اخبار المغرب

“صرخات من الهامش”.. تاشفين: الواقع المرير بدرعة تافيلالت فرض على أبنائها الهجرة القسرية

أكد الناشط الحقوقي والباحث في سوسيولوجيا الهوية، سعيد ألعنزي تاشفين، أن ظاهرة الهجرة في المغرب، تكشف عن خلل عميق في التوزيع الجغرافي للموارد والفرص، مسطلا الضوء على نوعين من الهجرة، الأول الهجرة الداخلية نحو مناطق مغرب المركز، والثاني الهجرة الدولية التي أطلق عليها “الحريك”.

وأشار ألعنزي ضمن حلقة جديدة من برنامج “صرخات من الهامش” إلى أن الهجرة الداخلية في المغرب تتخذ منحىً أحادي الاتجاه، حيث يهاجر أبناء المناطق النائية مثل درعة تافيلالت، بني ملال، خنيفرة، وتارودانت نحو المدن الكبرى مثل الرباط، طنجة، القنيطرة، والدار البيضاء. وهذه الهجرة، حسب قوله، ليست اختيارية بل تفرضها ظروف اقتصادية واجتماعية قاسية.


وسجل المتحدث، أن من أبرز أسباب هذه الهجرة، تركز معظم البنى التحتية الكبرى في مناطق المركز، بما في ذلك المستشفيات، المصانع، الشركات، والفرص التعليمية، مشيرا إلى أن مدينة الدار البيضاء، على سبيل المثال، تحتكر 42% من الناتج الداخلي الخام، مما يضطر الشباب في مناطق الهامش للانتقال إلى المدن الكبرى لتحقيق تطلعاتهم في التعليم والعمل والعلاج. لكن في مقابل ذلك، يعاني “مغرب الهامش” من نقص حاد في البنية التحتية الأساسية، مما يفاقم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين المناطق.

وتساءل الناشط الحقوقي، سعيد ألعنزي تاشفين: “كيف يمكن أن نطلب من أبناء هذه المناطق العيش دون الحد الأدنى من الخدمات والفرص؟” مؤكدا أن هذا الوضع يخلق نوعا من الهجرة القسرية التي تُعد بمثابة تهجير حقيقي للسكان إلى المدن.

فيما يتعلق بالهجرة الدولية، تطرق ألعنزي إلى الظاهرة المأساوية التي شهدتها مدينة الفنيدق، حيث تجمع عدد هائل من الشباب الراغبين في الهجرة إلى سبتة المحتلة. وأوضح أن الصورة المؤلمة لوداع أم لابنها في عمر الـ14 عاما تُظهر اليأس الذي يعيشه الشباب في المغرب، وهو نتيجة مباشرة لفشل السياسات الحكومية في توفير فرص حياة كريمة لهم.

وقال: “الأم تودع ابنها وتقول له ‘سير الله يكمل بك بخير’، وتغامر بحياته من أجل الوصول إلى فردوس مفقود”، مؤكدا أن هذا المشهد يعكس الفشل الكبير في السياسات العمومية التي لم تتمكن من توفير البدائل المناسبة لهؤلاء الشباب.

وأشار ألعنزي إلى أن المغرب يواجه تحديا كبيرا في مجال البطالة، حيث وصلت النسبة إلى 21% وفقا للإحصائيات الأخيرة من المندوبية السامية للتخطيط. هذا يعني أن نحو 8 إلى 9 مليون مغربي من أصل 36 مليون نسمة لا يجدون عملاً، مما يخلق نوعًا من الاحتقان الاجتماعي. ورأى أن هذا الواقع يؤدي إلى تصاعد مشاعر الإحباط والفوضى التي تهدد الاستقرار الاجتماعي.

وشدد الباحث في سوسيولوجيا الهوية، أن الحل يكمن في الاستثمار في الشباب، وتوفير الفرص لهم في مناطقهم بدلاً من دفعهم إلى الهجرة أو الانخراط في أنشطة غير قانونية، مؤكدا على أهمية تأهيل العنصر البشري، مشيرًا إلى تجارب دول مثل اليابان والصين التي بنَت نهضتها الاقتصادية عبر الاستثمار في مواردها البشرية.

وأضاف: “إذا كنا نستطيع أن نستثمر في شبابنا بشكل صحيح، سنتمكن من بناء وطن قوي، لا سيما وأن الشعب المغربي، رغم التحديات، هو شعب طموح ومؤمن ببلاده”. وأكد على ضرورة إعطاء الأمل للشباب من خلال خلق بيئة ملائمة للابتكار والعمل، وإتاحة الفرص لهم للمساهمة في بناء وطنهم.

ودعا ألعنزي إلى ضرورة تغيير سياسات الدولة تجاه الهجرة وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة توزيع الثروات وتوفير الفرص في جميع أنحاء المغرب، وليس فقط في المدن الكبرى.

وأكد أن الشباب المغربي يجب أن يكون جزءًا من الحل وليس عبئًا على المجتمع، مؤكدا أنه “إذا تمكنا من إنشاء بيئة داعمة ومحفزة، يمكننا أن نحقق التقدم والازدهار الذي ينتظره الجميع”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *