“صخرة تيفيناغ” تجدد أمل العلماء المغاربة في تدقيق تاريخ منطقة الشاوية
فقرة جديدة من تاريخ المغرب ولسانه تُخطّ وتوثق بعد تحديد علماء آثار مغاربة مكان حجر عليه نقش تاريخي بـ”تيفيناغ” في إقليم سطات، ثم نقله من أجل الدراسة، بعد تعاون جمع المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث والوزارة الوصية على قطاع الثقافة.
ويأمل علماء آثار أن تساعد هذه النقيشة في توثيق مجال حضور تنويعات “تيفيناغ” بالمغرب، في أفق فك رموز الحرف، مع تأكيدهم على أهميتها في توفير “دلائل ملموسة حول تعمير المنطقة خلال الحقبة القديمة”.
عبد العزيز الخياري، أستاذ بمعهد علوم الآثار والتراث متخصص في الكتابات القديمة، قال إن ما تم تداوله سابقا حول وجود النقيشة بالجديدة غير صحيح؛ فقد حُدّد مكانها في إقليم سطات، وعاينها ووثقها ثم نقلها “فريق من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، التابع لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، يتكون من الأستاذين بالمعهد عبد العزيز الخياري ومحمد صلو، ومدير مركز التراث المغربيالبرتغالي، أبي القاسم الشبري، الذي لعب دورا مهما في الوصول إلى مكان الحجرة”.
وفي تصريح لهسبريس، ذكر الخياري أن الحجرة قد “نقلت إلى مكان آخر؛ لأنها وجدت في مكان خارج أي بناء، ويمكن أن تتعرض للنهب. لذا، وضعت في مكان آمن حتى يمكن دراستها بطريقة علمية”.
وأضاف أن “هذه وثيقة مهمة من الوثائق الكتابية القديمة، التي يمكن توظيفها في كتابة تاريخ المغرب، ليست لها خصوصية، لكنها واحدة من مجموعة من النقائش بأبجديات ليبية؛ حيث كانت أبجديات في المغرب لا واحدة، وهذه تشبه الأبجدية التي وجدت في محيطها بالدار البيضاء والمحمدية والسطات، وهذا هو المجال الثقافي والكتابي للمنطقة، ولا توجد مثل هذه الكتابة في الشمال أو الجنوب، ولو أنها أبجدية ليبية، أي تيفيناغ القديمة، فلكل منطقة خصوصياتها”.
وتابع شارحا: “آخر ما وجد بالمنطقة كان في سنة 2000، ولم يكن هناك تدخل ففقدت، وهو ما دفعنا اليوم لأخذ النقيشة حتى تدرس وتوضع في متحف بعد ذلك”.
وحول أهمية هذا الاكتشاف، قال المتحدث إن هذه “وثائق مهمة في المنطقة؛ تظهر وجود ساكنة بها في الفترة القديمة، تتداول الكتابة، وليس أي شعب يكتب، بل هذه من العناصر المهمة جدا للحضارة، ويتبين أنه منذ حوالي 2000 سنة كانت الكتابة متداولة بهذه المنطقة بين قدماء الأمازيغ، ولغتهم المتداولة هي الليبية أصل الأمازيغية، وكانت مساكن ومراكز وتجمعات سكنية يجب البحث عنها”.
وتأسف الأستاذ بمعهد علوم الآثار والتراث لكون التاريخ القديم لدكالة والشاوية “لا نعرف عنه شيئا، وكأن هذه المرحلة فارغة في الفترة القديمة”، ثم استدرك قائلا: “لكن، بمثل هذه النقائش يفتح باب كبير يطور البحث الأثري، ويفتح مجال بحث حول هذه المنطقة التي لم يوجد بعد اهتمام بالبحث في تاريخها القديم، ولو أنها مهمة جدا، ففي الفترة الإسلامية ظهرت فيها إمارة بورغواطة، دون أن يحضر في المصادر تاريخها قبل ذلك، ولو ذكرت مدن وقرى في النصوص العربية الإسلامية، إلا أنه لا بد أن تكون لها أصول في الفترة القديمة، لذا يجب أن نطور البحث الأثري في منطقة لا نعرف عنها شيئا في تاريخها القديم، رغم غناها”.
المصدر: هسبريس