في خطوة جديدة تعكس استمرار مسلسل تحديث الترسانة العسكرية للمملكة، أعلنت شركة “إيرباص” عن توقيع فرعها “إيرباص هليكوبترز”، في دبي، عقداً مع المغرب لاقتناء عشر مروحيات من طراز “H225M”، لفائدة القوات الملكية الجوية.

وأوضحت الشركة في بيانها أن هذه المروحيات الحديثة “ستجهّز لمهام البحث والإنقاذ القتالي، وسيتم تشغيلها من قبل القوات الملكية الجوية، لتعويض مروحيات Puma الحالية التي قضت أكثر من 40 سنة في الخدمة”.

التحديث الشامل

وفي قراءته لخلفيات هذه الصفقة وضع محمد شقير، الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، هذا القرار في سياق التحديث الشامل، موردا: “إن هذه الخطوة تدخل في إطار ما يمكن تسميته تجديد أسطول المروحيات الذي يمتلكه المغرب؛ ففي هذا الإطار يحاول تعويض المروحيات القديمة بهذه المروحيات الجديدة التي تتميز بطبيعة الحال بمجموعة من المزايا، سواء في عمليات الإنقاذ أو غيرها”.

وأضاف شقير، موضحاً البعد الإستراتيجي للصفقة ضمن تصريح لهسبريس: “هذا يدخل إذن في إطار السياسة العامة لتسلح المغرب، سواء من خلال تجديد بعض المعدات العسكرية، أو اقتناء أحدث العتاد العسكري، خصوصاً في ما يتعلق بالمجال الجوي. وعليه فإن هذه المروحيات تأتي بطبيعة الحال، إضافة إلى اقتناء مروحيات ‘الأباتشي’ وغيرها، لتصب أيضاً في هذا الإطار”.

من جانبه قدم المحلل السياسي والخبير الدولي في إدارة الأزمات البراق شادي عبد السلام تحليلاً مفصلاً لأبعاد هذه الصفقة، مؤكداً في مستهل حديثه أن “استلام المملكة المغربية 10 مروحيات إيرباص H225M متعددة المهام يندرج في إطار التنزيل الفعلي والدقيق من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية للرؤية الملكية المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية”.

وأشار البراق، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن هذه الرؤية “تهدف إلى تحديث وتقوية القدرات التسليحية والقتالية والعملياتية للقوات المسلحة الملكية، وتعزيز جاهزيتها لردع ومواجهة مختلف التهديدات والمخاطر الأمنية الإقليمية، في ظل التحديات والمتغيرات الجيوسياسية الكبرى التي يعرفها العالم”.

وفي ما يتعلق بالبعد الدبلوماسي والأمني للصفقة أوضح المتحدث ذاته أن “استقدام مروحيات إيرباص H225M يأتي في إطار سياسة تنويع الشراكات الإستراتيجية للمملكة، بما يشمل العلاقات القوية والفاعلة مع الشركاء الأوروبيين”.

وأردف الخبير نفسه: “يدعم هذا التوجه المغربي سياق التعاون الدفاعي الشامل الذي يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وخاصة في المناطق الإستراتيجية مثل الساحل الإفريقي والصحراء الكبرى والواجهة المتوسطية. هذه المروحيات تساهم في تعزيز قدرة القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي على تأمين المصالح الإستراتيجية والمساهمة في ميكانيزمات السلم والأمن في إفريقيا، وهو دور محوري يُؤكد عليه باستمرار في مختلف منصات الحوار الإستراتيجي الإقليمي والدولي”.

تعزيز الأمن والدفاع الإقليمي

وعن القدرات العملياتية أكد البراق أن “استقدام مروحية الدعم والبحث والإنقاذ المتقدمة من طراز إيرباص H225M يعكس القرار السيادي المغربي بتعزيز قدرات القوات المسلحة الملكية، بما يسهم في تعزيز الأمن والدفاع الإقليمي”، واستطرد في شرحه للمزايا التقنية: “تمنح هذه المروحيات المتطورة المغرب قفزة نوعية في إمكانيات تنفيذ عمليات متعددة المهام، تشمل المهام العسكرية والأمنية، مثل البحث والإنقاذ القتالي (CSAR)، ومكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للقارات (بما في ذلك الهجرة السرية، والاتجار بالبشر، والإرهاب، والتهريب) والمهام الإنسانية: مثل الإخلاء الطبي والإغاثة والمواجهة الفعالة لتداعيات المخاطر المناخية”.

كما نوه المحلل ذاته بأن “هذه المروحيات، التي تشغلها القوات الملكية الجوية والدرك الملكي، ترفع من مستوى الدعم والإسناد الذي يمكن تقديمه لمختلف القوات البرية والبحرية، وتضمن فعالية العمليات في سياق المناورات التكتيكية وتأمين الأفراد”.

وفي تفصيله لأدوار المروحية الميدانية أشار المتحدث إلى أنها “تستخدم لتنفيذ عمليات دعم لوجستي واسعة النطاق، ونقل تكتيكي للقوات الخاصة، وتنفيذ مهام مركزة تُسهم في تحييد التهديدات وتعزيز السيطرة العملياتية، فضلاً عن دورها الحاسم في تأمين المنشآت العسكرية المتقدمة وضبط الحدود”، واصفاً إياها بـ”مضاعف القوة”، إذ قال: “تُعد هذه المروحية مُضاعف قوة بفضل قدرتها على توفير الدعم والإسناد السريع في ظروف جوية متنوعة، ما يجعلها فعالة في مختلف السيناريوهات القتالية والإنسانية؛ كما أن إدراجها يُسهم في تحقيق مرونة العمليات وتنفيذ مهام النقل والدعم من مسافات قريبة أو في عمق الميدان”.

وتابع البراق تحليله بالإشارة إلى دلالات الصفقة المستقبلية، موردا: “تعكس هذه الخطوة التزام المغرب بحماية سيادته وتعزيز دوره كفاعل رئيسي في المعادلة الأمنية والعسكرية في إفريقيا والفضاء المتوسطي والواجهة الأطلسية، بفضل منظومة جوية حديثة ومحصنة”، وأبرز في ختام تصريحه أن “صفقة مروحيات H225M تشير إلى ثقة الحلفاء والشركاء في المملكة، خاصة في مجال نقل التكنولوجيا والدعم اللوجستي، وهو ما يتجسد في خطة إنشاء مركز إقليمي للصيانة والإصلاح (MRO) داخل المغرب”، خالصا إلى أن “هذا المركز، الذي من المقرر أن يدعم أسطول مروحيات ‘إيرباص’ العاملة لدى القوات الملكية الجوية، والبحرية الملكية، والدرك الملكي، يؤكد على الطبيعة المؤسساتية والشمولية لتحديث القدرات الجوية بالمملكة، ويعزز من مكانتها كقوة إقليمية فاعلة وموثوقة تسعى إلى تحقيق عمق إستراتيجي واستدامة العمليات لجميع فروعها الأمنية والدفاعية”.

المصدر: هسبريس

شاركها.