“صفعة الاستقلال” تعيد النقاش حول ظاهرة العنف داخل الأحزاب المغربية
أعادت الصفعة التي طبعها عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال يوسف أبطوي على خد زميله في الحزب البرلماني منصف الطوب، بعد الجدل المثار حول الترشح لرئاسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثامن عشر الذي طرحه أشرف أبرون مقابل المرشح المتوافق عليه عبد الجبار الرشيدي، موضوع العنف في اجتماعات الأحزاب السياسية وأشغالها الداخلية إلى الواجهة.
ولاقى الفيديو “الفضيحة” انتشارا واسعا في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تباينت الردود بشأنه بين ساخر وناقد لواقع السياسة والأحزاب في المغرب، الأمر الذي دفع حزب الاستقلال إلى إعلان توقيف القياديين المتورطين في الواقعة، التي أعادت إلى الأذهان صورة المؤتمر الوطني السابق الذي بات معروفا بمعركة “الصحون الطائرة” بين أتباع الأمين العام السابق حميد شباط وتيار حمدي ولد الرشيد.
جريدة هسبريس الإلكترونية تواصلت مع عالم الاجتماع أحمد شراك لقراءة الحادث وتفسيره بعين الخبير المتابع للشأن العام بالبلاد، الذي اعتبر أن ظاهرة العنف داخل الأحزاب السياسية “بين فاعلين سياسيين في مرتبة قيادية أو غير قيادية، في موقع إرسالية الوعي والتحسيس والتعبئة بقضايا الأمة ورهاناتها، تثير الاستغراب”.
وقال شراك، في حديث لهسبريس، إن ظاهرة الاشتباك بالأيادي وتبادل العنف بين فاعلين سياسيين في “مناسبات تنظيمية وتأطيرية لهذا الحزب أو ذاك أو في مناسبات تجديد هياكله الداخلية، مثيرة للاستغراب”.
وأوضح عالم الاجتماع المغربي أن الظاهرة تحتمل القراءة من زوايا عدة، من بينها أن العنف “لا يحضر عادة بين الأفراد والجماعات إلا عندما تفشل لغة الحوار ولغة الاقتناع والإقناع، أو لغة التواصل بصفة عامة”، مؤكدا أن الأمر يزداد “تعقدا وغرابة فيما يخص الفاعل السياسي، مما يعني فشل الفكر وفشل الأدبيات الحزبية ولغة التواصل في تجاوز المشكلات التنظيمية أو القضايا العالقة”.
وبين شراك أن العنف “لا يحضر إلا عندما يعتقد طرف من الأطراف المتصارعة أنه يملك الحقيقة وأن حقيقته تقتضي الدفاع عنها بكل الوسائل”، مستدركا بأن هذا الأمر “صحيح ومعقول عندما يتعلق الحال بالقضية الوطنية أو بالترامي على حقوق الوطن، لأن الحرب هي سياسة بوسائل أخرى، لكن الحيرة كل الحيرة عندما يتعلق الأمر بقبيلة سياسية واحدة، تقتات من معين فكري وسياسي واحد”، معتبرا أن هذا المعطى قد يجعل الباحث “يستبعد الأسباب الموضوعية الممكنة في حالات التوتر والصراع”.
وشدد شراك على أن هذا الصراع “لا يمكن تفسيره إلا بحضور الذاتية والرغبة في احتلال مواقع متقدمة أو استراتيجية في هياكل الحزب التي يظن بعض الفاعلين السياسيين أنهم كلما تقدموا فيها اقتربوا من المناصب”، لافتا إلى أن هذا الأمر “مشكلة ربما تحضر في مجموعة من الأحزاب، وقد نجد لها تجليات أحيانا في أحزاب الآخر”.
وزاد موضحا: “هي مشكلة تدل على أن الانتماء للحزب والنضال في صفوفه له أهداف برغماتية ذاتية، لا يحضر فيها الوطن والمجتمع إلا في درجة الصفر مع كامل الأسف”، وخلص إلى أن الناظر إلى هذه الإشكالية يجعله “يخرج بمجموعة من التصورات والرؤى، من بينها تنفير المثقفين من العمل السياسي، حيث أصبح مشوبا بقضاء المصالح والحاجات، بل والترقي الاجتماعي”.
المصدر: هسبريس