علمت هسبريس، من مصادر جيدة الاطلاع، بأن عناصر المفتشية العامة للمالية باشرت عملية افتحاص دقيقة لصفقات أبرمتها مؤسسات ومقاولات عمومية عبر “سندات الطلب” (Bons de commande)، بناء على مؤشرات اشتباه وردت في تقارير افتحاص داخلية (Audit interne) للمؤسسات المذكورة حول تلاعبات في تدبير هذه الفئة من الصفقات وإرسائها على شركات بعينها، رغم تقديم أخرى منافسة عروض أثمان أقل.

وأوضحت المصادر ذاتها أن عمليات الافتحاص الجارية كشفت عن اختلالات خطيرة، من خلال تشطير صفقات عمومية وتفريخ “سندات طلب” على مقاس شركات “محظوظة”.

وأفادت مصادر بأن مفتشي المالية طلبوا وثائق ومستندات من مقاولة ومؤسستين عموميتين بخصوص صفقات مشبوهة أبرمتها خلال السنة الماضية، في سياق افتحاص وجرد شامل للمعاملات المالية المنجزة من قبلها ومقارنتها مع محاضر التأشير بالصرف الواردة عليها.

وأكدت المصادر جيدة الاطلاع أن مهام التفتيش انصبت كذلك على التحقق من مدى احترام الجهات صاحبة المشاريع لمقتضيات مرسوم الصفقات العمومية، خاصة ما يتعلق منها بضرورة نشر إعلان الشراء بواسطة “سند طلب” في بوابة الصفقات العمومية وفتح باب التنافس بين العارضين ومنح السند لصاحب العرض الأقل ثمنا.

وشددت المصادر نفسها على توجيه استفسارات لمصالح المشتريات والصفقات بالوحدات موضوع التدقيق، من أجل تبرير أسباب إرساء “سندات” على مقاولات قدمت عروض أثمان أعلى من منافساتها.

ولفتت مصادر إلى أن المفتشين توقفوا عند حالات إفراط في اللجوء إلى “سندات طلب” من أجل تنفيذ أشغال والتزود بتجهيزات من قبل مؤسسات ومقاولات عمومية، خصوصا بعد رفع قيمة هذه السندات من 200 ألف درهم إلى 500 ألف (50 مليون سنتيم).

وأوضحت أن التدقيق ركز على تورط مسؤولين وموظفين عموميين وردت أسماؤهم في شكايات مرفوعة من قبل مقاولات متضررة ومقصية من صفقات عمومية طالتهم شبهات استغلال الهامش القانوني المذكور لتفويت صفقات لشركات تربطهم بها علاقات مصالح ومنافع متبادلة.

وأبرزت مصادر هسبريس أن مهام الافتحاص الجارية شملت صفقات بلغت قيمتها أكثر من 130 مليون درهم، جرى تفتيتها وتجزئتها لتجنب خضوعها لمسطرة طلبات العروض وتمريرها في إطار “سندات طلب” بما يخالف القوانين الجاري بها العمل.

وكشفت المصادر جيدة الاطلاع عن رصد خروقات في تدبير “سندات طلب”، أبرزها غياب لجنة مختصة تعنى بانتقاء المتنافسين ومراقبة مدى مطابقة الخدمات للمواصفات الواردة في الإعلان؛ وهو ما اعتبره مفتشو المالية خرقا للمقتضيات القانونية المنظمة للصفقات العمومية، وسجلوا بشأنه ملاحظات في تقاريرهم.

وأكدت مصادرنا أن عمليات الافتحاص امتدت لتشمل صفقات أخرى حامت حولها شبهات تواطؤ وتمكين أطراف بعينها من الفوز بها خارج إطار المنافسة، بعدما أظهرت مؤشرات مالية ومحاسبية لمؤسسات ومقاولات عمومية تعرضها لأضرار وخسائر مالية بسبب هدر تمويلات عمومية في عروض أعلى سعرا وأقل جودة.

وحري بالذكر أن المجلس الأعلى للحسابات كان قد أرجع، في مذكرة حول تنفيذ النفقات العمومية بواسطة “سندات الطلب”، غياب المنافسة الحقيقية في هذا المجال إلى ضعف نظام المراقبة الداخلية المرتبط بهذه المسطرة، بعدما سجل لجوء عدد من الجهات إلى تجزئة النفقات لتفادي سلك المساطر القانونية المرتبطة بطلبات العروض، مستغلين الطبيعة التيسيرية للسندات التي تُعد آلية استثنائية مخصصة في الأصل لتبسيط إبرام الصفقات العمومية، خصوصا لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة. وأشار مجلس العدوي إلى أن هذه الممارسات أدت إلى تحايل على مبدأ التنافس، حيث تم الوقوف على حالات يتم فيها إسناد الطلبات إلى المقاول نفسه، رغم تقديم عروض صادرة، ظاهريا، عن متنافسين آخرين تكون في الواقع عبارة عن بيانات أثمان صورية أو مجاملة.

المصدر: هسبريس

شاركها.