ضعف آليات مكافحة الفساد يُسبب احتقانا اجتماعيا وتعثرا للاستثمار
سجلَّ رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، “ضعف” الآليات والمؤسسات المعنية بمكافحة آفة الفساد بالمغرب، معتبرا أنها تشكل “عائقا حقيقيا أمام الإستثمار والتنمية والمواطنة”، وأن ذلك يساهم في الشعور بالقلق وعدم الشعور بالرضا والاحتقان الاجتماعي.
كلام الغلوسي جاء في رسالة مفتوحة، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منها، وجهها لكل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، والرئيس الأول لمحكمة النقض.
وقال الغلوسي إن الفساد والرشوة يشكل عائقا حقيقيا أمام الاستثمار والتنمية والمواطنة الحقة، ويهدر كل الفرص للالتحاق بركب الدول المتقدمة ويقوي كل مشاعر الغضب والاحتقان الاجتماعي.
وأشار الغلوسي إلى أن هناك تقارير كشفت بأن ملفات الفساد تستنزف ما يقارب 5% من الناتج الداخلي الخام، معتبرا هذا الرقم “يسائل كل الآليات والمؤسسات المعنية بمكافحة آفة الفساد وفي مقدمتها السلطة القضائية التي يقع على عاتقها تجسيد مفهوم سيادة القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة على أرض الواقع”.
وأضاف المتحدث أن الشعور بالقلق وعدم الرضا “يتزايد يوما بعد يوم لدى الرأي العام حول تعاطي القضاء مع ملفات وقضايا الفساد ونهب المال العام”، مشيرا إلى أن هذا الشعور مرده إلى “طبيعة القرارات ونوع الإجراءات والأحكام ذات الصلة بقضايا الفساد المالي”.
واسترسل رئيس “حماة المال العام” أن هذا الوضع “يترجم الحاجة الموضوعية والملحة إلى دور أكثر نجاعة للسلطة القضائية في مواجهة كل مظاهر الفساد والانحراف في استعمال السلطة والمراكز الوظيفية من أجل مصالح ذاتية ضيقة ومراكمة الثروة بطرق غير مشروعة على حساب المصالح العليا للوطن”.
وأوضح الغلوسي إن هناك مؤشرات “توجد في الواقع” تكشف هذه المعطيات، من قبيل استغراق ملفات فساد أمام البحث التمهيدي لدى الشرطة القضائية المختصة وقتا طويلا دون أن تظهر نتائجها لحدود الآن، إضافة إلى الملفات الموجودة على مكاتب النيابة العامة لمدة طويلة دون أن يتخذ بشأنها أي قرار رغم انتهاء البحث التمهيدي.
وزاد الغلوسي أن أغلب المتابعات القضائية، تتم في حالة سراح رغم خطورة الأفعال المرتكبة ومساسها بالمجتمع برمته والنظام العام، وتقتصر على موظفين صغار ومنتخبين دون أن تمتد لمسؤولين كبار، ما يشكل تمييزا واضحا في إعمال القانون
كما سجل الغلوسي، أن الأحكام القضائية الصادرة في هذا الإطار “مخففة ولا تتناسب مع خطورة الأفعال الجنائية المتعلقة باختلاس وتبديد المال العام والرشوة والتزوير وغيرها، كما أن صدور هذه الأحكام يستغرق سنوات وهو ما يعتبر هدرا للزمن القضائي”.
وأشار إلى أن هناك ملفات فساد أمام محكمة النقض لمدة طويلة دون أن تتخذ هذه الأخيرة قرارات بخصوصها، وهناك ملفات استغرقت خلال مراحل التقاضي ما يقارب خمسة عشرة سنة إلى حد أن بعض المتهمين ولطول المساطر والإجراءات قد وافته المنية قبل أن ينال الجزاء.
ونبه الغلوسي إلى عدم اتخاذ قرارات تتعلق بالعقل الإحتياطي لممتلكات المتهمين المتورطين في قضايا الفساد والرشوة كمقدمة لمصادرتها، وهو ما يعطي فرصة للمتهمين من أجل تفويتها أو التحايل على القانون بشأنها قبل صدور الأحكام القضائية النهائية.
المصدر: العمق المغربي