”، بيد أن “انحباس الثلوج هذه السنة سيساهم أيضا في هدر العديد من فرص الشغل الموسمية التي كانت تنتعش في هذه الفترة بالذات سنويا. حتى خدمة الإيواء تعرف حركية لافتة، وهو ما صار صعباً الحديث عنه أمام غياب الثلوج بالكمية السابقة نفسها، ونحن نتذكر مثلا كيف كانت الثلوج مستقرة في الأعالي حتى صيفاً”.
قطاع هش وحيوي
عبد الله الحريزي، مهني صاحب منتجع سياحي، اعتبر أن “التراجع الذي تعرفه مناطق الأطلس والسياحة الجبلية عموما يؤكد هشاشة القطاع السياحي، الذي يمكن أن يتأثر بأي طارئ، سواء لأسباب بشرية مثل الحروب والتصدعات والتوترات الأمنيّة، أو مناخية مثلما هو الحال بخصوص تراجع التساقطات الثلجية”، وأوضح أن “هذا الوضع كان ومازال صعبا بالنسبة للمهنيين في المجال السّياحي، رغم حيوية القطاع بالنسبة للاقتصاد الوطني”.
وأشار الحزيري، ضمن توضيحات قدمها لهسبريس، إلى “وصول ضعف الإقبال إلى نسبة 98 في المائة، وهو ما جعل المهنيين يواجهون صعوبات دفعتهم إلى رفع أسعار المبيت، لكون المداخيل لا تعبّر عن التكاليف التي يحتاجها البنزين والكهرباء والماء والتدفئة والتغذية”، لافتاً إلى “الضعف الذي عرفته أيضا الجولات السياحية التي كان سكان المدن القريبة يقومون بها ويخلقون حركية لدى المرشد السياحي الذي تتشكل مداخيله حصرا من هذه الخدمة”.
واعتبر المتحدث ما تعرفه الخدمات السياحية نتيجة انحسار الثلوج، “كسادا”، مستحضرا السنوات الخوالي “حين كان الثلج يتساقط أربع مرات أو أكثر بين أكتوبر وفبراير، إلاّ أننا الآن في الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الثاني من السنة ومازالت الوضعية كارثية”، وزاد: “السياحة الشتوية هذه السنة جد ضعيفة، والفنادق والمآوي والمطاعم تواجه صعوبات اقتصادية جمّة يصعب التعامل معها أو تدبيرها، وهذا الوضع يقلقنا كمهنيين”.
المصدر: هسبريس